أعادتني ذكري العاشر من رمضان إلي أجمل سنوات العمر التي عشتها داخل جنبات القوات المسلحة لأكثر من 8 سنوات متصلة بين مجند ومكلف ومنتدب منذ وقوع الهزيمة عام 1967 وحتي إبرام اتفاقية فك الاشتباك الثاني، وإعاة فتح قناة السوس عام 1975. تذكرت مائدة الإفطار في ذلك اليوم المجيد قبل 43 عاما بعد 5 ساعات فقط من بدء الحرب، وبدء طلائع العبور في اجتياز قناة السويس بالقوارب المطاطية، واعتلاء الساتر الترابي بالسلالم اليدوية المصنوعة من جريد النخل.. كانت الشهية مفتوحة، وزاد من لذة الإفطار وصول مندوب اللواء حسن الكاتب نائب مدير فرع الأمن الحربى إلي مكتب المتحدث العسكري ومعه رائحة الكفتة والكباب المشوي من محلات أبو شقرة، بينما كان اللواء عز الدين مختار المتحدث العسكري قد أخطرني مع العقيد عبدالحميد شداد بأنه أنهي ترتيبات إحضار إفطار لنا ولكل أفراد المكتب من صف ضباط وجنود من أحد المطاعم الشهيرة بميدان الكوربة بمصر الجديدة الذي لا يبعد سوي عشرات الأمتار عن مبني القيادة المشتركة المجاور لقصر البارون. كان هذا تقليدا رائعا عشته طوال سنوات خدمتي بفرع المعلومات بإدارة المخابرات الحربية، حيث كان شهر رمضان يمثل مرآة صادقة لقوة ومتانة العلاقات الأخوية والإنسانية داخل المؤسسة العسكرية، ولازالت مشاهد شهر رمضان في السنوات التي سبقت يوم العاشر من رمضان عام 1973 تذكرني برفاق أعطوا لهذا الوطن كل ما يملكون لكي لا يتأخر يوم العبور عن موعده، وتتوافر له كل أسباب النجاح لبلوغ النصر المنشود..أتذكر الراحلين والأحياء: اللواء محمد أحمد صادق، واللواء محرز عبدالرحمن مصطفي، واللواء محمد عبدالغني الجمسي، واللواء عز الدين مختار، والعقيد نبيل يوسف، والعقيد بحري محسن حمدي، والعقيد طيار ممتاز الجندي، والعقيد فؤاد هويدى، والمقدم عبدالحميد شداد، والمقدم فاروق لبيب، والرائد عبدالحميد محمد عبدالحميد، والعقيد طه برعي، والمقدم معتز بالله صفا، والملازمين الاحتياط حمدي مصطفي ووائل البهى وبكر الباطش.. وعذرا إذا ضاع من الذاكرة أحد، فهم جميعا من ذكرتهم ومن سهوت عنهم رجال من ذهب، وكان لدي كل واحد منهم ملفا مليئا بالأسرار عن التحضير لحرب أكتوبر، والعمليات الجسورة لضرب ميناء إيلات مرتين، وتدمير الحفار الإسرائيلي، والوصول إلي عقر دار المخابرات العسكرية الإسرائيلية وجمع أهم أوراقها.. كانت أيام. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله