زاد عددُ المسلسلات التى تتنافس الفضائيات فى عرضها على المشاهد خلال شهر رمضان 2016 على 70 عملا بميزانية تخطت مليارى جنيه . وقد استولت تلك المسلسلات على وقت المُشاهد، خاصة الشباب العاطل والصغار، على مدار الساعة، دون أن تترك له فرصة لأداء الصلاة وقراءة القرآن وصلة الأرحام، وغيرها من الغايات التى تُعطى للصوم مذاقا ولرمضان طعما، كنا نُحسه قديما وقتما كانت الأعمال المعروضة قليلة والفائدة من ورائها كبيرة ! قديما كنا ننتظرُ ما يسمى (اليوم المفتوح) يومى الأحد والخميس لنشاهد فيلما عربيا، غالبا ما كان ل (وحش الشاشة) فريد شوقى الذى أشبع المليجى ضربا، أو لإسماعيل ياسين الذى ضحكنا مع أدواره من القلب. كانت الأسرة تلتف حول التلفاز، فنستمتع جميعا صغارا وكبارا بالدفء الأسرى وبالأعمال المُمتعة التى يؤديها أبطالُ الزمن الجميل ! كانت الحياةُ بسيطة والأعمال التليفزيونية هادفة، فارتقت بذوق المُشاهد وحسه، وأتاحت له فرصة الترفيه بجانب أداء واجباته خاصة أنها لم تستغرق من يومه إلا القليل ! كُنا بعد العشاء والتراويح نُسرع الخطى للبيت نلتف حول الشاشة الصغيرة لنشاهد برنامج (دورى النجوم)، للإعلامى الراحل طارق حبيب، حيث يتنافس فريقان يطرح عليهما مُقدم البرنامج عدة أسئلة نحقق بمعرفتها مع نهاية الشهر ثروة معرفية . كانت الدراما التى حرص التليفزيون على عرضها خلال ذلك الشهر الفضيل فى الزمن الجميل إما اجتماعية تغرس قيما، وتؤصل مبادئ وتُبرز معانى إنسانية غابت فى مسلسلات اليوم الكثيرة، أو دراما وطنية تنمى روح الوطنية والفداء، أو دينية تتناسب مع روح الشهر! كانت المسلسلات الدينية التى يعرضها التليفزيون فى شهر رمضان قليلة العدد كثيرة الفائدة، شارك فى بطولتها ممثلون أفذاذ مثل المُبدع الراحل عبد الغفار عودة صاحب الصوت القوى والأداء المتميز ! كان صوت رشدى وقنديل وياسمين الخيام فى تتر مسلسلات: الكعبة المشرفة، ولا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، يُضفى على قلوبنا طمأنينة وسكينة لم نعد نحسها مع أعمال اليوم التى تروج للمخدرات، والعرى والإباحية والاختلاط بحجة المدنية والتحضر! كُنا قبل المغرب نجلس أمام الشاشة الصغيرة لنستمع ونستمتع بخواطر الشيخ الشعراوى التى خرجت أجيالا فهموا الدين الصحيح القائم على الوسطية بلا إفراط ولا تفريط . كانت قلوبنا تتراقص مع تلاوات عباقرة التلاوة أصحاب الأصوات الملائكية، فكان صوت الحُصرى ومصطفى إسماعيل وعبد الباسط والمنشاوى يُزلزل كيان المُستمع، ويضفى على قلبه حالة إيمانية غابت اليوم فى ظل ما نُعانى من فوضى وصخب. كان ابتهال (ماشى فى نور الله) للنقشبندى وابتهال الفجر لطوبار يُعطى لرمضان طعما، صرنا نتحسر على عدم الشعور به الآن ! كان صوت (المسحراتى) سيد مكاوى يُعطى لسحورنا مذاقا خاصا ونكهة مميزة ! كان رمضان جميلا وقت أن كان هناك فنٌ هادفٌ يحترم المُشاهد، أما اليوم فصار الفن تجارة تبغى المكسب ولو كان على حساب القيم والمبادئ التى اختفت باختفاء الزمن الجميل ! Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى