مظاهر رمضانية تأتى فى كل عام ولم تندثر حتى الآن، وتزيد أرزاق الباعة وأصحاب تلك المهن التى ترتبط بشهر رمضان المبارك، حقاً إنها أرزاق يقسمها رب العباد، وقد ارتبطت تلك المهن بمظاهر وروحانيات رمضان، فتدخل البهجة على الصائمين وخصوصا على مائدة الإفطار، بل إن هذه السلع تجد رواجا كبيرا خلال هذا الشهر الكريم، وأحيانا نجد طوابير طويلة على بائعى الطرشي، والعرقسوس وباعة التمر الهندى والكنافة والقطايف، والخضراوات بأنواعها، أما مهنة المسحراتى فهى موسمية. ونجد خياما تملأ الشوارع، سواء من بائعى الطرشى، أو فانوس رمضان، أو بائعى الكنافة والقطايف، ونسمع من خلال هذه الخيام الأغانى الرمضانية التى قلما تنقطع، والياميش فى كل مكان يملأ الشوارع، حتى إن العطارين نصبوا خيامهم أمام المحال وتفننوا فى طريقة عرض هذه السلع الجميلة المتنوعة بألوانها وأحجامها المختلفة، نجد المشترين فى كل مكان يهنئون بعضهم البعض بقدوم هذا الشهر الكريم، مع الشعور بروحانيات رمضانية وهدوء وسكينة فى النفس. الطرشى سيد المائدة وطوال أيام الشهر الكريم تصطف طوابير محبى الطرشى من الأسر المصرية قبيل ساعة الإفطار أمام شوادر البيع، ويعد من الموروثات الشعبية الأكثر رواجا منذ قديم الأزل، ويقول صاحب أقدم محل طرشى فى مصر، بالسيدة زينب، إن كلمة (مية الطرشي) اسمها الحقيقى “الدقة السرية”، وهى تختلف من معمل إلى آخر، وأصل الكلمة يرجع إلى “الطرشة” وهى عبارة عن برميل من الخشب أو المعدن لحفظ الخضراوات للتخليل، وتتم عملية التخليل فى سلطانية من الفخار، ويستخدم بعد ذلك البرميل الخشبي، المشهور فى كل معامل الطرشى بمصر. وهناك نوعان، (الحار، والبارد)، وهذان النوعان عليهما إقبال كبير من الناس، أما عن البيع فى شهر رمضان فهناك ازدحام كبير خلال الشهر وتكثر فيه المبيعات، ويبدأ الإقبال عليه بعد صلاة العصر، وحتى قبيل أذان المغرب. العرقسوس يتألق وبخلاف الطرشى نجد مشروبات تتسيد المائدة فى رمضان مثل «العرقسوس» وهى عادة فرعونية قديمة، تم العثور على جذور العرقسوس فى مقبرة الملك توت عنخ آمون، حيث كان الأطباء المصريون القدماء يخلطونه بالأدوية المرة لإخفاء طعم مرارتها وكانوا يعالجون بها أمراض الكبد والأمعاء، والسعال الجاف والربو والعطش الشديد، أما حينما يأتى الشهر الكريم خلال موسم الصيف، فيكون مناسبا لعلاج العطش، ومن هنا يتألق العرقسوس فى رمضان، وأشهر بائعى العرقسوس يوجد فى منطقة بولاق أبو العلا، والإسعاف، والميادين الكبرى فى مصر، ويفترشون الموائد لبيع المشروبات بألوانها المختلفة، ويتصدرها مشروب العرقسوس. المسحراتى جهز الطبلة حقاً إنها أرزاق يقسمها رب العباد، هذه المهنة برغم انقراضها لوجودنا فى التكنولوجيا الحديثة، إلا أن المسحراتى يستعد بطبلته الشهيرة التى لم تنقرض ويحترفها بعض الناس خلال الشهر، ويتوارثونها فيما بينهم، ومن المسحراتية من يعرف الناس بالاسم، وينادى عليهم اسما اسما، وما زال هذا المسحراتى موجودا فى معظم المناطق الشعبية، فهو يشبه المنبه أو الساعة التى تعمل خلال شهر واحد بانتظام، ثم يبقى طوال العام خارج الخدمة، ليمتهن مهنة أخرى غير المسحراتي. والجرجير ضيف دائم يقول صاحب أحد المحال التجارية المتخصصة فى بيع الخضراوات بمنطقة العمرانية بالجيزة إن أكثر أنواع الخضرة مبيعاً لديه خلال شهر رمضان هى نبتة (الجرجير) ويقول إن الخضراوات تأتى إليه من بعض القرى المجاورة للجيزة، وأيضا من مدينة 6 أكتوبر سوق الجملة، ويضيف إن الجرجير له فوائد تعرفها المرأة فى بيتها فتضعه على السلاطات، أو تضعه بجوار السلاطة دون المساس بشكله، وتأتى له الخضراوات وتنفد قبل صلاة العصر، ولن يبقى لديه (عود جرجير) واحد لليوم التالي. الكنافة والقطايف كما تتربع الكنافة والقطايف وقمر الدين على صدارة قائمة الحلويات التى تتبع الإفطار مباشرة، خلال شهر رمضان، وتعد الكنافة والقطايف من أشهر الحلويات الرمضانية فى مصر، وتظهر صينية الكنافة الكبيرة بشكلها الدائرى الكبير ويوقد تحتها النار، خلال رمضان أمام المحال، ويعمل عليها رجل محترف يقوم بإمساك إبريق الكنافة التى يقوم برش الصينية بحركة بهلوانية جميلة لافتة للنظر، مما يجذب المشترين للالتفاف حوله وشراء الكنافة والقطايف المرصوصة داخل المحل.