أكدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل خلال استقبالها الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى برلين الشهر الماضى دعم المانيا للمبادرة الفرنسية لإحياء مفاوضات السلام ولكن تصريحاتها انطوت على قدر كبير من عدم التفاؤل عندما نوهت إلى صعوبة تحقيق تقدم ملموس وسريع فى هذه المفاوضات وعندما قللت من احتمالات أن يسفر اجتماع باريس الوزارى عن التوصل لخطة سلام سريعة، ورغم ذلك دعت ميركل للتمسك بأى فرصة مهما تبدو احتمالات نجاحها ضعيفة. ورغم التأييد الواضح من قبل المستشارة للرئيس عباس وتفهمها لرغبته وإلحاحه على التوجه إلى مجلس الأمن إلا أن التحليلات هنا تشير إلى حالة من فقدان الأمل تنتاب اروقة الحكومة الألمانية فى إقامة دولة فلسطينية فى ظل استمرار بنيامين نيتانياهو رئيسا للحكومة الإسرائيلية. وارجعت مجلة دير شبيجل الألمانية وثيقة الصلة بدوائر صناعة القرار فى برلين “عدم الحماس” الألمانى الواضح إلى قناعة ما اصبحت تسود المسئولين فى كل من المستشارية الألمانية ووزارة الخارجية بعدم رغبة نيتانياهو فى تحقيق أى تقدم على طريق حل الدولتين فى ظل استمرار الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وتراجع احتمالات إقامة دولة فلسطينية يوما بعد يوم. بل أن المجلة الألمانية تحدثت عن مؤشرات على تغير فى مواقف الحكومة الألمانية الداعمة لإسرائيل ومن ذلك اتصال نيتانياهو بشتاينماير فى بداية العام الجارى ومطالبته له بإلغاء قرار أوروبى يدين الاستيطان وهو ما تجاهله الوزير الألمانى وصوتت المانيا لصالح القرارالأوروبى الذى اعتبر الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة بالضفة الغربية عائقا امام تحقيق السلام. كما اشارت المجلة فى تقريرها الى تغير ملموس فى مواقف سياسيين ومسئولين المان يطالبون بموقف حازم من نيتانياهو مثل رولف موتسينيش نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكى الديمقراطى الشريك فى الائتلاف الحاكم والذى قال أن المانيا اصبحت تدرك استغلال نيتانياهو لصداقة المانيا بشكل سيىء وطالب بمراجعة الخارجية الألمانية لسياستها تجاه الحكومة الإسرائيلية. غير ان العديد من المحللين يستبعدون رغم الخلاف الواضح بين برلين وتل ابيب والنبرة غير الودودة فى التصريحات ان تقدم برلين على مراجعة حقيقية لسياستها تجاه إسرائيل. وهناك ثمة إجماع بأن ما يحدث حاليا هو نوع من الضغط الألمانى غير المباشر على نيتانياهو فى ظل تراجع التأييد الدولى لمواقف الحكومة الإسرائيلية. فميركل رغم انتقاداتها لسياسة الاستيطان الإسرائيلية وتفهمها للرئيس عباس وتأييدها للمبادرة الفرنسية إلا انها لم تغير من قناعتها بأن رعاية عملية السلام لابد ان تبقى فى يد واشنطن راعيا رئيسيا لمفاوضات مباشرة بين الطرفين. كما ان المستشارة الألمانية من اكثر القادة الأوروبيين المدافعين عن المصالح الإسرائيلية وتؤكد دوما مسئولية المانيا الخاصة تجاه امن إسرائيل بسبب ماضى المانيا النازي. فضلا عن ذلك هناك اتفاق غير مكتوب بين القوى السياسية الحاكمة فى المانيا بأن برلين لا يمكن ان تتوسط ابدا بشكل محايد بين الفلسطينيين والإسرائيليين بسبب علاقتها الخاصة بإسرائيل وبالتالى تبقى انتقادات ميركل المستمرة لسياسة الاستيطان التى يتبناها نيتانياهو وتأكيدها كما حدث أخيرا خلال لقاء عباس فى برلين على ان هذه السياسة تقوض حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، مجرد تصريحات.