بعد تأخير نحو أسبوعين عن المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي لدولتي السودان لاستئناف المباحثات لحل المشكلات العالقة بينهما يعود وفدا البلدين إلي أديس أبابا غدا لبحث تنفيذ الاتفاقيات الأمنية التي سبق الاتفاق عليها وكيفية حل قضايا مختلف عليها أخري مثل ترسيم الحدود وتبعية منطقة أبيي الغنية بالبترول ورسوم تصدير البترول الجنوبي عبر أنابيب ومواني الشمال والاتهامات المتبادلة بدعم المتمردين علي كل منهما. وإذا لم يدخل الطرفان المفاوضات برغبة حقيقية في حل الخلافات التي أوشكا علي الدخول في حرب حقيقية بسببها منذ أسابيع, وليس لمجرد الظهور بمظهر الذي استجاب لقرار مجلس الأمن 2046 أو تفادي العقوبات التي هدد بها فلن تحقق المباحثات تقدما يذكر وستعود أجواء الحرب, فمن الواضح من تصريحات المسئولين في الخرطوم أنهم يريدون أن تتركز المباحثات علي الجوانب الأمنية بينما يصر المسئولون في جوبا علي ضرورة انسحاب قوات الشمال من أبيي بعد أن سحبوا هم قواتهم منها معتبرين أنها جنوبية هي ومنطقة هجليج التي تنتج نحو نصف بترول الشمال. ويتضح من تشكيل الوفدين من وزيري الدفاع والداخلية ومديري الأمن والاستخبارات في البلدين أن المباحثات ستتركز فعلا علي القضايا الأمنية مثل تأمين الحدود وإقامة المنطقة العازلة التي سبق الاتفاق عليها بعرض عشرة كيلو مترات علي جانبي الحدود وتشكيل آلية لمراقبة الانتهاكات التي قد يرتكبها أي من الطرفين, دون التطرق بشكل جذري لقضايا أصعب مثل أبيي ومناطق الحدود الخمس (حسب الشمال) أو السبع (حسب الجنوب) المتنازع عليها ورسوم تصدير البترول وحقوق أبناء كل منهما لدي الأخري, وإذا حدث ذلك فإن مهلة الأشهر الثلاثة التي حددها مجلس الأمن لتسوية القضايا المختلف عليها لن تكفي لسببين: الأول تشعب الملف الأمني وإمكانية حدوث انتكاسة فيه إذا حدث هجوم مسلح ولو عارض من المتمردين ضد أي منهما, والثاني تعقيد مشاكل مثل أبيي يحتاج حلها إلي سنوات, ولكن ربما تتحقق انفراجة أسرع إذا جرت المفاوضات في مسارات متوازية في وقت واحد وتخلي كل طرف عن شروطه المسبقة. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى