حتي لو توقف القتال والقصف المتبادلان بين شمال السودان وجنوبه امتثالا لقرار مجلس الأمن, فمن المستحيل أن يتوصل الطرفان إلي اتفاق حول القضايا المختلف عليها خلال ثلاثة أشهر من استئناف المفاوضات المتوقفة, علي افتراض أن يعودا إلي مائدة التفاوض قبل غد وفق ما ينص عليه القرار, فالقضايا المتنازع عليها معقدة, وانعدام الثقة المتبادل عميق بما لا يوفر الإرادة السياسية اللازمة للتغلب علي العقبات وإنهاء النزاع. ما أسهل أن تعلن حكومتا الخرطوموجوبا التزامهما بقرار مجلس الأمن, وخريطة الطريق التي وضعها الاتحاد الافريقي اللذين يقضيان بوقف الأعمال العدائية فورا وسحب القوات إلي داخل حدودهما واستئناف المباحثات.. لكن من السهل أيضا أن يقوم أي منهما بقصف أهداف لدي الآخر أو التوغل داخل أراضيه, وتحميله المسئولية, واتهامه بأنه هو الذي انتهك قرار مجلس الأمن, وبالتالي من حقه الدفاع عن النفس, وهو ما حدث فعلا عندما اتهم الجنوب الشمال بقصف بعض مناطقه بالطائرات والمدفعية في تحد للقرار, واتهم الشمال الجنوب باحتلال منطقتين علي الحدود المشتركة جنوبإقليم دارفور. ففي مارس الماضي, أعلن سلفاكير رئيس جنوب السودان أن حكومته لن تقبل أي حدود لا تضمن عودة كافي كنجي وحفرة النحاس وهجليج والمقينص وقال إن مشكلاتهم هي مع من وصفهم بالعصابة الحاكمة في الخرطوم, وبعد أسابيع قليلة قال الرئيس السوداني عمر البشير: سنسحق الحشرة الشعبية في إشارة إلي الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب. فما بالك بمعضلة أبيي القابعة علي 5% من احتياطي البترول السوداني, والتي اعتبرها كل منهما جزءا من أراضيه, والاتهامات المتبادلة بدعم كل منهما للمتمردين علي الآخر, ورسوم تصدير البترول الجنوبي عبر أنابيب الشمال, ورعايا وحقوق كل منهما لدي الآخر, منذ ما قبل الانفصال, والديون الخارجية التي ترفض جوبا الإسهام في تسديدها بزعم أن الخرطوم اقترضتها وأنفقتها علي شراء السلاح لقتل الجنوبيين خلال الحرب الأهلية. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى