انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 30 مايو بسوق العبور للجملة    وليد عبدالعزيز يكتب: الحلم.. سيارة مصرية 100%    إصابة 4 جنود إسرائيليين خلال معارك في غزة    مدحت عبدالدايم يكتب: محمد رشدي يفرح ب «التاونس» ويغني لأولاد البلد    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| مواجهة الاتحاد ضد القادسية في نهائي كأس الملك السعودي    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 بالاسم في محافظة الفيوم    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    لتغيير مفهوم رحلة اليوم الواحد، تفاصيل إقامة معارض أثرية في روسيا    حاسوب فائق سمي تيمنا بعالمة الكيمياء جينيفر دودنا يعزز الذكاء الاصطناعي    اليوم.. الأوقاف تفتتح 20 مسجداً جديداً بالمحافظات    قناة عبرية: ترامب أمر بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل (تفاصيل)    «مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    «الجينوم الرياضي».. أولى الخطوات العلمية والعملية نحو مربع الدول العظمى    فوائد الزنجبيل، لتقوية المناعة وصحة الدماغ وجمال البشرة    كان نايم.. مصرع شاب دهسًا بسيارة والده في العاشر من رمضان    إمام عاشور يوجه رسالة ل حسام حسن    ياسر إبراهيم يسخر من احتفالات بيراميدز بالدوري    "قبل ريفيرو".. ماذا قدم المدربين الإسبان مع النادي الأهلي؟    إنييستا: إنريكي موهوب.. وإنتر يمتلك لاعبين كبار    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    «قرار الأهلي».. رد مفاجئ من سيد عبدالحفيظ على مزاعم بيع زيزو    منصات إطلاق صواريخ وقذائف.. إسرائيل تقصف مواقع عسكرية ل حزب الله اللبناني    هيشتغل إلى 2.30 صباحا، تعديل تشغيل قطار العاصمة الكهربائي اليوم بسبب حفل ضخم بالنهر الأخضر    مصرع تلميذ صعقاً بالكهرباء أثناء تشغيله التليفزيون بمنزله في سوهاج    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    الحوثيون يعلنون مهاجمة مطار بن جوريون وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    «الأرصاد» تكشف عن طقس اليوم الجمعة.. والعظمى في القاهرة 32    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    ريا أبي راشد: مسرحية «ريا وسكينة» سبب تسميتي بهذا الاسم (فيديو)    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    استعدادًا للعيد.. الطريقة الصحيحة لتقطيع اللحمة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر رسميًا    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    شيكابالا يكشف تفاصيل أزمته مع حسن شحاتة    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الفكر ... إستراتيجية المستقبل

لعل أخطر ما تتعرض له المجتمعات فى مسيرتها التاريخية وفى ظل الانطلاقة الحضارية المعاشة، هو تلك الأزمة الفكرية التى يتعثر خلالها ذلك العقل الجمعى حين لا يستشعر طبيعتها، فيصنفها كأزمة ذات طابع سياسى، اقتصادى، اجتماعى، ثقافى ... نعم هى كل ذلك لأن جميعها إنما ينبثق من أزمة فكرية حادة ذات انعكاسات وتأثيرات مباشرة وغير مباشرة. ولعل التصدى لتلك الأزمة إنما يفوق ويفوق مجابهة أيا انعكاسات مهما تكن، ذلك لأنها أزمة مركبة شائكة متشعبة يستدعى تفكيكها عقودا طوالا منذ أن تكون بداية الوعى بها. وقد تتباين قضية تجديد الفكر فى أهميتها بين المجتمعات طبقا لدرجة الحاجة إليها ومنطق الضرورة والحتمية المؤكد لاستحالات المضى مع نمط فكرى متراجع عن سياق المد الزمنى، والمتأمل يجد أنه دائما ما ترتبط حركة تجديد الفكر بالشغف نحو تغيير المسار التاريخى المعاصر للشعوب والأمم والمعتمد فى جوهره على طاقات الطموح القومى وتفعيل الارادة المشتركة فى سبيل التقدم والنهضة.
لكن .. ماذا يعنى تجديد الفكر فى بنيته وطبيعته ومحتواه إلا إيجاد رؤية مغايرة لتلك الرؤى التقليدية الرتيبة وإحياء مستوى كامن من الوعى وبناء منطقى للأشياء والأحداث يساير اللحظة إن لم يتجاوزها. إن إرهاصات تجديد الفكر انما تتجلى فى تجديد السؤال المطروح على كل عصر والتخلى عن اليقين المطلق والتوجه نحو النسبى وعزل الفكر الأحادى وطمس كل النوازع المعوقة لحركة العقل ومحو التوهمات القابعة داخله وترسيخ حق الاختلاف كقيمة فكرية عليا يجب أن تمارس على كل الأصعدة. فما زالت كل الأسئلة مطروحة للاجابات كما أكد بريخت، ذلك أن الميثاق الثقافى والفكرى المعاصر إنما يترفع عن وجود إجابات يقينية مطلقة، إذ بات السؤال يتطلب إعادة إنتاج إجابات غير مألوفة تتسق مع المعطى الحضارى، إذ أن قضية تجديد الفكر هى فطرة إنسانية محركة لدوافع التطور وآليات الارتقاء خاضعة للجولات الزمنية بمقتضياتها المادية والمعنوية باعتبارها مؤشرا تقدميا مبررا لعلة وجوده. وعلى ذلك تتجلى ضرورة تجديد الطابع الفكرى العام كخطوة تأسيسية نحو تجديد الخطاب الدينى الذى بات يمثل إشكالية فكرية عقائدية اختلفت حولها التوجهات. واستبان خلالها غياب العقلانية وقصور التحليل والاستدلال من ثم اعتماد الفوضى الفكرية منطقا!!
إن شرطيات تجديد الخطاب الدينى إنما تكمن فى كيفية التعامل الواعى الخلاق مع ركيزتين هما: التراث بما يحمله من شروح وتفاسير واجتهادات ورؤى ونظريات ومأثورات ومرويات باعتباره ظاهرة تاريخية لا يمكن محاكمتها إلا بمعايير ماضوية تحقيقا للموضوعية واتساقا مع بنية العقل المعاصر الذى يأبى علينا طرح مغالطات فجة فى برمجة القضية ووضعها فى غير نصابها وهو ما فجر بالضرورة كما هائلا من الخزعبلات وتوج أساليب الهرطقة وأحدث نوعا من الفتنة استهدافا للتشكيك فى قيمة التراث. فالتراث فى عموميته قوامه المضمون المعرفى المرتبط بالسياق التاريخى وكذلك الوظيفة الأيديولوجية. ولعل أصدق دليل نقدمه عن مدى حاجتنا لتجديد الفكر بصفة عامة إحداثا لنقلة نوعية فى تجديد الخطاب الدينى هو ما كان منا إزاء تجميد القضية وحصرها بل قصرها على ما يحتويه التراث من غث وسمين دون أن نعير توجهاته ووظيفته والغايات المثلى له أدنى اهتمام علمى أو فكرى، أما الركيزة الثانية فهى النص الدينى الذى لم نستطع إزاءه أن نقدم أى أطروحات معاصرة يمكن أن تتصدى للواقع المتردى وتعمل على إنهاضه، ذلك ان هناك عائقا فكريا متحديا يتمثل فى إغفال البعد الزمنى باعتباره بعدا محوريا فى التعامل مع النص الدينى المعطاء والفياض قدر توظيف الطاقة الذهنية المتوقدة، من ثم فكيف للخطاب الدينى أن يتجدد ما دمنا نستقى أبجديات ادراكنا للنص من وحى تلك التفسيرات العتيقة التى ترجمت واقعا آخر غير واقعنا لأنها ارتبطت بمعطيات زمن آخر كان له ظروفه وتحولاته.
إن إثارة قضية تجديد الفكر وما يتبعها من قضايا تجديد الخطاب الدينى إنما تطوقها بعض التساؤلات التى تتبلور فى الآتى: هل يمكن أن تكون هناك أزمة فى تجديد الخطاب الدينى، السياسى، الثقافى إذا كنا نعايش بالفعل طابعا خاصا من الفكر التقدمى المعتدل؟ وكيف اختلطت الأولويات حتى تتصدر قضية تجديد الخطاب على قضية تجديد الفكر؟ وما هى الدلالة المعرفية لذلك؟ ولماذا فشلت كل محاولات تجديد الخطاب الدينى؟ هل لأنها تستند إلى إستراتيجية أو منظومة فكرية كلاسيكية أم ماذا؟ وهل يكون السبيل لاجتياز الأزمة الحضارية بتجديد الفكر ام بتجديد الخطاب؟ ومتى يكون اعتبار الاختلاف يمثل قوة معرفية داعمة وليس رذيلة ثقافية؟ وهل يمكن أن يتفتق الوعى العام عن أفكار رصينة منتجة إلا فى إطار مشروع تجديدى للفكر؟! وهل لهذا المشروع من بداية إذا لم تتجل لدينا إرهاصات القيمة الفعلية للأسئلة الغائبة التى يتجاهلها الوعى والشعور معا بينما تمثل الاجابة عليها معالجة ناجعة لتأزمات الواقع. الحقيقة أنه إذا كان الفلاسفة والمفكرون والعلماء قد أجمعوا على أن القرن العشرين قد حول كوكبنا بأكمله من عالم متناه من الحقائق اليقينية إلى عالم لا متناه من الشكوك ... ألا يستوجب ذلك أن تتصدر قضية تجديد الفكر بل تقتحم خلايا العقل المصرى باعتبارها ضرورة ملحة أو قضية من قضايا الأمن القومى لأن الثقافة كانت وستظل هى صانعة الوعى والوعى هو صانع الحضارة.
لمزيد من مقالات د. محمد حسين أبو العلا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.