«عالم أفضل، أكثر أمنا وعدلا» ... هو شعار هيلين كلارك خلال حملتها الدعائية لتولى منصب أمين عام الاممالمتحدة. وترى المرشحة النيوزيلندية التى تحظى بتاييد من حكومة وبرلمان بلادها أنها الأنسب لتولى هذا المنصب، فهى سياسية مخضرمة حيث تولت رئاسة وزراء نيوزيلندا على مدى 9 سنوات كما شغلت منصب رئيس برنامج الاممالمتحدة الإنمائى لسبع سنوات. وفى حوار ل"الأهرام"، أوضحت كلارك أنه آن الآوان لأن يتقلد هذا المنصب الدولى المهم من لديه صفات القيادة، والقدرة على جمع الاطراف للحوار والتوافق من اجل مواجهة التحديات العظمى التى تواجه العالم. وتضع كلارك كأولوية لها مناطق الصراعات وعلى رأسها سوريا، كما يتملكها أمل كبير فى مستقبل القارة الافريقية لما لديها من إمكانات هائلة طبيعية وبشرية. وجاءت هيلين كلارك لمصر للحصول على تأييدها لشغل المنصب المهم خاصة وان مصر ليست فقط عضوا بمجلس الامن، بل أيضا دولة محورية لا غنى عن دورها فى المنطقة. وفيما يلى نص الحوار: كيف ترين أهمية زيارتك الأخيرة لمصر ولقاءاتك مع عدد من المسئولين المصريين؟ مصر دولة قائدة للمنطقة، لذا فدورها وصوتها أساسيان حيث تستضيف القاهرة الكثير من الفصائل والأطراف للحوار فى العديد من القضايا، كما أنها تعد مقرا لجامعة الدول العربية. وتهتم مصر حاليا بصورة كبيرة بقضية القضاء على الإرهاب حيث تسعى إلى حل المشكلة من جذورها والوصول لأسبابها.وتاخد مصر الاممالمتحدة مأخذا جادا وتبذل الكثير من الجهود على المستوى الدبلوماسى داخل الأممالمتحدة، ولمصر أيضا مساهمات كبيرة فيما يتعلق بتحقيق السلام. ودعم مصر لى أمرا مهما جدا لما تتمتع به من مكانة. وقد التقيت خلال زيارتى والدكتور نبيل العربى أمين عام جامعة الدول العربية ووزير الخارجية سامح شكرى، كما التقيت عددا من وزراء الخارجية والمسئولين السابقين. وأسعدتنى تلك اللقاءات حيث سنحت لى الفرصة للتعرف على الرؤية المصرية فيما يتعلق باولويات الأممالمتحدة، كذلك تعرفت بصورة أكبر على الوضع فيما يتعلق بقضايا المنطقة وهو أمر مهم نظرا للعلاقة الوثيقة التى يجب أن تتواجد بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية. وبالطبع قمت بإختيار زيارة مصر نظرا لعضويتها الحالية فى مجلس الامن ونظرا لأهميتها أيضا كدولة محورية جدا فى منطقة الشرق الأوسط. لماذا قررت الترشح لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة ؟ يواجه العالم حاليا العديد والعديد من التحديات الصعبة التى ندركها جميعا،بدءا من البطالة والتغير المناخى والصراعات، وصولا الى الإرهاب وأزمة اللاجئين. وفى كل هذه التحديات يتوقع العالم من الاممالمتحدة ان تقوم بالتصدى لها ومواجهتها. وقد آن الأوان أن يتقلد هذا المنصب من لديه صفات ومهارات القيادة، وانا أرى أننى أتحلى بتلك الصفات اللازمة فقد تقلدت منصبا قياديا على مدى سنوات طويلة فى نيوزيلندا حيث كنت رئيسة للوزراء لمدة تسع سنوات، ثم تقلدت منصب رئيس برنامج الأممالمتحدة الإنمائى لمدة سبع سنوات. ومن خلال عملى هذا إستطعت التعامل مع مختلف أنظمة الحكومات على مستوى العالم أفقرها واكثرها نموا. وفى العام الماضى، أصبح أمام الأممالمتحدة أجندة كبيرة، فقد وافقت الدول الأعضاء على أهداف التنمية المستدامة إلى جانب وضع إتفاقية خاصة بالمناخ وبرامج وإتفاقيات كثيرة، ولكن لكى تتعدى تلك البرامج والإتفاقيات مجرد كونها حبرا على ورق لتدخل حيز التنفيذ والتطبيق لابد وأن يتواجد من يمتلك القدرة على تفعيلها جميعا، وأرى أننى أمتلك القدرة لفعل ذلك حيث عملت فى جميع تلك البرامج من قبل بصورة أو بأخرى من خلال عملى ببرنامج الاممالمتحدة الإنمائى. كيف ترين الإنتقادات التى توجه لدور الأممالمتحدة وضعفها أمام الأزمات الدولية الكبرى؟ لابد أولا من توضيح الفرق بين ماهو دور أمين عام الاممالمتحدة وماهو دور الدول الأعضاء فى هذه المنظمة. واعتقد أن أسوا موقف هو حدوث عدم توافق بين الدول الاعضاء فى مجلس الامن، فعندما تتوافق الرؤى الخاصة بالخمس دول الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن يصبح الأمر سهلا وقابلا للتنفيذ، ولكن فى حالة عدم التوافق ماذا يمكن للأمين العام أن يفعل ؟! ويجب أن نتذكر الهدف من إنشاء الاممالمتحدة، فقد أنشئت لوضع حد ونهاية للمأساة التى تسببت فيها الحرب العالمية الثانية، ونجحت بالفعل فى العمل على عدم تكرار نفس التجربة الآليمة، صحيح أن هناك عددا من صراعات فى أماكن متفرقة حول العالم ولكن ليست بحجم ما تسببت فيه الحرب العالمية. ولابد من وجود اساليب جديدة لتحقيق التعاون الدولى للعمل على نشر الامن والإستقرار. ولدى بالفعل رؤية حول كيفية عمل النظام كله معاه لتحقيق ذلك. يواجه العالم والاممالمتحدة تحديات كبيرة، على رأسها الإرهاب ومشكلة اللاجئين فما هى رؤيتك لمواجهة تلك التحديات؟ اريد شرح وجهة نظرى من خلال نموذج موجود بالفعل وهو الازمة السورية. هناك 19 مليون سورى مازالوا موجودين فى سوريا متمسكين ببقائهم داخل أراضيهم، ونأمل أن يتمكنوا من البقاء هناك. فالاولوية هى دعم هؤلاء حتى لا يضطرون لترك ديارهم، وهو ما يستدعى الدعم الدولى لهم حتى يتمكنوا من العيش بكرامة والحصول على أبسط حقوقهم من رعاية طبية وغذاء وتعليم ومياه نظيفة وكهرباء وغيرها من أمور الحياة الاساسية. وجميعنا نعلم أن حل الازمة السورية لابد وأن يكون من خلال الحل السياسى فلا يمكن لأى طرف كسب تلك الحرب بأى حال من الاحوال وهنا يأتى دور الاممالمتحدة فى جمع الاطراف المعنية فى هذه الازمة للإتفاق ووضع حد للازمة. بالطبع الأمر ليس سهلا على الإطلاق، فالأزمة مستمرة منذ حوالى 6 سنوات وتم صفع الابواب فى الوجوه كثيرا ولكن لابد من العمل على فتحها مرة أخرى والإستمرار فى المحاولة. ومن جهة أخرى سنستمر فى العمل مع المجتمع المدنى والشعب السورى من الداخل لمساعدتهم، كذلك سنستمر فى العمل داخل الدول المجاورة أيضا لسوريا والتى تتحمل الكثير من جراء وفود اللاجئين السوريين اليها. فعلى سبيل المثال دولة مثل الأردن تنفق 20% تقريبا من ميزانيتها كدولة مضيفة للاجئين. من خلال عملك كرئيس لبرنامج الاممالمتحدة الإنمائى لابد وانك تعرفت بصورة اكبر على التحديات التى تواجه القارة الأفريقية، ففى حالة فوزك بالمنصب كيف تعتزمين العمل على مساندة القارة؟ لدى امال كبيرة فيما يتعلق بمستقبل القارة الأفريقية رغم التحديات الكبيرة التى تواجهها، لكننا نساند أجندة 2063 التى وضعها الإتحاد الأفريقى وأعتقد أن أفريقيا لديها مصادر لا حصر لها سواء كانت بشرية أو طبيعية. وهناك دول كثيرة فى افريقيا إستطاعت تحقيق الكثير، فبالنظر لرواندا مثلا نرى أنها دولة عانت منذ عقدين من الإبادة العرقية ولكن اليوم هى دولة تسير بخطى جيدة جدا فى طريق التنمية وأصبح هناك تمثيل كبير للمرأة فى رواندا فى النظام التشريعى. وبالنظر لتجربة رواندا نرى أنها مثال حى لما يمكن أن يطلق عليه حرفيا " العودة من الرماد" لذا انا يتملكنى الامل فيما يتعلق بأفريقيا رغم التحديات فى المناطق المتأزمة فيها مثل مالى والصومال والقرن الأفريقى. كونك إمراة، هل يغير هذا من اولوياتك لشغل منصب أمين عام الاممالمتحدة؟ أعتقد أن المرأة بصفة عامة معينة ومتورطة بصورة أكبر مع النظم الضرورية للمعيشة مثل التعليم والصحة والضمان الإجتماعى، فالمرأة هى التى تسعى أكثر لإيجاد مصادر متنوعة لتوفير الراحة والمعيشة الجيدة للأسرة. المرأة بصفة عامة متداخلة اكثر فيما يتعلق بالنواحى الإجتماعية والإنسانية والجوانب الخاصة بالناس أنفسهم ولذلك أعتقد أننى أتبع هذا الإسلوب بضرورة إرجاع كل شىء للشعوب وإعطائهم الفرصة للإختيار للحصول على حياة أفضل. فإلى جانب ترشحى لأننى أمتلك الخبرات والمهارات اللازمة لشغل هذا المنصب والقدرة على التواصل وهى صفة اساسية لمن يشغل هذا المنصب فإن كونى أمرأة يساعدنى على فهم مزيد من التحديات التى تواجهها الشعوب. كيف ترين الفجوة الكبيرة بين الثقافات والحضارات المختلفة والتحامل من الغرب على الإسلام وربطه بالإرهاب؟ لابد من بذل كافة الجهود لمواجهة الإسلاموفوبيا، وعندما كنت رئيسة لوزراء نيوزيلندا إتخذنا مبادرة إستضافة أول إجتماع إقليمى للحوار بين الحضارت وإستضافت نيوزيلندا أيضا العديد من الإجتماعات الخاصة بالحوار بين الأديان، فنيوزيلندا لديها تنوع كبير من الثقافات والأعراق والديانات.لابد من العمل معا لوجود حوار لتقبل الأخر.