حكي الليث بن عمرو, في كتابه الأغر الدنيا فانية.. ولله الأمر, أن المحتشد المغرور, تحدث في فجور, عن شعبه المقهور, فكان مبعث افتخاره, أن أذاقهم المرارة, وعاملهم بحقارة, وكتب فقال: كان مفتاحي لحكم الرعية الإمعة, ضربهم بكل عصا موجعة, فإنك إن لم تستخدم الكرباج, هاج عليك الجمهور وماج. وكان سلاحي الأكثر نجاعة, أن جعلتهم دائما في مجاعة, ومحوت من أذهانهم كل نخوة أو شجاعة..فالذي جوعهم خضعوا له, ومن شبعهم انقلبوا عليه, فإن الشعوب المقيدة بالسلاسل, أسلس قيادا من الأحرار البواسل, وعلي الحاكم الأريب العاقل, أن لا يخلط الحابل مع النابل, وأن يكون صارما في قسوة, وأن لا تأخذه نومة, أو حتي غفوة. ووضع المحتشد المستبد, خطة لاستمرار حكمه للأبد, قامت علي مبدأ جبار, ملخصه باختصار: أن الكبار قبل الصغار, علاجهم الحديد والنار, والرجال جميعهم كانوا عندي نساء, وفي الهوان كلهم سواء. وكان دستوره الوحيد الواحد, نشر المفاسد, وجعل من الفساد, قانون البلاد, فصار الناس بلا ضمير, وكبيرهم يأكل الصغير, وفقد الجميع ثقتهم في الجميع, وأصبحوا كالقطيع, يشتري فيهم المحتشد ويبيع. وكتب الشملول, في مذكراته يقول: جعلت إدمانهم أكل الفول, وعشقوا البقول, وذاع بينهم الجهل المرير, وعذبتهم بالطوابير, وأفشيت بينهم الخزعبلات, وسادت الخرافات, واستخدمت أكثر الحيل شيطانية, للسيطرة علي الرعية.