سمير الشحات: حكي الليث بن عمرو, في كتابه الأغر الدنيا فانية ولله الأمر, أن المحتشد المنشال, بعد أن أقيل, خرج علي الناس زاعما, أنه بإرادته استقال, ثم قال: إياكم وإغراء الكراسي, فصولجان السلطة قاسي. الكرسي ياابن آدم دوار, والزمن غدار, اليوم لك, ثم غدا هوب تجده طار. وقال المحتشد المشاغب, إن المناصب, ليس وراءها سوي المتاعب, وأنها أولا وأخيرا بلاء, وامتحان وابتلاء, وإن هي اليوم أتتك ضاحكة, فخلف ضحكتها الشقاء, وإن أنت قبلت المنصب, فجهز حقيبتك تحت المكتب. وفي وصية المحتشد الأخيرة جاء, أن دم الحلياطين ماء. وقال: اعلم يامسكين, ياابن الماء والطين, أن المتقربين منك المشتهين, وكانوا لصحونك لاعقين, إن هم إلا شلة أفاقين, ملاعين منافقين. وساعة خروجك من الباب, ليس لك عندهم إلا السباب, وإن سقطت ياعسل, سيكسرون خلفك القلل, وقد يعرضونك في سوق النخاسين, ويمرغون سمعتك في الطين, وعند أول فرصة, يبيعونك, لقاء بطة عرجاء, أو حتي فرخة. ثم أنهي المحتشد المهزوم وصيته, بأن أوصي خليفته, بالابتعاد عن الرياء, والاعتياد علي الجفاء, والاستمساك بأصحاب الكفاءة, والاعتصام بالبراءة, فإن الصدق منجاة, لكل من راح وجاء. وأخيرا قال: الدنيا ياحبيبي جبارة, لاتهب نفسها أبدا, إلا لأصحاب المهارة, الذين لا يخافون إلا الله.. بعيدا عن المنظرة والمباهاة, والمرتب الكبير والجاه!