أعلنت الساعة منتصف الليل في القاهرة فتزايد لدي القلق علي ابني محمد فقد تأخر عن عودته من أحد مراكز الدروس الخصوصية للثانوية العامة والمعروفة باسم سنتر, ومع محاولاتي الفاشلة للاتصال به علي المحمول جاء اقتراح أخيه الصغير بأن أسأل صديقه بهجت فهو يعرف خط سيره لحظة بلحظة.. ولكن يجب أن أتكلم إليه عن طريق الفيسبوك فهو دائم التواجد عليه.. بعد لحظات تم الاتصال بالصديق بهجت والذي أجابني سريعا: لا تقلق هو لسه في السنتر سألته باستغراب: وكيف عرفت ؟ أجاب: هو أونلاين معايا علي شات الموبايل. سألته: وده ينفع في السنتر أجاب: عادي السنتر عبارة عن غرفة فيها مجموعة طلبة لا تقل عن خمسين أو ستين طالب وعلي فكرة الغرفة صغيرة مش كبيرة. فاستفسرت عن طريقة الجلوس والشرح. فأجاب بهجت: فيه طلبة بتيجي بدري بتحجز وتقعد علي الكراسي والباقي المتأخر يقضي الدرس واقف والمدرس بيقف يشرح وهو مش شايف الطلبة بتعمل ايه.. فغالبيتنا بيعمل شات أونلاين عن طريق الموبايل ولكن المهم أن المدرس لا يلاحظ ذلك وده سهل في الزحمة. سألته: الزحمة دي تؤكد أن المدرس عبقري من عباقرة التربية والتعليم. رد ضاحكا: أبدا هو نفس مدرس المدرسة التي بها معظم هؤلاء الطلبة وهو شخص عنده ضمير يعني نفس شرح المدرسة هو شرح السنتر سألته باستغراب: فصل مزدحم وهو مرفوض من كل الطلبة وأولياء الأمور ورغم ذلك فهو مقبول منكم أيضا اعتراضكم الدائم علي مدرس الفصل فهو نفس المدرس.... قاطعني قائلا: علي فكرة هو بيضرب أي طالب أو طالبة مش مذاكرين ورغم كده إحنا لا نعترض وممكن كمان يكون العقاب أنك تخرج من الحصة وتعوضها في سنتر تاني بس يكون بعيد عن بيتك.. وتقف آخر طالب في القاعة وممنوع تتكلم أو تسأل. سألته والدم يغلي في عروقي: وكل ده ليه؟؟ رد وهو يتحدث برومانسية شديدة: كل أصحابي مشتركين في السنتر عارف ليه؟ ثم أكمل قائلا: اولا الميعاد غالبا يكون ليلا يعني تكون شبعان سواء غداء أو عشاء مش الصبح بدري يا تلحق الافطار أو تموت من الجوع حتي ميعاد البريك.. وحتكون نايم كويس مش المدرسة تصحي الساعة سبعة ولو إتأخرت يروحونا من علي الباب ويرسلون اخطارا لولي الأمر.. وكمان انت بتعيش براحتك يعني تنزل قبل الدرس بوقت كفاية تيجي تلاقي أصحابك وصحباتك تتفك معاهم بكلمتين.. ومفيش مانع أن تكمل كلامك بعد انتهاء الدرس أو تتكلم معاهم علي شات الموبايل.. احنا بنحس بنفسنا وذاتنا في السنتر.. بنحس اننا في الجامعة مش في المدرسة وخنقتها. سألته: والنتيجة ؟ قال بلهجة سخرية: ما تخافش ياعمو كلنا بنذاكر آخر شهر وأكيد يعني حننجح وربنا يخلي لنا الجامعات الخاصة زي ما خللي لنا المدارس الخاصة. أصحاب السنتر درسوا سيكولوجية الطالب وتوصلوا للطريقة التي تجذب الطالب اليهم رغم الزحام والشرح ذو المستوي العادي جدا والضرب المرفوض في كل المدارس.. فهو شباب يبحث عن ذاته, راحته, أصحابه, حريته الشخصية وكل ذلك أفتقده في المدرسة ولم يجده سوي في السنتر.