ارتباك.. تخبط.. عدم حماس.. ثلاث كلمات ربما تعبر بوضوح عن حال الكثير منا فى مصر نتيجة للأحداث المتلاحقة التى نعيشها بشكل شبه يومى التى أفرزت الكثير من النماذج السلبية المحبطة فى جميع مناحى الحياة وتطل علينا من خلال شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد أو مواقع التواصل الاجتماعي.. لكن دائما يبقى الأمل فى وجوة مشرقة وعيون يملؤها الثقة بأن الغد سيكون افضل.. هؤلاء هم من يجب ان يتصدروا المشهد وان يتوارى خلفهم كل المحبطين والمغرضين والمتواكلين. ودورنا ان نلقى الضوء على هؤلاء لربما يكونوا هم نقطة الضوء والأمل لمن ضاقت بهم دنياهم وأوشكوا ان يفقدوا الأمل فى المستقبل ولعلهم أيضا يكونون هم شعاع النور والقدوة الحسنة للكثير من الشباب، ومن هذه النماذج المضيئة متسلق الجبال الأشهر عمر سمرة الذى استطاع ان يحقق انجازاً تاريخياً لنجاحه فى الوصول الى القطب الشمالى ليصبح بذلك أول مصرى وواحد من اقل من 40 شخصاً عبر التاريخ استطاعوا انجاز «مغامرة الجراند سلام «، والتى تتضمن التزلج إلى القطبين الشمالى والجنوبي، بالإضافة إلى القمم السبع . إذن بعد كل هذا المشوار الطويل الذى تخلله العديد من الانجازات والنجاحات، هل قرر عمر سمرة اعتزال تسلق الجبال. وهل التقدم فى العمر من الممكن ان يقف حائلا أمام الاستمرار فى ممارسة هذه الرياضة الشاقة؟ بداية احب ان أوضح ان حبى لتسلق الجبال بدأ فى السادسة عشرة من عمرى عند زيارة سويسرا ورغبتى فى تسلق جبال الالب. ومنذ ذلك الحين وضعت اول هدف فى طريق «القمم السبع» وهو تسلق جبل افرست الذى نجحت فى تسلقه فى مايو 2007، وفى و2013 اصبحت أول مصرى يحقق تحدى القمم السبع وهو تسلق أعلى قمة فى كل قارة، وأنا مازلت حتى الآن اقود رحلات الى الجبال، فاللياقة التى اكتسبتها خلال السنوات التى مارست فيها تسلق الجبال تؤهلنى للقيام بذلك لسنوات طويلة قادمة. وأنا اتذكر احد المتسلقين الذين رافقونى فى احدى رحلاتى كان رجلا يابانيا يبلغ من العمر 75 سنة. فاللياقة تستطيع ان تهزم التقدم فى العمر. هل انخراطك فى العمل الخيرى كان سببة صدمتك فى وفاة زوجتك ام نشاط اعتدت القيام به منذ الطفولة؟ اهتمامى بالاعمال الخيرية بدأ من خلال والدتى التى تدير مؤسسة «الحق فى الحياة» وهى منظمة لا تهدف للربح، تقدم الرعاية لمتحدى الإعاقة الذهنية فى مصر، فنشأت فى بيئة تهدف الى مساعدة الأخرين لجلب الايجابية فى المجتمع. كما أن زوجتى الراحلة مروة الفايد كانت قد انشأت مؤسسة تهدف إلى جمع لعب الاطفال والتبرع بها الى اطفال الملاجيء والمناطق النائية وبعد وفاتها قررت الاشراف عليها احياءا لذكراها. وقد استطعنا خلال وقت قصير جمع 10.000 لعبة من مصر وعدد من الدول منها نيبال والهند واثيوبيا. ومع التوسع الهائل للمؤسسة نبحث دائما عن متطوعيين جدد للمساعدة فى تغليف الالعاب لاظهارها بشكل لائق لنكون سببا فى اسعاد الاطفال المحتاجين. أطلقت عددا من المبادرات المجتمعية خلال الفترة الماضية إلى أى مدى حققت الاهداف المرجوة منها؟ بالفعل قمت بأطلاق مبادرة تهدف إلى ممارسة رياضة اليوجا وهدفها التوعية بالبيئة وضرورة الحفاظ عليها، ومثال على ذلك الرحلات الى محمية وادى دجلة باعتبارها من المحميات الطبيعية الجميلة الموجودة داخل القاهرة بالتنسيق مع الاممالمتحدة ووزارة البيئة، ويتم تنظيم الرحلات فى اول وثالث أيام السبت من كل شهر لممارسة رياضة المشى واليوجا بالاضافة الى توعية المجموعة بكيفية الحفاظ على المكان نظيفا وجعله مؤهلا لاستقبال الزائرين ولايتكلف المشترك سوى ثلاثة جنيهات رسوم دخول المحمية. ايضا هناك مبادرة الحق فى التسلق؟ تم اطلاقها عام 2010 من خلال الدمج بين حب تسلق الجبال وخدمة المجتمع عن طريق عدد من الرحلات الموجهة لجمع التبرعات وقد حفزت هذه المبادرة العديد من المتسلقين من جنسيات مختلفة من العراق والمملكة العربية السعودية ومصر. وكان يجمعهم هدف واحد وهو نشر الوعى عن معاناة متحدى الإعاقة الذهنية وتأمين الدعم المالى لهم من خلال شبكاتهم المهنية والشخصية وقد جمعت المبادرة مليون جنيه لمتحدى الإعاقة الذهنية فى مصر عام 2013. واجهت العديد من التحديات والصعوبات ولكن ما هو التحدى الذى كان له الأثر المباشر فى صقل شخصية عمر سمرة؟ عندما كنت فى الحادية عشرة من عمري، كنت مريضا بالربو واستطعت ان أقهر المرض من خلال اهتمامى بالرياضة، حيث بدأت بممارسة رياضة الجرى . وفى احدى زياراتى لسويسرا تسلقت اول جبل وانا فى السادسة عشرة من عمرى وكان التغلب على مرضى هو التحدى الاكبر امامى لتحقيق حلم الوصول لقمة أفرست الذى بذلت من اجله مجهودا كبيرا لعدة سنوات حتى استطعت تحقيقه. ومع كل هدف جديد يوجد تحديا جديد، فهذه هى الحياة. انت قدوة للشباب ونموذج ايجابى وسط هذا الكم من السلبية والروح الانهزامية التى نعيشها هذة الأيام فكيف يمكن انت تكون مثالا يحتذى به؟ انا على تواصل دائم مع الشباب من جميع الفئات والاعمار من خلال محاضرات ألقيها فى المدارس والجامعات، كذلك من خلال عملى حيث اقود فرقاً فى العديد من الرحلات. وانا مؤمن اننا لدينا الخيار دائما لأن نتغلب على كل ما يُقابلنا من تحديات، لقد فشلت فى العديد من الأعمال، أخفقت فى الوصول إلى القمة عدة مرات، خذلتنى ظروفى الصحية أكثر من مرة ولكنني تعلمت الكثير من فشلي، وفى المقابل أعلم أننى قد حققت الكثير، مما جعلنى اكتشف نفسى أكثر وأعلم أين تقع حدودى وإلى أين يمكننى أن أنطلق، ومايُهمنى أننى تعلمت كيف يمكن ان أُغيّر العالم بطريقتى الخاصة وهذه هى الرؤية التى احاول ان أتواصل من خلالها مع الشباب.