من فوق قمة جبل كليمنجارو أعلي جبل في أفريقيا، والذي يبلغ ارتفاعه 5895 مترا وقف أكثر من عشرين شابا وفتاة من الشباب المصري رافعين شعار «دمج المغامرة بالعمل الخيري»، جمعهم حبهم للمغامرة والتحدي من جهة، ورغبتهم في عمل الخير من جهة أخري فنسقوا بين حملة «الحق في التسلق» التي يقودها المتسلق العالمي المصري عمر السمرة وجمعية «الحق في الحياة» علي أن يلتزم كل متسلق بتدبير عشرين ألفا من الجنيهات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن خلال الفيس بوك تجمع هؤلاء الشباب.. مروة عباس - 30 سنة - خريجة كلية الصيدلة رغم اعتراض الأهل الشديد إلا أنها صممت علي خوض هذه التجربة الفريدة التي علمت عنها من «الفيس بوك»، وتقول مروة: كان حلما من أحلامي أن أسافر مجرد السفر، وعندما علمت بمغامرة تسلق الجبل علمت أنها ستكون تجربة حياتي، فمع أن ركبتي كانت مصابة، لكني صممت علي الصعود وكأن الجسد يخضع لإرادة صاحبه ودائما ما كنت أسمع أن 60% من المجموعة دائما تصل للقمة إلا أننا ونحن 26 فتاة استطعنا جميعا الصعود رغم أن كل واحدة منا تحمل حقيبة تزن 10 كيلوجرامات علي ظهرها في الصعود ومع أني لم أستطع إكمال دورة تعليم التسلق لضيق الوقت، لكنني صممت علي الصعود خاصة بعدما علمت أن التبرع الذي سيقدم من أجل هذا التسلق الذي يشترط أن يتم جمع 20 ألف جنيه علي الأقل من كل متسلق سوف يستخدم في تمويل جمعية «الحق في الحياة» التي تعني بالأطفال ذوي الإعاقات الذهنية، والفكرة كما تراها مروة جديدة في أنها تجمع بين المتعة والمغامرة ومساعدة المحتاج والخدمة المجتمعية. فهذا الدمج هو ما أعطي التجربة التفرد، وتقول مروة: لقد استمتعنا كثيرا، وغيرت هذه التجربة نظرتي للحياة وجعلتني أري العالم من فوق القمة بشكل مختلف وللحياة بشكل عام، وقامت علاقة قوية بيني وبين باقي المتسلقات مع أني لم أكن أعرف أيا منهن، ولعل أكثرما أثر فيه هو صعود رجل أجنبي تعدي الخمسين من عمره، وعنده إعاقة جعلته يتسلق برجل واحدة.. وأنا أظن أن ما ساعدنا علي الوصول هو التحدي بداخلنا الذي اكتشفناه من هذه التجربة. • السرطان ما دفعني للتسلق تحدي الصعاب هوايتي، هذا ما تؤكده عبير سليمان. تقول عبير: بعد إصابة صديقة والدتي بمرض السرطان واكتشافي أن علاج هذا المرض قد تصل تكلفته إلي 15 ألف جنيه، وأن هذا المرض أوسع الأمراض انتشارا بين السيدات في العالم وأن نسبة الإصابة به 33% من الإصابات بالسرطان، وأعلي نسبة وفيات في مصر ترجع لهذا المرض لاكتشافه في فترة متأخرة، ويصعب شفاؤه بسبب الجهل الصحي، ولأني أعشق تحدي الصعاب فقد قررت أن أقوم بحركة تدل علي القدرة علي تحدي الصعاب متمثلة في تسلق أعلي قمة جبل في العالم لتصل رسالتي لمريض السرطان بأنه لا شيء مستحيل، وللدعاية لمحاربة المرض من خلال توعيتهم بالكشف المبكر، وللفت نظر رجال الأعمال لهذا الموضوع للتبرع بمحاربته، وقررت الانضمام لمشروع مكافحة سرطان الثدي الذي يهدف لشراء 40 عربة طبية متنقلة للكشف المبكر علي أورام الثدي التي تبلغ قيمتها 7 ملايين جنيه مصري لمتابعة هذا المرض وتوعية النساء بمخاطره. وعن رحلة التسلق تقول عبير: بدأت التدريب علي التسلق علي نفقتي الخاصة لمدة 3 شهور، وقمت بشراء الأدوات الخاصة بالتسلق، ولم يكن التسلق سهلا أبدا، لكن الإنسان يستطيع الوصول لأي هدف يصمم عليه، والحمد لله استطعنا تدبير عربتين طبيتين للكشف المتنقل في الأماكن التي يصعب فيها علي السيدات الاتجاه للمستشفيات ويقل فيها الوعي. نادين رضا - 30 سنة - من المشتركات أيضا في هذه التجربة تقول: أنا بطبعي أهتم بالعمل الاجتماعي وأعمل في التسويق لجمعية خيرية تسمي «نهضة المحرومين» وعندما علمت أن جمعية أخري هي «الحق في الحياة» تنوي الاستفادة من تبرع الشباب علي «الفيس بوك» للتسلق والالتزام بجمع ما لا يقل عن 20 ألف جنيه وسيكون هناك رعاة، لذلك واستخدام كل ذلك في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة قررت الانضمام والاشتراك، وبالفعل جمعنا ما يزيد علي 700 ألف جنيه، وكانت تجربة فريدة من نوعها، واكتشفت كيف أن سبعة أيام فقط هي فترة التسلق قادرة علي إشعارك بتغيير شامل في حياتك . قائد هذه المجموعة هو عمر السمرة - 32 عاما - أول عربي يصعد قمة إفرست في العالم ويعمل في شركة استثمارية.. يقول عمر: كانت رحلتنا لتسلق جبل كليمنجارو بهدف لفت أنظار العالم تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، برفقة 26 شابا وفتاة لمدة سبعة أيام وأكثر ما اعترضنا كانت وعورة الجبل لطبيعته الصخرية وارتفاعه الشاهق والبرد القارس ونقص الأوكسجين ووحشة المكان، لكن عندما تطلع علي القمة وتشعر بأنك قد وصلت بمخالبك لما قد يعجز عن الوصول إليه المروحيات تعرف كم هو إحساس فريد! وعن بداية عشقه للتسلق يقول عمر: بدأت في سن السادسة عشرة حينما كنت في رحلة إلي جبال الألب في سويسرا في عشق التسلق لما رأيته من جليد وجبال، وقررت أن يكون حلمي هو تسلق قمة إفرست، وبالفعل حققتها سنة 2007، ولن أستطيع وصف إحساسي بعد هذا الصعود لأنك تشعر بأنك فوق سقف العالم في مكان يتيح لك الوقوف لرؤية حواف الكرة الأرضية، ويضيف عمر: أتمني أن تعطي وزارة السياحة المصرية أهمية لرياضة تسلق الجبال لفوائدها العديدة التي يمكن أن تسهم في زيادة الدخل القومي، فالجبال تتميز بالرحابة والسعة والهدوء، وهي أفضل مكان للروحانيات واستلهام الأفكار، حيث السكينة والصفاء العقلي وتكسب الفرد أيضا قوة تحمل وتتطلب المجهود الذي يعود الإنسان علي أبسط حالات المعيشة.