«السما صافية، وإنت على ارتفاع كبير لدرجة إنك بتحس إنك ممكن تمسك النجوم بإيديك». تقول نادية العوضى، 40 عاما، واصفة شعورها أثناء تسلق جبل كليمنجارو فى تنزانيا، الذى يعد أعلى جبل فى أفريقيا وواحد من أعلى 7 قمم فى العالم. كانت نادية تعمل طبيبة ثم قررت التوجه للعمل الإعلامى والصحافة. أغسطس الماضى نفذت نادية قرارا قد أمضت العامين الماضيين تفكر فيه، وهو أنها تتسلق جبل كليمنجارو. القرار كان مفاجأة للكثير من معارفها، فنادية أم لأربعة أطفال ولا تحترف أى لعبة رياضية وليس لها خبرات فى مثل هذا النوع من المغامرات. تقول نادية إنها قد سافرت إلى كثير من بلدان العالم فى أثناء عملها الإعلامى، ومارست خلال سفرياتها المتعددة عددا من الرياضات المتنوعة، كالتزلج على الجليد أو المياه و«الباراجلايدينج»، وهو القفز بمظلة كبيرة من ارتفاع عال. «ما كانش عندى أى خبرة فى أى رياضة من دول»، تقول نادية وتؤكد أنها لم تنجح فى التزحلق على المياه بشكل جيد، إلا أن المهم بالنسبة لها كان متعة التجربة، فهى ليست رياضية محترفة. «طول عمرى باحس إنى لازم أعيش الحياة بنفسى، مش من خلال القراءة عن تجارب الآخرين»، تقول نادية شارحة أنها كلما قرأت عن متسلقى الجبال والغواصين وغيرهم شعرت برغبة فى التجربة، «الناس دى بتستمتع بحياتها بأشكال مختلفة، وأنا كمان أقدر على كده». نادية نصف مصرية نصف أمريكية، تعيش فى مصر مع زوجها «المصرى مليون فى المية» على حد قولها. «أنا بتسئل كتير عن إزاى جوزى وعيلتى وافقوا على الرحلة دى»، تقول نادية، «لكن إحنا عيلتنا فيها احترام متبادل وفيها إن الإنسان الناضج مسئول عن أفعاله بشكل مستقل وكامل». فى إحدى قاعات المركز الثقافى البريطانى، تروى نادية تجربتها أمام أعضاء مجموعة «صحارى سفارى»، التى تضم المصريين المهتمين بالسفارى ورياضات الغوص وتسلق الجبال والدراجات واختراق الضواحى وغيرها. وضعت نادية على منضدة صغيرة كل ما حملته فى أثناء رحلتها، وهى تحكى قصة كل قطعة منها. تبدأ بالحذاء الخاص بتسلق الجبال والذى يجب أن يكون ذا رقبة عالية لحماية الكاحل، وكعب صلب، ومضاد للمياه. تستعرض العكاكيز التى يستند عليها المتسلق فى أثناء الصعود، والزمزمية المضادة للمياه. ثم تتحدث عن درجة الحرارة المنخفضة والتى تستلزم لبس طبقات متعددة من الملابس. «ابتعدوا عن الملابس القطنية»، تقول نادية، «الرطوبة عالية جدا ومستحيل الهدوم تنشف»، لذلك يجب على متسلقى الجبال استخدام ملابس مصنوعة من أقمشة صناعية وملابس داخلية حرارية. أغلب هذه المعدات غير متوافرة بمصر، ويلجأ متسلقو الجبال المصريون لشرائها من على الإنترنت أو يوصون معارفهم بشرائها من الخارج. تقول نادية إنها استعدت للرحلة على مدار أكثر من 13 شهرا، من خلال القيام ببعض التدريبات الرياضية على فترات متقطعة، والالتزام بالأكل الصحى، ثم اللجوء إلى شركة سفارى مصرية لتسلق جبل سانت كاترين، أعلى قمة فى مصر. يقاطعها يحيى، رئيس الشركة، قائلا أنه كان شديد السعادة حين وجد أما مصرية محجبة لها اهتمام بالسفارى وحب للمغامرة. اختارت نادية شركة أمريكية متخصصة فى السفارى للقيام برحلتها لعدم وجود شركات مصرية تقوم بمثل هذه الرحلة، إلا أن مؤخرا قررت شركتان مصريتان تنظيم رحلات لتسلق جبل كليمنجارو، إحداهما شركة جديدة يملكها عمر سمرة، أول مصرى تسلق قمة إيفرست. «الناس كانت حريصة جدا على الحفاظ على خصوصيتى لأنى محجبة»، تقول نادية، التى صعدت الجبل مع فوج به سيدتان فقط وأكثر من 20 رجلا. وتقول إنها كانت تلجأ للتيمم فى الاستعداد للصلاة فوق الجبل، «فالوضوء مستحيل، الهدوم اللى لابساها كان بيتكون فوقيها تلج، ومش قادرة أقلع الجوانتى من إيدى». أكثر من مرة كانت نادية تشعر بالإرهاق الشديد وتفكر فى النزول وسط الرحلة، خصوصا فى اليوم الرابع من الرحلة. «البرد كان واصل للعظم، وكنت عمالة أقول أنا عملت ليه فى نفسى كده». إلا أنها تحاملت وواصلت التسلق حتى القمة، «ولما وصلت كنت منهارة ومعيطة». تشعر نادية بالفخر لأنها استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز، وتقول إن أهم ما تعلمته هو التأنى الشديد والهدوء فى القيام بأى عمل. «بولى بولى هى الكلمة التى ستسمعها من كل اللى حواليك فى رحلة التسلق»، وهى كلمة سواحلية معناها «خطوة خطوة».