ليس هناك عنوان واضح حتى اليوم لأكذوبة «الربيع العربي» سوى مجازر دموية وحروب أهلية وصراعات طائفية ومذهبية خلفت وراءها ملايين القتلى والجرحى وملايين المشردين الباحثين عن أى ملاذ آمن فى أصقاع الدنيا... فلماذا يغضب البعض من الحقيقة. لقد كان يكفينا ما جرى للعراق منذ احتلاله عام 2003 قبل هبوب عاصفة الربيع العربى ب 8 سنوات وانخداعنا فى الطرح الأمريكى لنشر الديمقراطية بعد تفكيك الدولة العراقية فإذا بنا أمام مأساة مرعبة أيقظت كل عوامل التقسيم والتشرذم فى المجتمع العراقى وأشعلت كل نيران التطرف الدينى والمذهبى والعرقي. ما الذى جعل العراقيين يترحمون هذه الأيام على حكم صدام حسين وأدى كذلك بالليبيين إلى أن يتنامى لديهم شعور مماثل تجاه معمر القذافى رغم أن كليهما صدام والقذافى أذاق شعبيهما من الظلم والاستبداد الكثير والكثير... والسبب فى ذلك أن الناس كان بمقدورها أن تتحمل الظلم والاستبداد طالما أن هذه الأنظمة الديكتاتورية كانت توفر لها الأمن والاستقرار وتقف على مسافة واحدة من كافة الطوائف والمذاهب والأقليات. وليس لأحد أن يلوم هؤلاء المتباكين على القذافى وصدام بعد أن رأى الناس بأم أعينهم أن إسقاط الدولة المركزية عاد عليهم بالخراب والدمار والفوضى والتشريد وفتح الباب على مصراعيه لاستباحة دولية وإقليمية للأقطار العربية المنكوبة بفتنة الربيع العربى، فالأتراك يعبثون فى شمال سوريا والإيرانيون لهم الكلمة العليا على أرض العراقوسوريا وإسرائيل تسابق الزمن لدفن القضية الفلسطينية والأوروبيين يتصارعون حول الكعكة النفطية لليبيا. وللأسف الشديد فإن الحصاد الأبرز لهذا الربيع العربى أعاد الاحتكام للقنابل والمدافع عنوانا رئيسيا للمشهد وأغلق كل إمكانية للحوار واحترام الرأى والرأى الآخر وبتنا بحاجة إلى زمن طويل لإعادة تأهيل هذه الشعوب للقبول بحد أدنى من التعايش قبل أن تحلق هذه الشعوب فى سماوات الحلم الموؤود لبناء الديمقراطية المأسوف على شبابها. خير الكلام: ليس كل عطاء منحة.. وليس كل حرمان محنة ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله