ليس صحيحا أن العالم العربى بات محكوما بخيارين وحيدين هما ضمان الاستقرار تحت رايات الاستبداد وحكم الفرد أو الانزلاق إلى الفوضى باسم الحرية والديمقراطية. إن ما لحق بالعالم العربى فى السنوات الأربع الماضية لا ينبغى أن يرجح كفة اختيار الاستبداد وحكم الفرد لتجنب الفوضى والخراب وعدم الانزلاق للحروب الأهلية وإنما ينبغى الاستفادة من دروس هذه الملهاة التى استدرجت إليها أوطاننا دون رؤية ودون تبصر! إن الحرية لا تستورد من الخارج ولا يستدل على قواعدها بروشتات سابقة التجهيز وتمويلات مشبوهة وإنما الحرية إرادة ذاتية بعيدا عن أجندات الفوضى الهدامة التى استهدفت تدمير مفهوم الدولة الوطنية من خلال مجاراة ومغازلة الطفولة والمراهقة الثورية بترديد شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» بدلا من الاجتهاد لطرح حلول عملية لمشاكل الصحة والتعليم والتوظيف ورغيف الخبز. الحرية التى تحتاجها بلادنا أبعد ما تكون عن الاستدراج بوعى أو دون وعى إلى تفكيك الدولة والتشكيك فى أعمدة البناء الرئيسية وإنما بالدعوة إلى مراجعة الثقافة السياسية العفنة التى ظلت لسنوات طويلة تروج لعدم وجود البدائل ليس فقط عند مستوى سدة الحكم وإنما شملت كل المواقع الرئيسية والحساسة فى المؤسسات الوطنية المختلفة. ليس معقولا أن نقبل بالاستبداد كضمان للاستقرار وإنما علينا أن نسعى لبناء الوطن الحر والمواطن الحر بأطروحات جديدة تنسف كل الأفكار التى ثبت فشلها وعفا عليها الزمن خصوصا على صعيد تعميق المواطنة وتأمين الوحدة الوطنية فى الداخل بالتوازى مع منظور ثقافى مستنير يربطنا بالعالم والعصر الذى نعيش فيه بعد أن تكررت محاولات المتطرفين والإرهابيين لدفعنا لصدامات حضارية مع الأمم الأخري. وإذا لم تتكاتف الدول العربية بصدق مع بعضها البعض من أجل صياغة رؤية ثقافية وسياسية وأمنية مشتركة فإن النار سوف تحرق الجميع بمن فيهم الدول التى تأوى تجار الدم والأزمات .. والذى يجرى فى ليبيا واليمن بعد الذى جرى فى سوريا والعراق هو خير شاهد على صحة ما أقوله! خير الكلام: ضجت الصحراء تشكو عربها من ظلام الفكر وغياب الرؤى ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله