فى محاولة منه للحفاظ على الهدنة القائمة بين الحكومة السورية والمعارضة من الانهيار، طلب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى من نظيره الروسى سيرجى لافروف ممارسة ضغوط على دمشق لحملها على احترام وقف إطلاق النار السارى فى سوريا منذ نهاية فبراير الماضي، والذى بات مهددا بفعل المعارك المتواصلة بين الجانبين فى بعض أنحاء البلاد، فى حين أعلنت أبرز أطراف المعارضة السورية عدم ممانعتها مشاركة دبلوماسيين أو تكنوقراط من حكومة دمشق فى هيئة الحكم الانتقالى المزمع تشكيلها فى حالة التوصل إلى اتفاق بشأنها. وقال جون كيربى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن كيرى أجرى اتصالا هاتفيا مع لافروف أبلغه خلاله بأن "واشنطن تنتظر من موسكو حض الحكومة السورية على الالتزام بوقف الأعمال القتالية، فيما سنعمل نحن فى المقابل مع المعارضة للتصرف بالمثل". وأوضح أن كيرى أعرب للافروف عن "مخاوف كبيرة حيال التهديدات المتواصلة لوقف الأعمال القتالية فى سوريا والحاجة الملحة إلى أن توقف حكومة دمشق انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار"، على حد تعبيره. وقال كيربى إن "كيرى أكد بوضوح أننا قلقون بشأن أعمال العنف الدائرة فى مدينة حلب وما حولها، وإننا قلقون أيضا إزاء التقارير - التى نعتقد أنها تحظى بمصداقية - حول انتهاكات لوقف الأعمال القتالية". وأضاف أن القوات الموالية للرئيس السورى بشار الأسد "تتلقى مساعدة من الضربات الجوية الروسية، نعم، هذا مصدر قلق بالنسبة لنا". وأشار إلى أن كيرى أعرب للافروف كذلك عن قلقه إزاء التقارير التى تفيد بأن الجنرال الإيرانى قاسم سليماني، قائد فيلق القدس فى الحرس الثوري، يقوم الآن بزيارة إلى موسكو. وأشار إلى أن كيرى قال له: "لست فى موقع لتأكيد ما إذا كان هذا صحيحا فى الواقع أم لا". وتابع كيربى :"لكن كما قلنا عندما كانت هناك تقارير سابقة حول زيارة مماثلة. هناك عقوبات من الأممالمتحدة على الجنرال سليمانى تبقى سارية المفعول وإذا كان هذا صحيحا فسيكون ذلك انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي، ونحن نعتقد أن هذا يشكل مصدر قلق لكل من الأممالمتحدة والولايات المتحدة". ويأتى الاتصال بين كيرى ولافروف فى وقت أجبرت فيه المعارك العنيفة التى تشهدها محافظة حلب فى شمال سوريا عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم، وألقت بظلالها على المفاوضات غير المباشرة التى استؤنفت منذ مساء الأربعاء الماضى فى جنيف برعاية الأممالمتحدة. وفى الشأن ذاته، أعلن أسعد الزعبى رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية فى مؤتمر صحفى مع ستافان دى ميستورا مبعوث الأممالمتحدةلسوريا فى جنيف أن الوفد طالب الأخير بمخاطبة المجتمع الدولى للضغط على النظام فى سوريا من أجل وقف العنف واحترام الهدنة، على حد قوله. وأضاف الزعبى أنه فى الوقت الذى يطالب فيه المجتمع الدولى بضرورة إيجاد حل سياسى للأزمة السورية وعودة اللاجئين والمهاجرين، فإن التصعيد العسكرى فى حلب يجبر أكثر من 30 ألفا من السكان هناك على الخروج والوصول إلى الحدود التركية . وقال الزعبى إن المعارضة تثمن التوافق بين وزير الخارجية الأمريكى ونظيره الروسى لافروف حول ضرورة الضغط على الحكومة السورية لاحترام الهدنة، مشيرا إلى أنه لولا صبر المعارضة هناك حتى الآن ماكانت الهدنة. وأضاف أن دمشق لم تكن جادة فى العملية السياسية وإنما هى دائما تتحدث خارج الواقع وإن كانت تريد الجدية فعليها القبول بقرارات مجلس الأمن وبهيئة الحكم الانتقالى كاملة الصلاحيات والسلطات. وعلى الصعيد السياسي، أعلنت أبرز أطراف المعارضة السورية عدم ممانعتها مشاركة دبلوماسيين أو تكنوقراط من النظام فى هيئة الحكم الانتقالى متى تم الاتفاق على تشكيلها، حيث ذكر سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة" أنه لا يمكن قبول مشاركة أطراف اقترفت جرائم بحق الشعب السورى فى هيئة الحكم الانتقالي، لكن هناك الكثير من الموجودين لدى حكومة دمشق أو المستقلين فى سوريا"، على قوله. وأضاف المسلط :"هناك أيضا الكثير من الدبلوماسيين والتكنوقراط، لكن هذا القرار يحدده الشعب السوري، وهو من يفوضنا باختيار أسماء أعضاء الهيئة". وأوضح المسلط: لم يتم التطرق بعد إلى الأسماء التى يمكن القبول بها، "لأننا ما زلنا فى مرحلة بحث الانتقال السياسى وهيئة الحكم الانتقالي"، لكن "الشعب يعرف من أجرم بحقه ومن اتخذ موقفا محايدا"، على حد تعبيره. وميدانيا، تخوض قوات الجيش السورى معارك ضارية ضد جبهة النصرة والفصائل المقاتلة المتحالفة معها فى ريف حلب الجنوبي، وكذلك فى مناطق واقعة شمال مدينة حلب. وتستكمل هذه القوات السورية هجوما هدفه قطع طريق "الكاستيلو"، المنفذ الوحيد للأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة فى المدينة، وبالتالى محاصرة تلك الأحياء. وتعد معارك حلب الحالية الأكثر عنفا منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية. وبرغم أن الاتفاق يستثنى جبهة النصرة وتنظيم داعش، إلا أن انخراط جبهة النصرة فى تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة ومشاركة الفصائل فى المعارك، من شأنه أن يهدد الهدنة.