أكد وزير تجارة دولة بيلاروسيا فلاديمير كولتوفيتش وقوف بلاده دائما بجانب مصر سواء فى أثناء الحقبة السوفيتية أو حاليا معلنا تأييد بلاده لطلب القاهرة توقيع إتفاق لتحرير التجارة مع التجمع الاقتصادى الأورواسيوى الذى يضم 5 دول هى روسياوبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغستان وأرمينيا. وكشف فى حوار مع »الأهرام« خلال زيارته القاهرة، عن أن بلاده حريصة على زيادة علاقاتها الاقتصادية مع مصر التى تنظر لها باعتبارها الدولة الرائدة فى إقليم الشرق الأوسط وأفضل نافذة لتوسيع علاقات بيلاروسيا بدول الشرق الأوسط وإفريقيا. وأشاد بقرارات الحكومة المصرية والبنك المركزى الأخيرة الخاصة بأسعار صرف العملة المصرية أمام العملات الأجنبية واصفا تلك الإجراءات بالأمر المهم لايجاد حلول لازمة نقص العملات الأجنبية بالسوق المصرية مما سيتكون له آثار ايجابية على مناخ الاستثمار والأعمال كما ستسمح تلك القرارات بتوافر العملات الصعبة، لتمويل تجارة مصر مع شركائها الدوليين بجانب إنها تعد حافزا إضافيا للصادرات المصرية، مشيرا إلى أن هذه القرارات للبنك المركزى لابد أن تتواكب معها قرارات داعمة من الجهات الحكومية الأخري، معربا عن أمله فى نجاح الحكومة المصرية فى تنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية..وإلى تفاصيل الحوار: بداية.. كيف تقيم العلاقات بين مصر وبيلاروسيا خلال الفترة الراهنة؟ ترتبط بيلاروسيا مع مصر بعلاقات متميزة منذ فترة طويلة، ولم تنقطع يوما حتى عندما غاب الاتحاد السوفيتى كانت مصر من أوائل الدول التى أقامت علاقات دبلوماسية مع بيلاروسيا، كما إننا ننظر إلى مصر باعتبارها شريكا أساسيا لبلادنا فى المنطقة فهى طيلة تاريخها العريق تعد قائدة للعالم العربى كما تتمتع بموقع جغرافى متميز وترتبط بعلاقات وصلات اقتصادية متميزة، ولذا فإن عملنا المشترك حاليا يوجه للاستفادة من كل هذه المقومات التى تميز الاقتصاد المصري. واعتقد ان مصر يمكنها أن تصبح نافذة لبيلاروسيا للخروج بتعاملاتها الاقتصادية إلى أسواق إفريقيا والشرق الأوسط، كما ظهر فى الفترة الاخيرة عامل يزيد من قوة علاقات البلدين وهو طلب مصر توقيع اتفاق لتحرير التجارة مع دول التجمع الاقتصادى الاورواسيوي، حيث إن هذه الرغبة المصرية ستسهم فى تعميق علاقات التعاون بين الجانبين. اتفاق تحرير التجارة مع تجمع »الأورواسيوي« من الملفات التى توليها الحكومة المصرية اهتماما بالغا، فهل تحظى مصر بدعمكم لطلبها؟ نحن دائما ندعم مصر فى جميع الملفات، خاصة هذا الاتفاق، الذى نراه مهما للجانبين فمثلا مصر يمكنها الاستفادة من موقع بيلاروسيا كجسر يربط روسيا ودول الغرب، كى تصبح محطة انطلاق لمصالح مصر ولنمو تجارتها الدولية مع تلك المناطق. وأود أن أشير إلى نقطة مهمة وهى أنه خلال عام 2003 تم الاتفاق على إنشاء لجنة تجارية مشتركة عقدت أول اجتماع لها فى ذلك العام وللأسف كانت هناك فترة توقف لمدة عشر سنوات لاجتماعات اللجنة وبفضل جهود حكومتى البلدين ممثلين فى وزارة التجارة والصناعة المصرية ووزارة الخارجية والسفارة البيلاروسية بالقاهرة تمت معاودة الانطلاق مرة أخري، حيث اجتمعت اللجنة للمرة الثانية عام 2014 وتبنت خطة عمل لما نطمح فى تحقيقه مستقبلا، وخلال الاجتماع الثالث للجنة التجارية المشتركة التى اختتمت أعمالها بالقاهرة أخيرا اتفقنا على ألا نوقف الايقاع مرة أخرى وأن الوقت حان للتحول من المفاوضات والمشاورات إلى مرحلة التنفيذ والتعاقد على مشروعات حقيقية. هل أنت راض عن نتائج اجتماعات القاهرة؟ بالفعل، أنا سعيد بالنتائج، حيث أصبح كل شيء متاحا والوقت أصبح مثاليا للانطلاق للوصول إلى غايتنا وهى مزيد من التعاون وهناك مقولة فى بلادى هى الاتصال مع الاشخاص يحل كل شيء ولذا نحن سعداء بمباحثاتنا مع وزير التجارة والصناعة المصرى المهندس طارق قابيل وهناك ثقة واضحة فى علاقاتنا وعلاقات مجتمع الأعمال بالبلدين. وفى هذا الإطار، فإننى أنتهز فرصة هذا الحوار مع »الأهرام« لتهنئة المجتمع المصرى وقيادته السياسية على تطورات الأحداث السياسية ونجاح مصر فى إنهاء خريطة الطريق بانتخاب البرلمان ومن قبل الانتخابات الرئاسية وإقرار الدستور بجانب الخطوات الاصلاحية التى تنفذها الحكومة المصرية، لأن الأعمال الاقتصادية والتعاون التجارى الفعال يتطلب استقرارا سياسيا. إذن كيف تقيم الوضع الاقتصادى المصرى الآن؟ لا شك أن الوضع الاقتصادى أصبح افضل الآن، حيث نجح الاقتصاد المصرى فى تحقيق معدلات نمو تفوق نسبة 4% كما أن الحكومة المصرية أعلنت عن خارطة طريق للاصلاح الاقتصادى كما تتبنى عددا من برامج تحفيز الاقتصاد، والتى نرى أنه يمكن لبلادنا بيلاروسيا أن تلعب دورا فى دعم هذه البرامج والخطط حيث يوجد ببلادى اليوم اقتصاد منفتح على العالم ونعد الرواد فى منطقتنا فيما يتعلق بصناعات السيارات والآلات والمعدات الزراعية ونحن مستعدون لمد المزارعين المصريين بجميع المعدات الزراعية ووسائل النقل الخاصة بها بجانب تبادل التكنولوجيا فى مجال تطوير القطاع الزراعى والذى حققنا الإكتفاء الذاتى فى معظم حاصلاته ونقوم بالتصدير لجزء متعاظم من الإنتاج الزراعى بخلاف إمكانية التعاون لتنمية الثروة الحيوانية بمصر كما تمتلك بيلاروسيا مناخا مناسبا للاستثمار وهو ما يوفر البيئة المناسبة للتعاون المشترك بين الجانبين، وعموما مستعدون للمشاركة فى تقدم مصر. ما هى الملفات الأخرى التى يمكن لبيلاروسيا مساعدة مصر فيها؟ لاشك إن صناعة السياحة من الصناعات المهمة للبلدين ومن المجالات المنتظر أن تشهد طفرة فى حجم السياحة الوافدة من بلادى لمصر والتى تضاعفت بالفعل مرتين خلال أخر عامين، علما بان بلادى حريصة على تسهيل انسياب حركة السياحة الوافدة منها لمصر كما إنها لم تتخذ أى إجراءات أو قيود لعمل شركات السياحة قد تحد من تدفق حركة السياحة الوافدة لمصر. ماذا عن خطط تنمية محور قناة السويس، كيف يتم تقييمها؟ هذا المشروع من الملفات المهمة للغاية حيث يحظى باهتمام من مجتمع الأعمال البيلاروسي، وبشكل عام فإن اجتماعات القاهرة شهدت أيضا عقد الاجتماع الأول للجنة الصناعة المشتركة بين البلدين حيث أسفر الاجتماع عن وضع خطة لما سنقوم به من عمل ليس فقط ما يتعلق بتوريد المعدات ولكن تم وضع أساس واضح لإمكانيات التصنيع المشترك، ومنذ 6 أشهر وهناك مفاوضات مع شركات مصرية لبدء مشروع لإنتاج سيارات نقل وجرارات وإذا انتهت المفاوضات باتفاق سيكون لدينا نموذج وخبرة عملية جيدة يمكن تعميمها على اتفاقيات لمشروعات أكبر حجما. ما الذى يميز صناعة السيارات فى بيلاروسيا والذى يمكن نقله لمصر؟ نحن ننافس بقوة فى صناعات السيارات وبأكثر من موديل وذلك نظرا لتميزنا فيما يخص السعر والجودة أيضا فقد انتجنا سيارات نقل ذات حمولة تبلغ 450 طنا للسيارة الواحدة وهو ما يوضح إلى أى مدى نحن متميزون فى هذا المجال ويمكننا انتاج هذه السيارات فى مصر. ونحن جاهزون أيضا لتوريد معدات البناء والمشاركة فى مشاريع استصلاح وزراعة الاراضى الصحراوية سواء بالمعدات اللازمة أو المساعدة فى حفر الآبار وتطوير نظم الرى وتخزين المياه الجوفية. هل يمكن لبيلاروسيا المساعدة فى مشروع استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان وهو أحد المشاريع القومية لمصر؟ نحن على استعداد للمشاركة وتقديم خبراتنا لمساعدة مصر فى تنفيذ هذا المشروع وغيره من المشاريع الكبري، خاصة وأننا نمتلك تكنولوجيا عالية فى عمليات الرى الحديث، وهو ما يتناسب بشكل كبير مع مشروع مصر القومى الخاص باستصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان. هل تأثر اقتصاد بيلاروسيا بأزمة تراجع أسعار البترول عالميا؟ بالفعل تأثرنا سلبا بتراجع أسعار البترول عالميا رغم إن بيلاروسيا لا تمتلك احتياطيات بترولية ضخمة مثل روسيا الاتحادية، لكن نظراً لتأثير أسعار البترول على قوة الروبل الروسى فقد امتدت الآثار السلبية لاقتصادنا. ماذا عن توقعاتكم لأسعار البترول وما السعر العادل لها؟ استضافت روسيا العام الماضى منتدى دوليا دعى للمشاركة فى أعماله كثير من الشخصيات الدولية والخبراء حيث أشار وفد بيلاروسيا إلى أن مستوى 50 دولاراً للبرميل أمر جيد ويسمح لاقتصادنا بنوع من الاستقلالية وعموما نحن الآن نتجه من اقتصاد معتمد على المواد الخام الأولية إلى اقتصاد متنوع يعتمد على الاستثمارات الصناعية التى تزيد من القيمة المضافة لثرواتنا الطبيعية. كيف ترى أهمية قرارات البنك المركزى المصرى بتخفيض قيمة الجنيه؟ هذا القرار سيسمح بمواجهة جادة لمشكلة عدم وجود العملة الصعبة فى مصر وسيسمح أيضا بتوافر هذه العملات لتمويل تجارة مصر الدولية مع شركائها، كما أنه يعد حافزا للتصدير ويوفر مناخا جيدا لممارسة الاعمال ولكن هذا القرار لابد أن تتواكب معه قرارات أخرى من جميع المؤسسات المصرية لتجاوز الصعوبات التى تعانى منها مصر فيما يخص الدولار. ومن جانبنا نأمل فى نجاح الحكومة المصرية فى مسعاها، حيث ان تلك القرارات ستسهم فى استقرار سعر العملة وستعزز من مناخ الاستثمار. أخيرا نود إلقاء الضوء على مؤشرات اقتصاد بيلاروسيا؟ تتصدر بيلاروسيا المركز 44 فى تقرير ممارسة الاعمال الصادر عن البنك الدولى العام الماضي، حيث يبلغ حجم الناتج المحلى الاجمالى لبلادى نحو 71.7 مليار دولار ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى نحو 17263 دولارا، كما يصل حجم الميزان التجارى لبيلاروسيا لنحو 80.2 مليار دولار، من خلال صادرات بقيمة 37.2 مليار دولار، مقابل واردات بنحو 43 مليار دولار حيث نتعامل تجاريا مع 80 دولة عبر العالم. كما تتميز بيلاروسيا بأن 90% من تعداد السكان متعلمون حيث تعد من الدول الأكثر تعليما وتأهيلا لاحتياجات سوق العمل مع تمتعها بحرية حركة السلع والخدمات ورأس المال والقوى العاملة.