يتميز الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامى لحقوق الإنسان للأمم المتحدة بانتمائه للمنطقة العربية القادم منها إلى منصب المفوض السامى لحقوق الإنسان كاول عربى يصل لهذا المنصب الرفيع الذى انشأه الدكتور بطرس بطرس غالى الامين العام الأسبق للأمم المتحدة بعد مؤتمر فيينا الشهير لحقوق الانسان منذ 23عاما. وقد طرح الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامى لحقوق الإنسان رؤيته مؤخرا لوسائل مواجهة التحديات الصعبة بالدول العربية، واعتبر أن من واجبه ك«مفوض سامى أممي» أن يلفت انتباه رؤساء الدول والحكومات والمجتمع المدنى خلال حضوره مؤتمرا لتقويم دور مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان فى العالم العربى بالدوحة. وتضمنت رؤية المفوض السامى للأمم المتحدة 4 أسس رئيسية متصلة بحالة حقوق الانسان فى العالم العربى لتحقيق التغيير المنشود بها، والخروج من الحالة السيئة والمتردية التى تتعرض لها والتي تجعل النظم السياسية معرضة لانتقادات أوروبا وامريكا دائما .وتبدأ رؤيته التى نشأت بعد الثورات وذلك باتباع طريق التصدى للتنظيمات المتطرفة فى المناطق التى تشهد عنفا وقتالا وغيابا لدولة القانون، لأن هذه التنظيمات تُدمر كل المكاسب الحضارية للأمة العربية وتقضى على الوئام الوطنى والتعايش الدينى اللذين ميزا تاريخ هذه المنطقة منذ آلاف السنين، وتخلق ممارسات ضارة بحقوق الإنسان تطفو على السطح بعدما تجاوزتها البشرية مثل العبودية والتعذيب والقتل والتصفية الدينية والعرقية والاستغلال الجنسى للنساء من الأقليات الدينية والعرقية ، بما يحتم وضع آليات مستقلة بكل دولة لرصد حالات التطرف والكراهية ووضع الخطط للمكافحة والوقاية منها . ويتمثل الأمر الثانى في ضرورة ضمان الأمن باعتباره واجبا أساسيا على كل دول المنطقة التى تواجه تحديات جسيمة فى مكافحة الإرهاب، وإدراك أن المعالجات والحلول الأمنية التى لا تُراعى حقوق الإنسان والعدالة والإنصاف لن تعطى نتيجة إيجابية، فالتصدي للعنف والارهاب لن يؤتى ثماره فى ظل وجود مناهج تعليمية وبرامج اعلامية تحضّ على الكراهية والتمييز ضد الآخر. كما أن سعي الدول بالمنطقة لتحقيق أى نمو ورفاهية اقتصادية أو معدلات تنمية لن يؤتى ثماره دون أن يكون أساسها الانسان ، ولن تحقق فاعلية في سعيها الي القضاء على أسباب المشاكل الاجتماعية دون أن تضع نصب عينها أن الانسان لا يحيى بالطعام والشراب وحسب بل تحيا نفسه بالتكريم والحماية من الذل والقهر والامن الشخصى والحريات. وأوضح الأمير بن رعد أن الدول العربية قطعت شوطا فى التصديق على الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الانسان، غير أنه من حيث التطبيق لا يلمس المواطن العربى أثرا لتلك الالتزامات القانونية والدولية. ولذلك فإن البند الثالث فى رؤيته يتعلق بالالتزام بالقوانين الدولية مما يتطلب تطوير التشريعات المحلية لتتواءم معها،ولاتستطيع المفوضية فرض أى قرار على الدول التى لم تصدق على الاتفاقات الدولية الخاصة بحماية حقوق الانسان، لكنها تحضها على القيام بإجراءات التصديق. بينما الجزء الأخير فى طرحه يتعلق بالخصوصية الثقافية للمنطقة العربية التى يلوح بها البعض دوما وجعلها عائقا أمام تحسين حقوق الانسان ، حيث إن كثيرين يتطرقون لمسألة الخصوصية الثقافية للمنطقة العربية لكنهم يغفلون أن الإسلام اهتم بقواعد المساواة بين البشر والتعايش بين الشعوب مصداقا لقول الله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» مما يستوجب أن نوسع نظرتنا بالمفهوم المعاصر لتلك المبادئ ، فالإسلام ضمن غالبية الحقوق الأساسية للإنسان ، ويجب أن تمتد إلي دور العبادة والعقيدة والشعائر والأمن الاجتماعى والإنسانى بل وحماية المستشفيات، وإذا كان الصحابة الأوائل قد هاجروا إلى الحبشة طلبا للأمان، فكيف لا تُفتح الأبواب اليوم أمام اللاجئين ولا نوفر الحماية للأطفال والنساء واللاجئين والنازحين من التعديات والانتهاكات وجبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الانسان. ويرجع السبب لتصريحات الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة إلي التقارير القادمة من المنطقة، منها عن الأوضاع فى ليبيا التى وصفتها بأنها تشهد يوميا تدهورا خطيرا نتيجة سلسلة من الانتهاكات التجاوزات واسعة النطاق منذ بداية عام 2014 ، وغياب العدالة والمسئولية وحدوث أخطاء مشتركة من الجهات المتصارعة سواء الحكومية وغير الحكومية متهمة إياها بارتكاب انتهاكات وتجاوزات خطيرة للغاية، ترقى فى كثير من الحالات إلى مستوى جرائم حرب. ولم يكن الوضع فى سوريا أفضل حالا فقد كشف تقرير حديث للمفوضية أن جميع الأطراف المتنازعة فى سوريا لاتلتزم بقواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى بحماية المدنيين ولاتسمح غالبا بوصول الإغاثة الإنسانية للمناطق المحاصرة والمنكوبة . بينما تدهورت بشدة لدرجة خطيرة حقوق الإنسان باليمن منذ بدء الأعمال المسلحة بسبب الصراعات الداخلية وانتهاك جميع أطراف الصراع اليمنى القانون الإنسانى الدولي.