ركن نجيب محفوظ في مكتبة الإسكندرية: ذاكرة حيّة لأديب نوبل    إثيوبيا تتعنت، خبير يكشف سر تأخر فتح بوابات سد النهضة    عيار 21 يسجل 4570 جنيها .. افتتاح سوق الذهب على ارتفاع بمستهل تعاملات الأسبوع    ضوابط حصول الشركات على المنح الحكومية    وزير البترول: ندعم توسع أعمال شركة الحفر "EDC" في السعودية والكويت    منتجي الدواجن ينفي شائعة تفشي أمراض وبائية    رئيس هيئة الاستثمار يلتقي حاكم مقاطعة قوانجدونج الصينية والوفد المرافق له    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    إزالة 27 حالة تعدي واسترداد 73 فدان بمركزي الفتح وأبوتيج فى أسيوط    مدير عام مجمع الشفاء يحذر من انهيار صحي وشيك في غزة    نجل ترامب يتهم جيل بايدن ب"التستر" على إصابة الرئيس السابق بالسرطان    قوات إسرائيلية تتنكر بزي نسائي للتسلل إلى منزل في خان يونس    قبل إعدامه بساعات.. ماذا كتب الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين فى وصيته؟ اعرف التفاصيل    «الجارديان»: روسيا تشن غارات جوية على أوكرانيا قبل مباحثات بوتين وترامب اليوم    ميسي: إنتر ميامي يمر بوقت صعب قبل كأس العالم للأندية    مصدر ليلا كورة: الإسماعيلي يسعى لتجديد تعاقده مع تامر مصطفى    القبض على عنصرين إجراميين بحوزتهما أسلحة نارية وذخائر بالمرج    مصرع عنصرين شديدي الخطورة، وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة بعدة محافظات    تحرير 958 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    طقس اليوم فى مطروح.. معتدل غائم جزئيا واستقرار حالة البحر وحار على سيوة    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية بمديرية التضامن الاجتماعي    ضبط متجرى المواد المخدرة ومصرع عنصرين جنائيين عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة    ضبط شخصين بعد مشاجرة بالقاهرة لتعديهما على بعضهم بالضرب وإحداث إصابات    رفضت رد قائمة المنقولات.. الإعدام شنقاً لقاتل طليقته في الإسكندرية    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس جامعة سوهاج    هكذا احتفلت هالة صدقي بعيد ميلاد عادل إمام ال 85    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي تحت شعار "مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغير"    القاهرة الإخبارية: أكثر من 20 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    أمين الفتوى: الوصية الشفوية يُعتد بها إذا أقر بها الورثة أو سمعوها من المتوفى    وزارة الصحة: ميكنة منظومة الغسيل الكلوى تضمن وصول المستلزمات للمريض بشكل آمن    الرعاية الصحية تطلق مبادرة "دمتم سند" لتعزيز خدمات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفالية مرور 17 قرنا على مجمع نيقية بالكاتدرائية المرقسية    مصطفى الفقي.. 40 كتابا بين السياسة والثقافة والدبلوماسية    انخفاض البلدي.. أسعار البيض اليوم الاثنين 19-5-2025 في الأسواق (موقع رسمي)    البث العبرية: ساعر طلب إدخال مساعدات لغزة بعد ضغط أوروبي وأمريكي    تركي آل الشيخ يشارك متابعيه كواليس «الأسد» ل محمد رمضان |فيديو    سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟    أسطورة مانشستر يونايتد: تفاجأت بتجديد عقد صلاح مع ليفربول لهذا السبب    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    حوارات أشرف صبحي    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    بدءًا من اليوم.. الصحة تطلق 8 قوافل طبية مجانية ضمن مبادرة «حياة كريمة» (تفاصيل)    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فكر القبح .. وقبح الفكر!
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 02 - 2016

ها قد تحققت نبوءة محلب!اعتدنا «القبح»، وأصبح جزءا منا ومن حياتنا ومن ثقافتنا، بل وأصبحنا نعيش في قلبه وفي غياهبه، ونسينا معنى «الجمال»، الذى أصبح حلما بعيد المنال!
تحول «القبح» إلى «ثقافة» و«فكر» و«أسلوب حياة» لدى المصريين.
أكوام القمامة في كل مكان، مشاهد قصاقيص الورق وأعقاب السجائر الملقاة على الأرض أصبحت مشاهد من «الزمن الجميل» في شوارعنا، بل وأمام بيوتنا، قياسا بما نشاهده الآن من مقالب نفايات في طرقاتنا وأمام منازلنا ومحلاتنا ومدارسنا، بل وأمام منشآتنا الكبرى، التي كانت ذات يوم تجد من يهتم بها على حساب الأحياء الفقيرة أو الشعبية، ولكنها الآن أصبحت مرتعا للقمامة والقطط والكلاب وتحت حصار الباعة الجائلين والمتسولين، شأنها شأن باقي أنحاء «المحروسة»!
لم يعد لدينا «زمالك» ولا «مصر الجديدة» و«لا مهندسين» كما كان الحال عليه قبل عقد من الآن تقريبا، وزاد الأمر سوءا وبشاعة - بطبيعة الحال - بعد السقوط المدوي للأخلاق والنظام والقانون في مرحلة ما بعد 25 يناير 2011.
كل شيء أصبح ينطق بالقبح والفجاجة، قمامة ومخالفات ومخلفات بناء وتعديات وقطع أشجار، والأسوأ من ذلك أن معظم محاولات التجميل والتشجير والرصف للطرقات عادة ما باتت تتسم هي ذاتها بغياب الذوق، وسيادة القبح في كل شيء، في التخطيط والتنفيذ والتشطيب، فتكون النتيجة مزيدا من القبح، رغم أن المحافظ ورئيس الحي والسادة المهندسين والمقاولين والكناسين يكونون مقتنعين تمام الاقتناع بأنهم بذلوا كل ما لديهم من جهد، وكأنهم انتهوا من بناء «الهرم الأكبر»!
إيليا أبو ماضي يقول في «فلسفة الحياة» : «كن جميلا ترى الوجود جميلا»، لذا فمن المنطقي أنك لو كنت قبيحا، ومحاصرا بالقبح، سترى كل من حولك قبيحا، وستتصرف أيضا بقبح ووقاحة!
كلاكسات السيارات المزعجة وسارينات سيارات الشرطة والإسعاف وشتائم وبذاءات الصبية والشبان على النواصي وصيحات الباعة الجائلين المنكرة قبح سمعي، ومع ذلك، اعتدنا عليها، تماما مثلما نصفق ونرقص على أغنيات بعض مطربينا المحبوبين الذين أصيبت أصواتهم هي الأخرى ب«التنشز»!
والقبح في الإعلام أيضا صار من شروط النجاح للأسف الشديد، وبرامج التوك شو» المسائية لا تقدم إلا كل ما هو قبيح وعار في مجتمعنا، وهو تشويه متعمد لا تقوم به أي وسيلة إعلامية في أي بلد في العالم، ويكفي أن «الضيف المجنون» أو «الموتور» صار هو الضيف المفضل والمحبب لدى أصحاب هذه الفضائيات والبرامج، أما الضيف العاقل المتزن فليس له مكان، لأنه «مش ها يأكلهم عيش»، ولكن الصنف الأول هو المطلوب، وهو الذي تدفع له الأموال مقابل تشريف سيادته للقناة الفضائية، لا يهم ما يقوله، ولكن المهم «الولعة» و«الكلام الحراق»، وعرض السلبيات وتضخيمها والحديث عن الثورة والإحباط والغضب والسلبيات وتوافه الأمور، ويا حبذا لو كان من محترفي التهجم على المسئولين والحكومة، وسم أبدان الوزراء والمحافظين بلواذع الكلم، على رأي فؤاد المهندس في مسرحيته الشهيرة وهو يتحدث عن شخصية وكيل الوزارة «بسيوني أبو الليف»!
ويمتد القبح ليصل إلى الثقافة والفكر، فلم يعد لدينا فقط «فقر الفكر وفكر الفقر» الذي تحدث عنه د. يوسف إدريس، وإنما أصبح لدينا قبح الفتاوى، وقبح الأفكار، وقبح الحريات، وقبح الفن، وقبح الأدب وقبح الحوار، فتاوى من زمن فات، وأفلام بلطجة ودعارة ورقص بالمطاوي، وبرامج مبتذلة، وتضخيم قضايا تافهة، وتسفيه قضايا كبرى، وتحويل كل عمل جيد إلى مصدر للسخرية والاستظراف، وحوارات أشبه بصراع الديوك على الهواء مباشرة تنتهي في المحاكم، وبذاءات وسب وتطاول وتحريض صريح على العنف وتشجيع علني للفوضى والإرهاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار «الرأي والرأي الآخر»!
ولأن القبح أصبح سلوكا جمعيا، فلم يعد غريبا أن نرى صراعات مفتعلة وصدامات مدبرة وأزمات ومكائد تدار بليل، ومن بين ذلك الأزمات الأخيرة التي أشعلتها جبهات وأسماء بعينها في نقابات مهنية اشتهرت بفشلها في حساب أعضائها المتجاوزين في حق المهنة والمجتمع لعقود طويلة، ولكنها، مع ذلك، انتفضت ولطمت الخدود وشقت الجيوب عندما تعرض منتمون إليها لتجاوزات، لتجد نفسها تطالب الآخرين بما لم تفعله هي، وتطالب بتطبيق قانون وأحكام «على المزاج» .. وإلا «مش لاعبين»!!
وما تفعله هذه النقابات لم يختلف كثيرا في رداءته عن إضراب سائقي التاكسي الأبيض، والذي أراه تجاوز مرحلة القبح!!
.. إرحمونا.. فالقبح يخنقنا!!
لمزيد من مقالات هانى عسل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.