تنسيق الدبلومات الفنية.. استثناء ال50 الأوائل من قواعد القبول الجغرافي بالجامعات    النائب عصام هلال: انتخابات الشيوخ تمثل استحقاقًا دستوريًا بالغ الأهمية ومشاركة المواطنين واجب وطني لدعم بناء الدولة    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    الرئيس السيسى يستعرض مع رئيس غانا فرص تعزيز التجارة البينية وتذليل التحديات لضمان التكامل القاري    التعليم العالي: احتفالية بمناسبة مرور 50 عامًا على التعاون العلمي بين مصر وإيطاليا    وزير قطاع الأعمال العام: انفتاح كامل على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص    خبراء: قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء لتقييم الآثار المحتملة للتعديلات التشريعية لضريبة القيمة المضافة    190 ألف طن صادرات غذائية مصرية خلال أسبوع والعنب والفاصولياء فى الصدارة    رئيس الوزراء يوجه الجهات الحكومية بضرورة الالتزام بسداد مستحقات شركات الكهرباء    وزيرة التضامن تكرم الإدارة العامة للاتصال السياسي تقديرًا لجهودها في خدمة العمل البرلماني    جهاز مدينة العبور يعلن تحديث وتطوير المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين    نص كلمة الرئيس السيسي في أعمال الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الأفريقي    العراق يشيد بالاتفاق بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستانى : سينعكس إيجابيا على المنطقة    أحدهما يحمل الجنسية الأمريكية.. تشييع فلسطينيين استشهدا جراء هجمات مستوطنين بالضفة    استعداداً للموسم الجديد .. محمد صلاح يقود هجوم ليفربول ضد بريستون ودياً    مقابل 5 ملايين دولار .. إبراهيم عادل يقترب من الانتقال للجزيرة الإماراتى    عرض جديد من أرسنال لخطف نجم الدوري البرتغالي    نجم مودرن سبورت.. صفقة جديدة على رادار الزمالك    أستون فيلا يتمسك بواتكينز.. ونيوكاسل يدرس البدائل    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الآن اعرف نتيجتك على صوت الأمة برقم الجلوس    رياض الخولى رئيسا للجنة تحكيم مسابقة العروض المسرحية بالمهرجان القومي للمسرح    تحت رعاية فضيلة مفتي الجمهورية.. دار الإفتاء المصرية تفتتح برنامج تدريب الصحفيين على تغطية القضايا الدينية والإفتائية    معارض هيئة الكتاب.. قوافل ثقافية في المحافظات ومشاركة دولية بارزة    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    وزارة الصحة تكشف حقيقة وفاة 4 أشقاء بالالتهاب السحائى.. اعرف ماذا قالت ؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية : تكلفة تشغيل التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم الصعيد تجاوزت 27.5 مليار جنيه حتى الآن    علامات تشير إلى وجود دهون حول قلبك.. تعرف على المخاطر المحتملة    مساعدات أممية طارئة لدعم الاستجابة لحرائق الغابات في سوريا    محافظ أسوان: دخول 24 مدرسة جديدة للعام الدراسي القادم    تامر حسني يعلن عن مسابقة بالتزامن مع طرح ألبومه "لينا معاد"    4 أبراج تقول «نعم» دائما حتى على حساب نفسها (هل أنت منهم؟)    وزارة الثقافة تُطلق البث التجريبي لموقعها الإلكتروني الجديد    موهبة نادرة.. ميريام طفلة مصرية تتقن العزف والغناء    مكافحة الحرائق.. مشروع تخرج بهندسة المطرية -تفاصيل    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    الأحوال المدنية تواصل خدماتها المتنقلة لتيسير استخراج المستندات للمواطنين    الطب 155 ألف جنيه.. جامعة القاهرة الأهلية تعلن المصروفات الدراسية لعام 2025- 2026    هل للهضم دور في تعزيز صحة العظام؟.. تفاصيل    الكشف على 31 ألف مواطن بالمبادرات الصحية بشمال سيناء خلال 2025    ربيع ياسين: الأهلي اتخذ القرار الصحيح برحيل أحمد عبدالقادر    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    الشيخ أحمد البهي: لا تكن إمّعة.. كن عبدًا لله ثابتًا على الحق ولو خالفك الناس    هل يجوز إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين وهل رفضها عقوق؟.. أمين الفتوى يجيب    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    "عدسة تحت الماء وشنطة مليانة حشيش".. مصور شرم الشيخ يتاجر بالمخدرات    الوطني الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي بإقامة"المدينة الإنسانية" لا يمت بأي صلة للقيم الإنسانية    لبيد: نتنياهو يسمح بالأوهام حفاظًا على ائتلافه    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    النسوية الإسلامية.. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. وهجرة الرجال والنساء! "131"    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    وكالة فارس: الرئيس الإيراني أُصيب في هجوم إسرائيلي استهدف اجتماعا سريا للأمن القومي في 16 يونيو    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    من أرض الواقع.. «ستوديو إكسترا» يرصد آليات إصلاح وترميم سنترال رمسيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنسيون فى التاريخ الرسمى للثورات
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 02 - 2016

كنت تلميذة بكلية الطب، حين جاءت الأنباء من زملائنا الفدائيين فى القنال: كبلوا الجيش البريطانى خسائر كبيرة فى الأرواح والعتاد، تشجع الأهالى والبدو والفلاحين بالقرى المجاورة فانضموا إليهم،
ورجال البوليس أيضا بالإسماعيلية تشجعوا ودعموا الفدائيين، فاصدر القائد الإنجليزى أمره باخلاء مبنى البوليس وتسليم أسلحتهم والرحيل للقاهرة، لكنهم رفضوا وطلبوا توجيهات وزير الداخلية فؤاد سراج الدين، فأمرهم بالمقاومة حتى آخر نفس، وفتك بهم الجيش البريطانى بمجزرة وحشية يوم 25 يناير 1952.
إندلعت المظاهرات الشعبية فى اليوم التالي، تنادى بالكفاح المسلح وتدعيم الفدائيين، تصاعد الهتاف: نريد السلاح يا نحاس، وهتفوا ضد فؤاد سراج الدين، كيف ترك رجال البوليس ببنادق خفيفة فى مواجهة الدبابات وأسلحة الإنجليز الثقيلة؟ كيف سحب قوات الأمن من القاهرة وتركها تحترق؟ اشتعلت النيران بالمبانى والملاهى والمحلات الكبرى بشارع فؤاد وسينما ريفولي، وفندق شبرد، وبنك باركليز وغيرها، مائة وخمسون حريقا، وكان الملك فى مأدبة غداء أقامها لقيادات الجيش والبوليس والحكومة، احتفالا بميلاد ابنه ولى العهد، من زوجته الجديدة ناريمان، بعد تطليقه الملكة فريدة التى ولدت ثلاث بنات، كانت مناصب الحكم والقضاء والتشريع وكل ما له شأن فى الدولة والدين من حق الذكور فقط.
من كان وراء الحريق؟ قالوا: اللهو الخفى أو الجن والعفاريت، تظهر فجأة على شكل البلطجية لتخريب المظاهرات السلمية واجهاض الثورات الشعبية (منها ثورة 25 يناير 2011) ويتم القبض على الشباب الوطنى الفدائي، بتهمة الفوضى وتهديد أمن الدولة. وانتشرت الشائعات أن جواسيس الملك والحكومة أحرقوا القاهرة لضرب العمل الفدائى فى القنال، أو جواسيس الاستعمار البريطانى والأمريكي، أو جماعة الإخوان المسلمين أو حزب مصر الفتاة وأحمد حسين أو الشيوعيين الملحدين أعوان موسكو. ولم تمض ستة أشهر حتى سقط الملك واستولى تنظيم الضباط الأحرار على الحكم, وأين راح الشباب الوطنى الفدائى الذين مهدوا لسقوط الملك وخروج الإنجليز؟
بعضهم قتل فى جبهة القتال وضاعت اسماؤهم من التاريخ الرسمى لثورة 23 يوليو 1952، منهم زميلى بكلية الطب أحمد المنيسي، سبق أن كتبت عنه، وآخرون ماتوا فى السجن أو هاجروا أو ماتوا بوجع الخيانة والخديعة، منهم أحمد حلمى الفدائى بكتيبة كلية الطب، لا يذكره إلا من يتابع التاريخ الشعبي، وهذه بعض كلماته المنشورة بكتابى «أوراقى حياتي» يقول الآتي: بعد إلغاء المعاهدة فى أكتوبر 1951 أصبح الكفاح المسلح واجبا وطنيا، كتب إحسان عبدالقدوس فى مجلة «روزااليوسف» يدعو الشباب للتطوع لطرد الإنجليز من القنال، تجمعنا فى مكتبه بالمجلة فأرسلنا إلى عزيز المصرى ثم قابلنا وجيه أباظة، الذى ارسلنا للتدرب على السلاح فى قشلاقات العباسية، وقابلنا آخرين مع وجيه أباظة منهم أنور السادات ومجدى حسنين، أصبحنا كتيبة فدائية من ثلاثين شابا، كان مسئولنا العسكرى اسمه بهاء والمسئول الإدارى سعد زغلول فؤاد، حملت مدفعا رشاشا من نوع تومى جان يضرب رصاصا 9 ميللي، فجرنا معسكرا للإنجليز فى المحجر بالقرب من التل الكبير، وفجرنا سيارة إنجليزية تحمل ذخيرة بطريق المعاهدة الواصل للإسماعيلية، ثم فجرنا سيارة كانت تنقل القائد العام الإنجليزى لمنطقة الشرق الأوسط، واصلنا العمليات الناجحة، فانضم إلينا الأهالى والفلاحون والبدو، وفجأة تلقينا الأوامر من القاهرة بتغيير محل اقامتنا، قالوا لنا ان الإنجليز عرفوا مواقعنا.
ولكن الحكومة لم ترسل أى معلومات عن مكان آمن نلجأ إليه، أشرفنا على الموت تائهين فى الصحراء عدة أيام ثم أنقذتنا قافلة من البدو، وساعدنا العمال المصريون بالجيش البريطانى الذين أصبحوا يسرقون الأسلحة من الإنجليز واعطائها لنا، واستمرت عملياتنا الناجحة حتى يوم حريق القاهرة 26 يناير 1952، هل دبره الإنجليز للقضاء على العمل الفدائي؟ هل استخدموا حزب مصر الفتاة أو أحمد حسين؟ هل دخل فيها أعوان الملك أو الإخوان أو الحكومة؟ لماذا تخلت الحكومة تماما عنا بعد أن كانت تشجعنا؟ لماذا ترك سراج الدين القاهرة دون تأمين؟
وجاءتنا أوامر غريبة من وجيه أباظة يقول: كل مجموعة تحمى نفسها، لا تحاولوا الاتصال بنا أو بالحكومة، أصبح ظهرنا مكشوفا وقائدنا بهاء عاد إلى القاهرة وحده وعرفنا أنه بالبوليس السياسي، قررنا الاستمرار فى العمل، كان معنا الأهالى والعمال والفلاحون والبدو، لكن جاءتهم أوامر من الحكومة بعدم حمايتنا، وبدأ الإنجليز حملة للقضاء علينا، كدنا نسقط أسرى فى ايديهم، وأخيرا اجتمعنا وقررنا إنهاء العمل الفدائى والعودة للقاهرة، حيث وجدنا حكومة على ماهر الجديدة، التى أمرت باعتقال الفدائيين، اختفينا بالفيوم داخل مغارة بمنطقة أثرية اسمها هرم اللاهون، حاولنا الاتصال بوجيه أباظة دون جدوي، عزيز المصرى اختفي، بهاء عاد للبوليس السياسي. اكتشفنا غلطة عمرنا، وهى أن العمل الفدائى يبدأ ضد العدو الداخلى ثم نتفرغ للعدو الخارجي، لأن العدو الداخلى يمكن أن يضربنا فى الظهر وفى البطن حتى يقضى علينا، لم نتخيل أننا كنا فريسة بين الحكومة والملك والإنجليز..والأبطال الفدائيون لا يسيرون تحت أقواس النصر، الا يتكرر ذلك فى جميع الثورات فى جميع البلاد؟
لمزيد من مقالات د.نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.