أثنينا كثيرًا على المجلس العسكري وحثثنا الشعب على الوقوف بجانبه، توحيدا للصف وظنًا منا أنه يعمل لمصلحة البلاد، ولكن للأسف كشر العسكر عن أنيابهم فأبدوا غير ذلك!! أظهروا لنا أنهم يهيمنون على مصالح العباد وثروات البلاد ولا يشغلهم الغليان الذي يعيش فيه أبناء الشعب المصري الأبيّ، فبعدما كان المصريون يعادون ويكرهون ضباط الداخلية الذين قتلُوا أولادنا وسحلوهم وعذبوهم يوم الغضب وقبله وبعده في ثورة يناير صاروا – وياللأسف- يضمون إليهم رجال المجلس العسكري، وأقول المجلس العسكري وليس رجال الجيش المصري!! لماذا لأنهم سمحوا بإهانة كرامة الإنسان المصري، فاستساغ الآخرون إهانته، وضاعت كرامته هنا وهناك، بل أكثر من هذا تداول نشطاء على شبكة الفيس بوك صورًا لأتوبيسات القوات المسلحة وهي تنقل بلطجية وتنزلهم قرب ميدان العباسية، ورأينا الضرب والاعتداء السافر على هؤلاء المتظاهرين الذي خرجوا يطلبون حقوقًا مشروعة، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذه الحقوق، علما بأن التظاهر السلمي حق مشروع لهم كفله لهم القانون والدستور، فإذا بنا نرى ذبحًا وقتلاً وضربًا؟! أين الشرطة؟ أين رجال القوات المسلحة؟ لماذا لم يحموا هؤلاء؟ أم أنهم هم الذين يريدون لهذه المواقف أن تشتغل كي يماطلوا في تسليم السلطة؟! أين المسئولية؟ أين الأمانة؟. رأينا جثث الشباب المقتول والمذبوح، من ذا الذي سمح لهؤلاء بأن يفعلوا هذا بأبناء الشعب المصري العريق؟ وتحت أي مسمى يفعلون هذا؟ وما هذه الهمجية البغيضة التي تحدث في بلدنا الحبيب؟ ومن الذي سمح لرجال المجلس العسكري بالتعالي على المصريين ومعاملتهم كالعبيد؟! قديما عندما اعتدى ابن والي مصر عمرو بن العاص رضي الله عنه على أحد المصريين، ذهب المصري المعْتَدَى عليه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وشكا له، فاستدعى الخليفةُ عمرُ عمرَو بنَ العاص وابنَه وقال لهما: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟"، وأمر المصري أن يقتص من ابن أمير مصر ويضربه كما ضربه. إن حرمة النفس البشرية لها مكانة عند الله تعالى وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: 70] وقال سبحانه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 93]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا إحدى ثلاثة: رجل قتل فقتل، أو زنى بعدما أحصن، أو رجل ارتد بعد إسلامه"، وما عدا ذلك، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، بل من الدنيا جمعيها، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا"، وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم، ثم لتذكر أيها القاتل المعتدي ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام؟! وياللأسف ما زال التلفزيون المصري بوقًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدما كان بوقا للمخلوع وزبانيته، ويغمض عينيه زورًا عن مشاهد جثث المصريين وعن الإهانات التي تحدث والجرائم التي ترتكب، ولا أدري أين وزير الإعلام من هذا الهراء، نسي العاملون بالتلفزيون أنه ملك لأبناء مصر وليس لأحد سواهم، أفيقوا أيها الغَفْلى فإننا في عصر الفضائيات والسماوات المفتوحة والناس لهم أعين ولا شيء يخفى، فما تخفونه أنتم يعرضه غيركم، فلم التجاهل والتغطرس والنفاق، وتلفيق الحقائق ونشر الأغاليط، كفانا خيبةً ودجلاً وتطبيلاً أليس فيكم رجل رشيد؟؟؟!!! إنها بلدنا مصر الحبيبة، لا بد أن نحافظ على أبنائها سواء كانوا متظاهرين أو جنودًا في الجيش هؤلاء جميعًا أبناؤنا ولهم علينا حق الحفاظ على دمائهم الغالية، أما أن نتركهم هكذا ونتفرج فلا وألف لا. المزيد من مقالات جمال عبد الناصر