كتبت:سارة حسين فتح الله تعيش الجزائر هذه الايام حالة من الترقب والانتظار لمولودها الجديد الذي يشهد ولادة متعثرة بعد اكثر من عشرين عاما قضتها بلد المليون شهيد في انتظاره. فالبرلمان الجديد الذي ستجري انتخاباته في العاشرمن الشهر الجاري يعلق عليه الجزائريون آمالا عريضة ليس فقط لانه الاول بعد ثورات الربيع العربي وانما لانه الامل الوحيد الباقي حتي تتفادي الجزائر ثورة تكمن في قلوب وعقول شبابها الذي يطمح في غد ديموقراطي وحرية بدأ يستنشق عبيرها يأتي من الشرق. وتواجه الانتخابات البرلمانية الجزائرية الكثير من التحديات أبرزها التخوف من عزوف الجماهير عن المشاركة نظرا لحالة الاحباط الشديدة التي تعيشها الاغلبية هناك التي تري أن سيطرة حزب( التجمع الوطني الديمقراطي الحاكم) بزعامة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة سوف تحسم الامر لصالحه بسهوله, هذا بالاضافة الي انشغال المواطن الجزائري بهمومه اليومية وارتفاع اسعار السلع منذ فبراير الماضي وهو ما يعزز زيادة نسبة العازفين عن المشاركة في الانتخابات. التحدي الآخر يكمن في انشقاق التيار الاسلامي الجزائري الذي يتوقع المراقبون عدم حصوله علي نفس التأييد الشعبي كباقي الاحزاب الاسلامية في دول الربيع العربي, هذا الي جانب تهديدات التحالف الانتخابي الإسلامي الذي يدعي تكتل الجزائر الخضراء بالانسحاب من الانتخابات التشريعية في حال ظهور بوادر تزوير من قبل الحزب الحاكم. ويتخوف الاسلاميون من تكرار كابوس التسعينيات عندما قامت السلطات الجزائرية بالغاء الانتخابات البرلمانية بعد اكتساح الجبهة الإسلامية للإنقاذ آنذاك. وقد أدي ذلك مع تدخل الجيش فيما بعد إلي تفجر نوبة العنف وزيادة الحركات الارهابية وتدهور الحالة الامنية وهو ما تعاني منه البلاد حتي الآن, الا أن الموقف قد يختلف هذه الايام لأن بوتفليقة أدرك أن الحل الوحيد للقضاء علي عنف الاسلاميين يكمن في قنوات شرعية يعبرون فيها عن آرائهم بحرية حتي إن كلفه ذلك التنازل عن أغلبية البرلمان. وفي الوقت الذي يتوقع فيه كثيرون فوز الإسلاميين في الجزائر كما في مصر وتونس والمغرب, يرجح آخرون صعوبة الامر نظرا للذكري السيئة التي يختزنها الجزائريون للجماعات الاسلامية التي تسببت في زيادة أعمال العنف منذ التسعينيات ونتج عنها ظهور تنظيم القاعدة في بلاد المغرب وما تبعه من حركات ارهابية. ومابين الحياة السياسية المليئة بالمفاجأت والانتخابات النزيهة التي قد تأتي بما هو غير متوقع, تقف الجزائر في حيرة وحذر في ظل ما تشهده جارتها الجنوبية( مالي) من انقلاب عسكري يهدد حدودها هذه الايام, لتظهر ورقة جديدة قد ترجح كفة الحزب الحاكم الذي بالتأكيد سيستغلها في دفع الناخب للتصويت لصالحة ليحمي البلاد من احتمال أي تدخل أجنبي.