ويستمر الجبناء فى استهداف الدم المصرى واستنزاف زهرة شبابه معتقدين بأوهامهم المريضة أنهم يمكن أن ينالوا من كرامة الوطن وشموخه، لكن الأخيار يقدمون كل يوم شلالا من الدماء الزكية الطاهرة لتروى نهر الصمود الذى لا ينضب وتسقى شجرة الإباء الممتدة الجذور، ويضربون أروع المثل فى بذل الأرواح والمهج رخيصة سخية فى سبيل الله ومن أجل مصر وحماية مقدراتها وأمنها واستقرارها. الدقهلية زفت خلال اليومين الماضيين ثلاثة من خيرة شبابها إلى الجنة تسبق خطاهم تباشير الفرح والبهجة فى السماء ، لكن الأرض كانت تبكيهم بألم ممزوج بالزغاريد ، الشهيد الأول النقيب شرطة محمد عادل السولية »32 سنة« معاون مباحث قسم ثانى العريش ابن قرية منية سمنود مركز أجا والذى لقى ربه إثر انفجار عبوة ناسفة بمدرعة بجوار مدرسة أحمد عرابى، والثانى الشهيد مجند أحمد محمد زايد ابن قرية ميت عاصم مركز النصر ، والثالث الشهيد مجند أحمد وجدى فتح الله ابن قرية السماحية مركز بلقاس ، ثلاثتهم انضموا إلى قوافل الخلود والمجد إثر تفجيرات نفذها إرهابيون قتلة خلت أفئدتهم من أى رحمة ولم يتبق فى شرايينهم سوى سموم الغدر والخيانة والعمالة والخسة، لم تأخذهم رأفة بالشباب البرئ الغض الحالم بغد أفضل المدافع عن تراب بلده ، ولم يشفع لهم أنهم أبناء وطنهم وأنهم يعبدون ربا يزعم المخربون أنهم يتقربون إليه بذبح البشر وترويعهم والسعى لأن تصبح الأمهات ثكالى والزوجات أرامل والأطفال يتامى . فى قرية منية سمنود جاء الخبر كالصاعقة على أبناء البلد الذين استيقظوا فجر أمس على خبر استشهاد النقيب محمد عادل السولية الشاب الخلوق فى عملية جبانة ، هرع الجميع إلى منزل الشهيد ومخارج القرية انتظارا لقدوم الجثمان الذى وصل قبيل صلاة الجمعة فى موكب عسكرى وشعبى كبير وأنزل الجثمان ملفوفا بالعلم الوطنى وسط زحام وبكاء ونحيب وهتافات تمجد الشهيد حبيب الله وتلعن الخونة الإرهابيين وتطالب بسرعة القصاص . النقيب محمد عادل متزوج من عام وبضعة شهور ولديه طفلة رضيع لم تتمكن بعد من أن تقول له بابا لكنها عندما تكبر ستفخر بأفعاله الخالدة وسيرته العطرة . وفى قرية السماحية مركز بلقاس كان الحزن عنوانا والغضب سبيلا لآلاف المواطنين وهم يودعون البطل الشهيد المجند أحمد وجدى فتح الله »21 عاما «أعزب وحاصل على دبلوم صناعى والذى سطر مع زملائه ملحمة المجد فى سيناء الصمود، وأحمد هو الشقيق الأصغر لأخ يكبره وبنتين متزوجتين، ووالده رجل بسيط يعانى مرضا مزمنا واحتجز فى مستشفى الطوارئ فترة قبل أن يعود متعبا إلى المنزل فى معاناة مستمرة مع المرض. والد أحمد الذى لم يتمكن من استكمال الجنازة بسبب انهياره ومرضه فاجأه أحد الضباط فى العزاء بالقول وهو يقبل جبينه : يا حاج إذا كنت فقدت ابنا فإننا كلنا أبناؤك وطلباتك أوامر لنا، أنتم فوق رأسنا ليوم الدين وحق الشهيد فى رقبتنا ومش هنفرط فيه وهناخده قريبا إن شاء الله. وقال حسام حسن من أبناء السماحية إن أحمد كان من خيرة شباب القرية ويتمتع بحب واحترام الجميع ومشهود له بالسمعة الحسنة ، وأسرته بسيطة ومكافحة وتحتاج إلى المساندة والدعم من الجهات المختصة. ويؤكد صالح محمد أحد أصدقاء الشهيد أنه كان يعشق القوات المسلحة ويقول دائمًا خلال إجازاته إن الحرب فى سيناء قوية ضد الإرهاب وإن الجيش قريبًا سيقضى على جميع البؤر، مشيرا إلى قيام الشهيد بزيارة كل أصدقائه وأقاربه فى آخر إجازة وكأنه كان يودعهم وكان يقول لهم أتمنى أن أموت شهيدا فى سيناء. وفى قرية ميت عاصم مركز منية النصر كان هناك شهيد آخر فى العملية الغادرة نفسها بالعريش هو الشهيد مجند أحمد محمد زايد 24 سنة وهو خريج كلية التجارة جامعة الأزهر، وأكبر أشقائه وكان حافظا لكتاب الله ويتمتع بأخلاق عظيمة. ويقول محمد عبد الحميد من أبناء قريته: البلد كلها زعلانة ولبست الأسود على المحترم المؤدب اللى اتغدر بيه، أما محمد عباس الإمام أحد أبناء القرية فقد تبرع بعمرة لوالدة الشهيد تكريما لها، ويقول محمد حسن صديق الشهيد : أحمد كان بيقضى واجبه الوطنى وكان هيخلص جيشه فى اول شهر مارس ويعتبر تانى شهيد من بلدى بعد الشهيد خالد السعيد والاثنان كانا من زملائى فى المدرسة ، وقد تقدم اللواء عاصم حمزة مدير أمن الدقهلية جنازات الشهداء الثلاثة. مفتى الجمهورية يدين التفجير كتب إبراهيم عمران: أدان الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية العملية الارهابية وقال إن الارهاب الغاشم وما يقوم به من قتل وتفجير لن يقلل من عزيمة المصريين وجيشهم الأبى فى مواجهة الارهاب والقضاء عليه مهما بذلوا من أرواح من أجل حماية البلاد والعباد.