"موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى AA1 مع نظرة مستقبلية مستقرة    ليبيا.. اجتماع طارئ للمجلس الرئاسي لمتابعة تطورات الأوضاع في طرابلس    تمارا حداد: مواقف ترامب تجاه غزة متذبذبة وتصريحاته خلال زيارته للشرق الأوسط تراجع عنها| خاص    جيش الاحتلال يعلن بدء عملية عسكرية برية في غزة    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    السقا: إذا استمر مودرن في الدوري سيكون بسبب الفوز على الإسماعيلي    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    تفاصيل جديدة في واقعة اتهام جد بهتك عرض حفيده بشبرا الخيمة    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    شديد الحرارة نهاراً وأجواء معتدلة ليلا.. حالة الطقس اليوم    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    أسعار الفراخ البيضاء وكرتونة البيض اليوم السبت في دمياط    جيش الاحتلال يبدأ ضربات واسعة ويتحرك للسيطرة على مواقع استراتيجية في غزة    برا وبحرا وجوا، الكشف عن خطة ترامب لتهجير مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا    ترامب والسلام من خلال القوة    الزراعة تكشف حقيقة نفوق الدواجن بسبب الأمراض الوبائية    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    عيار 21 الآن يعود للارتفاع.. سعر الذهب اليوم السبت 17 مايو في الصاغة (تفاصيل)    عالم مصري يفتح بوابة المستقبل.. حوسبة أسرع مليون مرة عبر «النفق الكمي»| فيديو    طاقم تحكيم مباراة المصري وسيراميكا كليوباترا    أكرم عبدالمجيد: تأخير قرار التظلمات تسبب في فقدان الزمالك وبيراميدز التركيز في الدوري    أحمد حسن يكشف حقيقة رحيل ثنائي الأهلي إلى زد    خبير قانوني: قرار تحصين عقوبات أزمة القمة غير قانوني ويخالف فيفا    رئيس اتحاد منتجي الدواجن ينفي تصريحات نائبه: لا صحة لنفوق 30% من الثروة الداجنة    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    قرار عودة اختبار SAT في مصر يثير جدل أولياء الأمور    حريق هائل يلتهم أرض زراعية في قرية السيالة بدمياط    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    مصرع وإصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بمحور 26 يوليو    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 17 مايو 2025    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    السفير محمد حجازى: غزة محور رئيسي بقمة بغداد ومحل تداول بين القادة والزعماء    المنشآت الفندقية: اختيار الغردقة وشرم الشيخ كأبرز وجهات سياحية يبشر بموسم واعد    النمر هاجمني بعد ضربة الكرباج.. عامل «سيرك طنطا» يروي تفاصيل الواقعة (نص التحقيقات)    أجواء مشحونة مهنيًا وعائليا.. توقعات برج العقرب اليوم 17 مايو    بعد 50 عامًا من وفاته.. رسالة بخط سعاد حسني تفجّر مفاجأة وتُنهي جدل زواجها من عبد الحليم حافظ    داعية يكشف عن حكم الهبة لأحد الورثة دون الآخر    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    طب الأزهر بدمياط تنجح في إجراء عملية نادرة عالميا لطفل عمره 3 سنوات (صور)    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    يوم فى جامعة النيل    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كسرت حالة الملل والرتابة والتقليدية في ألبومها الجديد
سميرة سعيد تحرض علي الحب والتمرد والحرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 01 - 2016

لا يحصل الفنان في العادة علي إعجاب الجمهور بسهولة, وإذا حصل يصبح من الصعوبة بمكان أن يحافظ عليه, إذن المسألة تبدو هنا كطرفي مقص, فإذا حصل الفنان علي إعجاب جمهوره حتما سيشعر بخوف أكبر من فقدان هذا الجمهور, وبالتالي يلازمه خوف من ألا يتلقي هذا الإعجاب مرة أخري, لهذا يسعي الكثير من النجوم للمحافظة علي القمة بشتي الطرق, لكن قلة قليلة جدا منهم تصيب, أما كثيروهم فيتوه في البحث عن هويته, ومواكبة الجديد مع الإحتفاظ بلونه الغنائي.
ومن هنا فإن الذين يعرفون النجمة المخضرمة بروح شبابية سميرة سعيد يعلمون أنها تعتبر أن كل ألبوم جديد تقدمه هو ألبومها الأول, بل هو لقاؤها الأول مع الجمهور, ومن ثم يصحبها دوما خوف وإضطراب وقلق المسئولية, وبالتالي تتصف بال وسوسة كما يري البعض, وللأمانة فإن تلك ال وسوسة نابعة من الشعور بالمسئولية نحو الجمهور, الذي يترقب كل عمل جديد تقدمه, الأمر الذي يضعها في اختبار دائم واستفتاء مستمر لقياس شعبيتها.
لهذا تبذل قصاري جهدها للوصول للمستمع دون أن تضن عليه, فهي تعطيه من رصيد ثقافتها ودموعها وشقاوتها الإبداعية المعهودة, فضلا عن خفة ظلها وتمردها الذي يبدو عبر أنفاسها وليس فقط صوتها, ولعل كل من إستمع إلي ألبومها الجديد عايزة أعيش يدرك تماما صدق تلك الكلمات.
القلق الذي يصيب الديفا لا يشغل سوي كل فنان أصيل أكثر مما نتصور, خاصة أنه كلما كبر الفنان زاد قلقه, وزادت مسئوليته, وهناك حقيقة مفادها: أنه كلما ارتفع شخص فوق سلم النجومية ازدادت خشيته من السقوط, و كلما زادت مسافة الارتفاع يصبح السقوط مدويا, وسقوط الفنان كما يقول كاتبنا الراحل الكبير محمود عوض: يمكن أن يتم في أي لحظة, لا يكفي أن تكون فنانا أمس, ولا منذ خمس دقائق, يجب أن تكون فنانا الآن, وفي كل لحظة.!
ولأن سميرة سعيد مهمومة بفنها لهذا تؤمن بمقولة محمود عوض, فهي فنانة في كل لحظة فعلا, ولا تكتفي بنجاح الأمس, ولا حتي برصيدها الضخم من الأغنيات الناجحة, أوبتعاونها مع أساطين الكلمة والنغم, فهي شهرزاد الغناء المتجددة في كل عمل جديد تقدمه بابتكار, فهي تؤمن أن الفن يرفض التكرار!, حتي لو طلب الجمهور هذا التكرار.
لهذا لا تستسهل سميرة, ولا تقلد غيرها, لكنها تواكب العصر, وتؤمن بإبداع الشباب, وتستمع وتتابع ما يطرح ويذاع ويعرض, سواء في الغرب أو الشرق, وفي النهاية تقدم هي شخصيتها وفكرها الموسيقي والغنائي الخاص بها وحدها, لهذا جاء ألبومها الجديد عايزه أعيش جريئا ومختلفا عن كل ما طرح في الأسواق, هذا الإختلاف الذي صدم البعض, وتجاوب معه الكثيرين! بداية من غلاف السي دي الذي تميز بالجمال والرشاقة الشبابية, مرورا بالأفكار التي تحرض علي الحب, الحرية, التمرد, الإنطلاق, التحرر حيث قدمت مطربتنا الكبيرة نماذج مختلفة من الأداء الشرقي مخلوطا بروح غربية تحلق في سماء المعاني والنغمات بإيقاع سريع يثبت إنها أكثر حيوية ولياقة بدنية ونفسية غنائية أكثر من مطربينا الشباب, فمازالت محافظة علي قوة وجمال وبريق صوتها كإنها- أمسك الحشب إبنة العشرين, كما قدمت أفكار جريئة خاصة بالمرأة المصرية والعربية, أفكار مفعمة بالأحلام والحب والتمرد والصخب اللذيذ الذي يخشي الكثيرين من تقديمه!.
صوت سميرة سعيد في ألبومها الجديد يتمرد علي رتابة الصمت والركود والتقليدية الموجودة في حياتنا الصاخبة بالدم والدموع والأحزان الكبري, وتدرك هنا حدودها المرسومة حولها كإمرأة في مجتمع تقليدي محافظ, تدرك دورها الإجتماعي, لهذا جاءت بمفردات جديدة في أغنياتها, يغلب عليها الحيرة والتمرد الغامض, مستعيرة أجواء ليست بالضرورة ضمن تجربتها الخاصة, وإنما تجارب مستعارة من الذين حوالها, أو من التجارب الحياة التي تسمعها أو تقرأ عنها.
هوا هوا
في عايزة أعيش وعبر12 أغنية, تبدو كل واحدة منها مختلفة تماما علي مستوي الكلمات والألحان والتوزيع, افتتحت ألبومها بأغنية صاخبة شبابية بعنوان هوا هوا كلمات شادي نور, ألحان بلال سرور, توزيع هاني يعقوب, وقد تميزت الأغنية بالإيقاعات الراقصة التي تناسب أجواء الحفلات الشبابية, واستطاع هاني يعقوب أن يتميز بتلحينه للفواصل الغنائية, فجاء الأداء الغنائي ل الديفا جميلا يتسم بالشقاوة وخفة الظل وأجادت أكثر في استخدام الجواب العالي بصوتها, ونفس الثلاثي يقدمون للمطربة أغنية شبابية آخري بعنوان يا لطيف تثبت فيها سميرة أنها متجددة وشابة في العشرين من خلال تلوين صوتي جذاب لعبته ببراعة.
عايزة أعيش
ولأن الشباب نصب عينيها دائما, لهذا تتعاون في هذا الألبوم مع كثير منهم فيقدم لها المطرب والملحن والشاعر محمود العسيلي الذي تتعاون معه لأول مرة أغنية تكنو من توزيع علي فتح الله, بعنوان عايزة أعيش يقول مطلعها:
كأني عايشة من غيرأمان
في اوضه كبيرة مالهاش باب
ملل خانقلي حياتي/ زهق فوق أي احتمال
أنا عايزة اعيش زعل مفيش
وكفاية خلاص تعبانة ليه
كآبة ليه انا عايزة اطير فوق السحاب
هستني ايه
ورغم أن الغنوة تتميز بالطابع الغربي, من حيث اللحن والتوزيع, لكن ثقافة المطربة وخبرتها أفادتها كثيرا حيث إستطاعت أن توصل صرختها للمستمعين بجمال ورقي.
أوقات كتير
تجربة آخري مع العسيلي مختلفة تماما عن عايزة أعيش, فيها حالة من الرومانسية المكثفة من خلال أغنية أوقات كتير كلمات بهاء الدين محمد, وتوزيع أميرهداية, ورغم براعة بهاء لكنه هنا لم يكن في أفضل حالاته الشعورية, حيث قدم حالة من الحب الأفلاطوني, حيث الحبيبة مبهورة بحبيبها, وتظل ساعات تتأمله وهو يقرأ وهو يشرب الشاي, ولا تصدق نفسها بأنها مرتبطة برجل واثق من نفسه كحبيبها, وكأنها تريد أن تتواري بنفسها لارتباطها بهذا الرجل الممل, الذي يتركها تتأمله دون أن يقول لها كلمة واحدة, مستغلا حبها الأوفر له, لكن هذا لا يمنع أن العسيلي قدم لحنا جميلا شجيا, وعبر بصدق عن الكلمات, وتوجت سميرة هذه الحالة وجعلتنا نصدقها, رغم أنها حالة لم تعد موجودة بقوة!
إنسانة مسئولة
ومع الشاعر المتميز القادم بسرعة الصاروخ نصر الدين ناجي, والملحن الشاب الموهوب شريف قطة, والموزع الجميل أحمد رجب, الذين تتعاون معهم استطاعت الديفا لأول مرة أن تجدد جلدها كثيرا عبر التحولات المجتمعية والسياسية, فها هي تمزق هدوءها في عاصفة أنثوية من خلال رائعتها إنسانة مسئولة التي يقول مطلعها:
أنا مش كتاب تقراه وترجع تحبسه جوه الدولاب
أنا مش رسمة ع الحيطة
مش حاجة في الاوضة عشان تقفل عليها
أنا مش خزنة تحرسها ولا قطة هتحبسها
بحجة خوف مالوش أسباب
أنا انسانة مسؤولة
مش هقبل اكون متراقبة طول الوقت
لاني قادرة بسهولة أراقب نفسي من غير وصاية حد
حب ده ايه اللي بالإجبار وشك وغيرة باستمرار
تقرير يومي بالأخبار ودي تتسمي ازاي حياة
لازم تحسسني بوجودي
وعلي غرابة توزيع أحمد رجب الذي يعود بنا لأجواء سبعينات القرن الماضي, لكن فكرة الاختلاف والتمرد في كلمات الأغنيية التي صاغها نصر الدين ناجي حالفها التوفيق مع أداء استثنائي ل سميرة, وكذا لحن قطة الغربي الجميل الذي يجعلنا حتما نتذوق حلاوة هذه الأغنية الغربية, ونعيدها علي مسمعنا كثيرا دون أدني شعور بالملل.
ماحصلش حاجة
نفس حالة التمرد, ولكن بشكل آخر تعيشها المطربة في رائعة ما حصلش حاجة كلمات شادي نور, وألحان بلال سرور, وتوزيع هاني يعقوب, الذين تتعاون معهم المطربة لأول مرة أيضا, وفي هذه الأغنية تراهن الديفا علي هؤلاء الثلاثة, وتكسب الرهان, فهم بحق فرسان الفترة القادمة, ومن يساوره الشك فعليه أن يسمع أغنية ما حصلش حاجة التي تعلن فيها الحبيبة بقوة عن فرحتها بتركها لحبيبها, عنما اكتشفت أن الحياة بدونه كما هي, لا تتغير, فتقول:
وأديني سيبته وشوفت اهو محصلش حاجة
والوضع فعلا مختلفش في أي حاجة
بأكل وأضحك بشتغل وأعمل كل حاجة
لأ لأ مش زعلانة وكئيبة
مش ماسكة صورته وبتقهر زي العبيطة
ولا ماشية وبخبط دماغي في كل حيطة
مبردش عاللي يقولي كلمة جت بسيطة
بعدك مش متصنف مصيبة
بالعكس حتي انا حاسة مرتاحة وسعيدة
مطلعش انها حاجة وحشة اعيش وحيدة
هبدأ حياتي بصفحة فاضية ولسه بيضا
وبشنطة شخصيات جديدة
لكن في نهاية الأغنية تتراجع الحبيبة عن موقفها- ولا أدري لماذا؟- كأنها تبعث برسالة للشامتين, ولمن حولها مفادها أنها سعيدة, وهي في حقيقة الأمر غير ذلك, وكنت أتمني أن تظل حالة السعادة بترك الحبيب حتي النهاية, وألا تتراجع قائلة:
مقدرش أنكر اني لسه في جزء فيا
بيقولي طب كنتي استنيتي عليه شوية
متمثليش انك عايشة طبيعي وعادية
متمثليش انك سليمة
لكن يبدو أن الشاعر شادي نو رجل محافظ وواقعي, أسير مجتمع شرقي, ينظر ل الست التي تعلن عن سعادتها بالانفصال نظرة رجعية, رغم أن الانفصال أحيانا يكون أقوي من قدرة احتمالها, وفي هذه الأغنية صالت وجالت سميرة وقدمت أداءا غنائيا مبهرا, إضافة إلي نقلات غنائية بأداء خرافي.
ما أضمنش نفسي
ومن يوم إلي يوم يثبت الملحن المبدع وليد سعد أنه يتطور مع كل الأزمنة, وأنه ليس ثابتا علي شكل غنائي معين, فبعد حوالي عشرين عاما من عمله الفني الذي لحن فيه تقريبا كل الأشكال والقوالب الحديثة, وقدم أعذب النغمات التي أنقذت سمعتنا اللحنية في العالم العربي, يقدم مع رفيقه الشاعر المتميز نادر عبدالله صاحب المفردات الخاصة جدا, أغنية رائعة بعنوان ما أضمنش نفسي توزيع طارق عبدالجابر تقول في بدايتها:
بمجرد التفكير فيك وفي ايام زمان
قدامي يومها بتتقفل كل البيبان
وبيأس كمان وبتعب عشان احساسي اني مش معاك
عاملي في حياتي إرتباك وعدم إتزان
وماأضمنش نفسي أما هتيجي ليا انا هعمل ايه
وقد استطاع سعد أن يضع لحنا رومانسيا ناعما يعيدنا إلي الأجواء الرومانسية القديمة- التي نفتقدها في زماننا الحالي- وساعده التوزيع المدهش ل عبدالجابر, وفوق كل ذلك أداء الديفا بعذوبتها المعهودة.
احتمال وارد
وقدم نادر عبدالله كملحن واحدة من أجمل أغنيات عام2015 هي: أغنية إحتمال وارد توزيع طارق عبدالجابر, وفيها تعبر سميرة بتفوق عال وتمكن صوتي عن حالة الحيرة التي تمتلك الحبيبة, وتنتقل من حالة لحالة بمزاج فني يبعث علي الشجن, خاصة أن اللحن يغالب عليه طابع الرومانسية, مستغلا في ذلك كل الآلآت الرومانسية ك البيانو والكمنجات لإيصال تلك الحالة التي نعاني مع بطلتها حتي نصل في النهاية لشط الأمان, تقول بعض كلمات الأغنية:
إحتمال وارد وجايز م النهارده
انسي ليه عرفتك زمان واحتمال وارد كمان
اني منسكش في حياتي دقيقة واحدة
واحتمال وارد تبطل خوف عليا
واحتمال متحبنيش وابقي ليك ومتبقاليش
معنديش وقت
يحسب لسميرة في هذا الألبوم تعاونها مع كثير من الشباب الموهوبين, الذين استطاعوا أن يقدموا لها, حالات غنائية شديدة التنوع والثراء, من هؤلاء ملحن عام2016 إيهاب عبدالوحد الذي يزحف نحو القمة بثبات, حيث يتعاون مع الديفا في أغنية معنديش وقت كلمات الواعد الجديد أيمن عز, وتوزيع نادر حمدي, واستطاع الشاعر أيمن عز أن يثبت موهبته وأحقيته في التعاون المثمر مع مطربة بحجم وقدر سميرة سعيد بكلمات معبرة عن حالة حب في طريقها للانتهاء والانزواء والخلاص, واجتهد عز في تقديم مفردات وجمل تصلح كأمثال شعبية حيث يقول:
معنديش أي وقت يضيع عليك تاني
معنديش نية طول الوقت أعيش في خناق
وأنسب حل ليك بامانة تنساني
ساعات البعد من الطرفين بيبقي ذكاء
ولو شوفتك أنا هسلم عليك عادي
ماهو اللي يحب لا بيكره ولا يعادي
كما عبر عبدالواحد بلحنه المتميز عن هذه الحالة بجمال وعذوبة شديدة, وساعده الموهوب نادر حمدي في تقديم الإطار الخاص بهذه الحالة الغنائية, وستبقي هذه الأغنية تتردد طويلا, وستدخل ضمن أغنيات المطربة الخالدة.
أيوه اتغيرت
وعلي درب الإيمان بروح الشباب, يبدو ملحوظا أيضا تعاون سميرة مع الشاعر عصام حسني, والمطرب والملحن الشاب شريف إسماعيل,, ناهيك عن الموزع الكبير محمد مصطفي الذي سبق وتعاون معها كثيرا سواء كملحن أو موزع, حيث قدم لها الثلاثة أغنية كلاسيكية بعنوان أيوه اتغيرت تذكرنا بروائع سميرة القديمة, وفي هذه الأغنية استطاع شريف أن يقدم واحدة من أعذب الألحان الشرقية الجميلة التي استمعنا إليها في الفترة الأخيرة, وعبر بصدق عن كلمات الشاعر, وقدم الموزع محمد مصطفي توزيعا كلاسيكيا جميلا استغل فيها الوتريات ليقدم حالة من الشجن الجميل المعبر عن حالة الحيرة التي تعاني منها الحبيبة, والتي تشكو من إهمال حبيبها, وعدم إحساسه بمشاعرها, رغم إني أري أن الحبيب يثق فيها ثقة عمياء بدليل أنه يقول لها كما تقول الحبيبة نفسها مش كنت زمان لما اسأل مرة عن حاجة/ بتقولي انا مالي اتصرفي زي ماهتشوفي,هنا حالة حب, لم تقدرها الحبيبة التي تبدو أنها تريد سماع كلمات الحب دائما, والحبيب مشغول عنها بعمله, ويترك لها تعمل ما تشاء ثقة فيها!
جرالك ايه
ويبقي من مفاجأت الألبوم عودة الملحن والموزع محمد عرام الذي سبق وتعاون مع المطربة في أكثر من أغنية ناجحة منها دوري انتهي, ومكان فاضي التي تعتبرمن أصغر الأغنيات في تاريخ سميرة الغنائي, حيث لا تتعدي مدتها( دقيقة ونصف) فبعد انقطاع طويل عن التلحين تعيد سميرة سعيد هذا الملحن والموزع في أغنية جرالك أيه كلمات أشرف أمين, وفيه يقدم عرام لحنا شجيا مؤثرا, ورغم ثبات وجمود حالة الحب الأقرب إلي حالة الموت, استطاعت المطربة المخضرمة أن تحيي هذه الحالة بإحساسها العالي.
حب
ولأن ختامه مسك فكانت أخر أغنية في السي دي أغنية للموهوب محمد رحيم كملحن وشاعر, حيث قدم لحنا شديد التميز بعنوان حب توزيع مينو, ويبدو مليئا بالإحساس والعاطفة الدافئة, وتصيبك المتعة من الوهلة الأولي وأن تستمتع لمفرادت رحيم الخاصة, وتسبح معه في عالم من الأحلام والرومانسية من خلال هذا اللحن المعبر الدافئ, والكلمات التي تجسد حالة من الحب القوي حب يرجع كل سنيني حب يغير معتقداتي/ يملي عيني يحتويني يشغل وحده كل وقتي.
وفي النهاية أستطيع القول بأن سميرة سعيد في عايزة أعيش أثبتت إنها تسير علي درب رواد الإحساس العالي في عصر الصخب والضجيج الموسيقي الحالي, محافظة علي نقاء صوتها, متشبثة بتمردها وتجددها, لتحقق معامل التوازن باختياراتها الغنائية الذكية, وتعاونها مع جيل جديد من الشباب الموهوبين الذين ينتظرهم مستقبلا لامعا في عالم التلحين والتوزيع والكلمات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.