بعد الاتفاق النووي مع الغرب، ماهى الأهداف التى قد تحققها طهران لواشنطن فى منطقة الشرق الأوسط؟ ولماذا الآن والمنطقة تموج بحالة من الفوضى العارمة والإرهاب والمؤامرات الكبرى؟. من هنا تأتى أهمية كتاب الدكتور فوزى درويش الذى خرج من المطبعة من أسابيع قليلة تحت عنوان «إيرانوالولاياتالمتحدة» ويقدم للقارئ خلفية تاريخية رائعة عن مسيرة العلاقات الإيرانيةالأمريكية. ويؤكد المؤلف, وهو باحث مدقق فى الشئون الآسيوية منذ زمن وله العديد من المؤلفات والأبحاث فى هذا الشأن, أن أهداف إيران الحقيقية من وراء امتلاك قدرات نووية، هى السيطرة على المنطقة وبسط نفوذها وأذرعها القوية على كل دول منطقة الشرق الأوسط وخاصة منطقة الخليج العربى. ثم يفاجئنا المؤلف بسؤال مهم لم يتناوله كثير من الباحثين الآخرين وهو: لماذا لم تفكر تركيا - الجارة اللدودة لإيران- فى الرد على البرنامج النووى الإيرانى ببرنامج مماثل وامتلاك قدرات نووية؟ ويقول درويش فى الخلفية التاريخية والجغرافية لإيران فى مقدمة كتابه: إن الإيرانيين يعيشون اليوم داخل الحدود التى عاش داخلها أجدادهم فى إقليم نحو ثلاثة أمثال فرنسا و6 أمثال بريطانيا. بدأ اهتمام الولاياتالمتحدة كقوة عظمى بإيران بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، حيث أدركت أهمية النفط الذى بدأ يتفجر فى المنطقة من ناحية, ومن ناحية أخرى مواجهة التمدد الشيوعى بقيادة الاتحاد السوفيتى خلال الحرب الباردة. وفى الأربعينيات من القرن ال20، ظهرت فى إيران حركة الوطنيين من عام 1949 وحتى 1953 بقيادة محمد مصدق وأعلنت الحركة معارضتها لأسرة حكم «بهلوى» وأسس مصدق «الجبهة الوطنية» ثم بدأ التفاوض مع شركة النفط الأنجلو-إيرانية للسيطرة على إنتاج النفط لصالح إيران، ثم حدث الانقلاب الشهير عام 1953 ضد مصدق رئيس الوزراء، بعد احتدام الصراع بينه وبين الشاه. ويتناول الفصل الأول انقلاب 19 أغسطس 1953، حيث اقتحمت الدبابات قلب طهران وقصفت منزل مصدق وتم إعلان الجنرال زاهدى رئيسا للوزراء معينا من قبل الشاه وتمت إزاحة مصدق من الحكم. ويرى الكثيرون أن الجذور الحقيقة لثورة 1979 «الإسلامية» تعود أسبابها إلى انقلاب 1953. وفى هذا الوقت بدأ العداء الإيرانى للولايات المتحدة, التى قادت مخابراتها الانقلاب، يتبلور تدريجيا حتى وصل الى قمته فى 1979. وبمعاونة جهاز التحقيقات الفيدرالى الأمريكى وجهاز الموساد الإسرائيلى، تم تأسيس وكالة المخابرات الفارسية التى عرفت فيما بعد باسم «السافاك». أما الفصل الثانى الذى جاء تحت عنوان «الحرب الإيرانية العراقية وانعكاساتها 1980-1988» فيتناول الكيفية التى بدأت بها الحرب. ويقول الدكتور درويش إنه فى الشهور السابقة على تلك الحرب اكتشفت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر إمكانية إيجاد روابط اوثق مع نظام صدام حسين. وبعد تولى رونالد ريجان الرئاسة فى عام 1981 صار الدعم الأمريكى لصدام أكثر قوة. أما الفصل الثالث, الذى كان من الأفضل أن يكون هو الفصل الأول أو على الأقل مقدمة البحث، فيبدأ بفترة العلاقات الحميمة فى عهد أسرة الشاه بين الولاياتوإيران فى الفترة من 1856 إلى 1953 أى نحو 97 عاما, حين وقع البلدان معاهدة التجارة والصداقة وكان يتم النظر إلى الأمريكيين على أنهم «دعاة» للعمل الخيرى استنادا إلى البعثات التبشيرية الأمريكية فى إيران ثم أعقب ذلك فترة يطلق عليها «درويش» فترة السيطرة الأمريكية التى امتدت نحو 25 عاما من عام 1953 الى 1979. و بنهاية حكم أسرة بهلوى فى عام 1979، تبدأ فترة الكراهية وعدم الثقة بالولاياتالمتحدة فى إيران وامتدت من 1979 حتى فرض العقوبات فى ظل الطموحات النووية الإيرانية. ويعرض الفصل الرابع طموحات إيران النووية فى ظل الثورة الإسلامية والكيفية التى ردت بها عليها الولاياتالمتحدة وكيف كان للأحداث الدولية تأثيراتها. والفصل الخامس عن البرنامج النووى الإيرانى وحقيقة أهداف الإيرانيين منه, وإن من بين تلك الأهداف إحكام سيطرتهم على المنطقة واستعادة أمجاد «امبراطورية فارس القديمة». وتناول الفصل السادس انعكاسات الطموحات النووية الإيرانية على دول الشرق الاوسط وردود أفعال تلك الدول وما إذا كان هدف البرنامج الإيرانى هو الحصول على الطاقة الكهربائية من أجل الاستخدامات السلمية فقط أم الحصول على التكنولوجيا النووية لإنتاج أسلحة نووية وقت الحاجة. وأما الفصل السابع والأخير، فيتناول التطورات الأخيرة فى الملف النووى الإيرانى والاتفاق الأخير الذى توصلت اليه إيران مع القوى الغربية فى مفاوضات دول 5+1 فى 14 يوليو 2015. الكتاب : إيرانوالولاياتالمتحدة المؤلف :د. فوزى درويش الناشر :على نفقة المؤلف 2015