ابنتى كانت مخطوبة لشاب، وقام هو بفسخ الخطبة، فما حكم الشبكة التى قدمها؟ وكنا قد اشترينا أثاثا لمنزل الزوجية بعلمه ومشاركته وسنضطر الآن لبيعه، مما سيتسبب فى نقصان ثمنه، فهل أتحمل هذه الخسارة وحدي؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: إن الخِطْبَة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الشبكة والهدايا كل ذلك من مقدمات الزواج ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية، وقد جرت عادة الناس بأن يقدموا الخطبة على عقد الزواج؛ لتهيئة الجو الصالح بين العائلتين. فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه ولم يتم العقد فالمقرر شرعًا أن المهر إنما يثبت فى ذمة الزوج بعقد الزواج، فإن لم يتم فلا تستحق المخطوبة منه شيئًا، وللخاطب استرداده، أما الشبكة التى قدمها الخاطب لمخطوبته فقد جرى العرف على أنها جزء من المهر؛ لأن الناس يتفقون عليها فى الزواج، وهذا يخرجها عن دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر، وقد جرى اعتبار العرف فى التشريع الإسلامي؛ لقوله تعالى: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ» [الأعراف: 199]، وقد جاء فى الأثر عن ابن مسعود رضى الله عنه: "ما رَأى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عندَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه أحمد والطيالسى فى مسنديهما.فالشبكة من المهر، والمخطوبة المعدول عن خطبتها ليست زوجة حتى تستحق شيئًا من المهر، فإن المرأة تستحق بالعقد نصف المهر وتستحق بالدخول المهر كله. وبناءً على ذلك فإن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل الخاطبان أو أحدهما عن عقد الزواج، وليس للمخطوبة منها شيء، ولا يؤثر فى ذلك كون الفسخ من الخاطب أو المخطوبة. أما بالنسبة للأثاث الذى أحضره الطرفان بعلم الخاطب فالأصل أن الخطبة ما هى إلا وعد بالزواج كما بيَّنَّا، وهذا الوعد لا يقيد أحدًا منهما، ولكل واحد منهما أن يعدل عن الخطبة متى شاء، حتى ولو لم يُبدِ لذلك سببًا؛ فالخطبة فترة إعداد للدخول فى العقد الملزم، ولا يترتب عليها أثر، وهذا المعنى لا يتحقق إذا كان أحد الطرفين مهددًا بالتعويض لمجرد العدول، لكن إذا قارن هذا الوعدَ والعدولَ أفعالٌ أخرى مستقلة عنها تسببت فى ضرر، فإن الضرر حينئذ يجبر بالتعويض، كل بحسب تسببه فيه؛ للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار"، وعلى هذا جرت أحكام محكمة النقض المصرية طعن 13 لسنة 9ق. ومعيار الأفعال المستوجبة للتعويض أن يطلب أحد الخاطبين من الآخر أمرًا يخرج عن المتعارف عليه؛ كأن يطلب الخاطب من المخطوبة إعداد كسوة تتناسب مع الاحتفال بالعرس، أو يطلب منها شراء أثاث معين لا يصلح أن تنتفع به انتفاعًا صحيحًا شرعًا إذا لم يتم الزواج، ثم يعدل، ومثل ذلك فى حق المخطوبة، فللمتضرر حينئذ أن يثبت وقوع الضرر عليه جراء تعنت الطرف الآخر بالطرق المقررة لذلك قضاء. والتحقق من وجود الضرر وما يرتبه من آثار فى هذه الصور هو أمر موكول إلى القضاء.