* تسأل إحدي السيدات من الجيزة: ابنتي كانت مخطوبة لشاب. وقام هو بفسخ الخطبة. فما حكم الشبكة التي قدمها؟ وكنا قد قمنا بشراء أثاث لمنزل الزوجية بعلمه ومشاركته وسنضطر الآن لبيعه. مما سيتسبب في نقصان ثمنه. فهل أتحمل هذه الخسارة وحدي؟ * * يجيب د. علي جمعة مفتي الجمهورية: إن الخطبة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الشبكة والهدايا كل ذلك من مقدمات الزواج ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية. وقد جرت عادة الناس بأن يقدموا الخطبة علي عقد الزواج لتهيئة الجو الصالح بين العائلتين. فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه ولم يتم العقد فالمقرر شرعا أن المهر إنما يثبت في ذمة الزوج بعقد الزواج. فإن لم يتم فلا تستحق المخطوبة منه شيئا. وللخاطب استرداده. أما الشبكة التي قدمها الخاطب لمخطوبته فقد جري العرف علي أنها جزء من المهر. لأن الناس يتفقون عليها في الزواج. وهذا يخرجها عن دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر. وقد جري اعتبار العرف في التشريع الإسلامي. لقوله تعالي: "خذ العفو وأمر بالعرف" الأعراف : 199 وقد جاء في الأثر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - "ما رأي المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ" أخرجه أحمد والطيالسي في مسنديهما. فالشبكة من المهر. والمخطوبة المعدول عن خطبتها ليست زوجة حتي تستحق شيئا من المهر. فإن المرأة تستحق بالعقد نصف المهر وتستحق بالدخول المهر كله. وبناء علي ذلك فإن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل الخاطبان أو أحدهما عن عقد الزواج. وليس للمخطوبة منها شيء. ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الخاطب أو المخطوبة. أما بالنسبة للأثاث الذي أحضره الطرفان بعلم الخاطب فالأصل أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج كما بينا. وهذا الوعد لا يقيد أحدا منهما. ولكل واحد منهما أن يعدل عن الخطبة متي شاء. حتي ولو لم يبد لذلك سببا. فالخطبة فترة إعداد للدخول في العقد الملزم. ولا يترتب عليها أثر. وهذا المعني لا يتحقق إذا كان أحد الطرفين مهددا بالتعويض لمجرد العدول. لكن إذا قارن هذا الوعد والعدول أفعال أخري مستقلة عنها تسببت في ضرر. فإن الضرر حينئذ يجبر بالتعويض. كل بحسب تسببه فيه. للقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار وعلي هذا جرت أحكام محكمة النقض المصرية طعن 13 لسنة 9ق. ومعيار الأفعال المستوجبة للتعويض أن يطلب أحد الخاطبين من الآخر أمرا يخرج عن المتعارف عليه. كأن يطلب الخاطب من المخطوبة إعداد كسوة تتناسب مع الاحتفال بالعرس. أو يطلب منها شراء أثاث معين لا يصلح أن تنتفع به انتفاعا صحيحا شرعا إذا لم يتم الزواج. ثم يعدل. ومثل ذلك في حق المخطوبة. فللمتضرر حينئذ أن يثبت وقوع الضرر عليه جراء تعنت الطرف الآخر بالطرق المقررة لذلك قضاء. والتحقق من وجود الضرر وما يرتبه من آثار في هذه الصور هو أمر موكل إلي القضاة. والله سبحانه وتعالي أعلم.