أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 9-5-2025 في محافظة الفيوم    الجيش الهندي: القوات الباكستانية انتهكت وقف إطلاق النار في جامو وكشمير    إضاءة مبنى "إمباير ستيت" باللونين الذهبي والأبيض احتفاء بأول بابا أمريكي للفاتيكان    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    خريطة الحركة المرورية اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    حفل أسطوري..عمرو دياب يشعل "الارينا" في أعلى حضور جماهيري بالكويت    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    زيلينسكى يعلن أنه ناقش خطوات إنهاء الصراع مع ترامب    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية من المتحف الكبير
الهرم الرابع يبوح بأسراره

فى أحضان الأهرامات الخالدة اختار عنوانه ليستنشق منها عبق التاريخ ويقف بجوار الأجداد شامخا يذكر كل منهم الآخر بسبعة آلاف عام هى عمر الحضارة المصرية القديمة ..عناقهما معا فى هذا المكان دليل لا يقبل الشك على استمرار التحدى ومواصلة الصمود الذى بدأه بناة الأهرامات حتى استقرت رفاتهم بداخلها وتستقر معهم وبين جنبات المتحف الكبير آثارهم الخالدة والتى يصل عددها إلى ما يقرب من مائة ألف قطعة أثرية نادرة يعرض بعضها لأول مرة.نكاد نلمح سعادتهم بالأحفاد وهم يشيدون هذا الصرح العالمى الذى يستعد لاستقبال 15 ألف زائر يوميا وكأنه مولد واكتشاف جديد لمنطقة الأهرامات برمتها, وباعتباره درة المتاحف التى تزخر بها أرض مصر وكان آخرها افتتاح متحف النيل فى أسوان منذ أيام قلائل . نعم طال الانتظار لمتحفنا الكبير -والذى تتجه إليه أنظار العالم - ومن أجل ذلك ذهبنا إلى الموقع وتجولنا بين أروقته لنتعرف على ما يتم فيه على أرض الواقع لما يمثله مشروع وصلت تكلفته إلى ما يزيد على مليار دولار من أهمية جعلته يقف على قدم المساواة بجوار المشروعات القومية الكبرى التى أقبلت عليها مصر مؤخرا لتدفع بها عجلة الإنتاج والسياحة.
مشروع القرن الثقافى
وزير الآثار: يحوى كنوزا نادرة ..ووثائق علمية قيمة .. ومتاحف نوعية متخصصة
تهانى صلاح

المتحف المصرى الكبير أعظم مشروع حضارى وثقافى خلال القرن الحالى - حسب تقدير جريدة"التايمز"البريطانية التى اختارته كثانى أهم 10 مشاريع ضخمة ، من المتوقع أن يكون لها دور مهم فى الحضارة الإنسانية خلال الفترة المقبلة. كما وصفه ستيفن جرونبرج عضو فريق التصميم الخاص بالقاعات الداخلية للمشروع ، الذى تنبأ للمتحف بالتفوق على متاحف العالم من حيث أهميتها كاللوفر وبرلين والمتحف البريطانى وغيرها، لكونه متحفاً حديثاً يحتضن روائع الحضارة المصرية القديمة.
وقد أثار الإعلان عن إنشاء المتحف المصرى الكبير شغف المؤسسات الثقافية والأفراد فى أنحاء العالم، فعلى مدار شهر من الإعلان عن إنشائه وردت نحو 5 آلاف رسالة بريد إلكترونى على موقع المتحف للاستفسار عن محتوياته وطريقة بنائه، وقد تجاوز عدد المواقع التى تتحدث عن المتحف على الإنترنت المليون موقع باللغة الإنجليزية فقط، مما يعكس قيمته وأهميته العالمية. كما تقدم للمسابقة الدولية لتصميم المشروع 1557 بحث من 83 دولة ، حيث شارك فى التصميم الفائز 14 مكتبا استشاريا من خمس دول مختلفة.
فهو بحق تجربة فريدة فى الإبحار عبر الزمان من خلال قصة مصر القديمة وتراثها الثقافى التى امتدت لنحو سبعة آلاف سنة ،وتحفة فنية ثقافية جديدة تطل على أهرامات الجيزة، تحوى كنوزا أثرية نادرة ووثائق علمية قيمة ، ومتاحف نوعية متخصصة . كما يُعتبر أكبر متحف للآثار فى العالم، وصرحاً ثقافياً، ومركزاً عالمياً لتواصل الحضارات والثقافات.
المتحف والأهرامات وحدة أثرية
ويقول الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار إن المشروع يُمثل نموذجاً حضارياً لعمارة المتاحف حيث يضم أكبر وأندر مجموعات التحف الفرعونية فى العالم. ويتميز باستخدام أحدث الأساليب التقنية للعرض المتحفي، حيث يعد الأول من نوعه فى توظيف تكنولوجيا "الواقع الافتراضي" فى بانوراما العرض حتى يستمتع الزائرون بمعايشة الوقائع والأجواء، من خلال ربط الآثار بأماكن العثور عليها ، والقطع الناقصة منها الموجودة حالياً فى متاحف أخرى .
كما سيتم ربط المتحف مع هضبة الأهرامات فى وحدة أثرية واحدة ، وإنشاء ممر بطول 2 كيلومترً، وتخصيص شبكة مواصلات داخلية وسيارات كهربائية لنقل ضيوف المتحف إلى مختلف أرجائه والمتنزهات والحدائق التى تحيط به . حيث يتم إنشاء منطقة ترفيهية على مساحة 25 فداناً، تتضمن أماكن الترفيه والخدمات والحدائق العامة المختلفة والمرافق، وتشمل : حدائق أرض مصر، وحدائق التماثيل الخارجية المُتصلة بصالات عرض المتحف، وحدائق الكثبان الرملية بالإضافة إلى مجموعة من الحدائق العامة المتنوعة، حيث يتوقع أن يصل عدد زوار المتحف عقب افتتاحه إلى خمسة ملايين سائح سنوياً بمعدل 15 ألف زائر يومياً . ولأول مرة سيتم وضع جميع الإرشادات فى المتحف بثلاث لغات, الأولى هى العربية اللغة الأم للمصريين, والإنجليزية لكونها الأكثر انتشاراً فى العالم, والهيروغليفية كى يتعايش الزوار فى أجواء الماضى التاريخية العريقة.
مجمع للمتاحف النوعية
ويضيف الدماطى أن تصميم المشروع يعد تحفة معمارية جديدة، تبدأ بالبوابة المُثلثة العملاقة فى مدخل المتحف، ومنها إلى الباحة الرئيسية التى يتصدرها تمثال ضخم للفرعون رمسيس الثانى ،كما ترتفع واجهة المتحف 5 طوابق لتتوافق مع ارتفاع الهرم الأكبر، وتتميز بحوائط تضاء ليلاً ، ويُمكن رؤيتها من كل أنحاء القاهرة،إذ تكسوها حجارة "الألابستر"الشفافة. ويحوى المتحف قسما خاصا لعرض كنوز"الفرعون الذهبى الصغير"مع وضع القناع النادر للملك "توت عنخ أمون " فى منتصف قاعة العرض حتى يتمكن جميع زوار المتحف من مُشاهدته من مختلف الزوايا، بالإضافة إلى عرض آثار "مقبرة توت عنخ آمون "وتشمل خمسة آلاف قطعة يتم عرضها لأول مرة مجتمعة منذ اكتشافها عام 1922م فى منطقة وادى الملوك بالأقصر.
كما يحتوى المتحف على مجمع للمتاحف النوعية بداخله ، حيث سيتم إقامة متحف خاص للأطفال ، يناسب مختلف الأعمار لتربية الأجيال الجديدة أثرياً وثقافياً، وقاعات وعروض متحفية مُخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى نقل متحف مراكب الشمس ، ويعد المتحف الوحيد بالعالم الذى يحتوى على قطعة واحدة معروضة "المركب"من الأهرامات إلى المتحف. وتوجد اتفاقيات مع متاحف عالمية لإعارة قطع مصرية مهمة للمتحف مثل :حجر رشيد الذى يبحث مجلس أمناء المتحف البريطانى إعارته لعرضه عند الافتتاح لمدة 3 سنوات. وسوف يصبح المتحف الكبير مركزاً عالمياً للاتصالات المتحفية عن طريق استخدام شبكات الأقمار الصناعية فى الاتصال المُباشر مع المتاحف المهمة عالمياً ومحلياً. ويضم تسجيلاً كاملاً للآثار وفنون العرض المتحفى وخرائط للمواقع الأثرية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية المُتصلة بالأقمار الصناعية، ويضم أيضاً عرضاً متحفياً لأدوات التنقيب عن الآثار مع شرح للطرق التقليدية والحديثة للكشف عن الآثار ودراستها ، حيث يتمكن الزائرون من مُشاهدة تاريخ مصر عبر العصور من قبل التاريخ حتى الآن، عن طريق اختيار أحد معالم الحضارة المصرية القديمة وتطورها، وتشمل : أرض مصر، ونظم إدارة الدولة، والطقوس الدينية والجنائزية وتصورات العالم الآخر، والحياة اليومية والفنون والكتابة والعلوم.
مراحل المشروع
ويوضح الدكتور الدماطى بداية المشروع التى تعود إلى عام 2002 حيث تم وضع حجر الأساس للمتحف الذى يقع بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى ، بالقرب من أهرامات الجيزة على مساحة 117فداناً بتكلفة قدرها 550 مليون مليون دولار منها 100 مليون تمويل ذاتى ،والباقى بواقع 300 مليون دولار قرض يابانى مُيسر، إضافة إلى 150 مليون دولار من التبرعات والمُساهمات المحلية والدولية.وقد تم الانتهاء من مرحلتى الإنشاء الأولى والثانية عام 2009وتشملان تجهيز وإعداد موقع المتحف، وبناء المركز الدولى للترميم الذى يضم معامل متخصصة تحتوى على أحدث أجهزة ترميم الأحجار والجلود والمعادن والخشب أقيمت تحت مستوى سطح الأرض لتوافر الظروف البيئية المناسبة لحفظ الآثار ، بالإضافة إلى وحدة ضخمة للإطفاء ، ومحطتى محولات لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة للمشروع ومحطة مياه.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتشمل إقامة المبنى الرئيسى للعرض المتحفى على مساحة أربعة آلاف متر مربع تمهيداً لتنفيذ سيناريو العرض المتحفى لنحو 100 ألف قطعة أثرية يحويها المتحف بدءا من العصر الفرعونى منتهيا بالعصر الرومانى . كان من المقرر أن تنتهى فى عام 2013وهو الموعد الرسمى لافتتاح المتحف ،ولكن تم تأجيلها إلى 2015م ،مشيرا إلى أن العمل لم يتوقف فى المشروع خلال تلك الفترة ،ولكن كان يسير ببطء نتيجة لعدم توافر السيولة المادية، وهى من أهم العقبات التى واجهت المشروع ،ولتعويض هذا النقص والسيولة المادية نتيجة للتأخير خصصت الحكومة المصرية 216 مليون جنية من ميزانية 2015 – 2016 لاستكمال أعمال الإنشاء ، كما سيتم توفير ما يعادل 300 مليون جنية مصرى بواقع 100 مليون سنويا بدءاً من 2016 – 2017 ، بالإضافة إلى أن هناك مباحثات حاليا للحصول على ما يعادل 500 مليون دولار أخرى من اليابان لتذليل العقبات المادية للانتهاء من المشروع الذى ارتفعت تكلفته الإجمالية إلى ما يزيد على مليار دولار ،حيث تولى اليابان اهتماما خاصا به حيث قام مدير متحف طوكيو بزيارة للموقع ،وكذلك مدير متحف هيروشيما الذى قام بزيارته منذ أيام .
وتستقبل المخازن المتحفية الآن الآثار من مختلف أنحاء الجمهورية لبدء ترميمها وتجهيزها للعرض على أيدى المصريين العاملين بالمشروع والحاصلين على دورات تدريبية بالخارج فى الترميم وطرق العرض . وأكد الدماطى أن هناك اهتمام خاص من الحكومة بضرورة إتمام المشروع الثقافى الأول للقرن فى موعده ، حيث يتم افتتاح المرحلة أولى فى مايو 2018 بعرض مقتنيات توت عنخ آمون ،على أن يتم الافتتاح النهائى للمشروع فى نوفمبر2022م.

100 ألف قطعة أثرية أمام 15 ألف زائر يوميا
6 آلاف من السواعد المصرية عمالا وفنيين يعملون لتشييده ليل نهار
وجيه الصقار

يعتبر الخبراء أن المتحف المصرى الكبير هو أحد أهم المعالم التاريخية والحضارية والأثرية بل والسياحية فى تاريخ مصر المعاصر، بما يتساوى مع مفهوم الهرم الرابع فهناك نحو 6 آلاف عامل ومهندس فنى كلهم مصريون يعملون فى صمت تام ليل نهار لإقامة هذا الصرح الذى يقع على مساحة 117 فدانا ، وعلى نظام عالمى غير مسبوق ليصبح أكبر متحف فى العالم من حيث العرض والمستوى والنوعية والتخصص والمساحة ليقيم فى حضن أهرامات الجيزة الخالدة ، وبسواعد مصرية هذا ما رأيناه على الطبيعة ولمسناه من جهد وعزيمة فى عيونهم.
وحسب الدكتور طارق توفيق مدير المتحف وأستاذ العمارة الفرعونية بجامعة القاهرة فإنه يمثل نقلة نوعية فى عالم الآثار من حيث العرض والصيانة والتفرد فهو متخصص فى فترة ماقبل التاريخ وحتى العصر اليونانى والرومانى ، وهو ليس تكرارا للمتاحف المصرية بل يتكامل معها .. فالمتحف الكبير تصدى لتصميمه كبار الأثريين فى العالم وبأسلوب مميز ، وهناك 17 معمل تحليل وترميم للمواد الآثرية الواردة من المناطق الأثرية والمتاحف ، يتولاها أكثر من 200 مرمم وفنى من كبار الخبراء فى مجال الترميم فى مصر ، والذين تدربوا على أيدى خبراء من اليابان وفقا لاتفاقية معها ، وعلى رأسها مخطوطات البردى التى تتعدى فى المعامل حاليا نحو 400 قطعة تخضع للمعالجة والصيانة وأخرى دخلت المخازن .
ولقد ابتدع د.طارق توفيق فكرة تخليص الآثار الحجرية خارج الإطارات الخشبية التى تحيطها ، لتكون فى داخل شكل زجاجى ، ومتاحة من كل جانب للمشاهدة لإثارة خيال الزائر ، فالأثر مثل الكتاب يمكن قراءة قيمته ودلالته ومفاهيم وثقافة عصره من خلال كل لمسة فنية عليه ، كما إن الترميمات السابقة والتى ثبت خطأها كان لها ظروف وتكنولوجيا مختلفة ، ولكن يتم استبدالها الآن ،وهذا يتم على معظم القطع الأثرية التى وردت للمتحف وعددها يزيد على 27 ألف قطعة ضمن خطة تجهيز 50 ألف قطعة للعرض
عمارة معقدة
ويضيف مدير المتحف إن هذا المشروع يعتبر إعجازا عالميا من حيث الفكرة والضخامة ، فهو معلم حضارى ، ويكفى أنه يعرض 50 ألف قطعة أثرية وفى المقابل توجد 50 ألفا أخرى فى التخزين لغرضين الأول الاشتراك بها فى المعارض الدولية والمحلية والثانى لتكون مادة حية للباحثين العلميين فى التاريخ والآثار الفرعونية ، وهناك رعاية خاصة متوافرة لكل أثر فى النقل والخدمة ، حيث خصص قسم خاص للنقل والتغليف يتولى رعاية كل أثر منفردا على حدة مهما كان صغيرا من منطقة أو موقع نقله بالتغليف ، ثم يوضع على وسائد من الفوم التى تمنع عنه الصدمات، ثم يوضع فى صندوق حسب حجمه وينتقل بحذر شديد بإشراف ومتابعة أفراد قسم النقل والتغليف ، ويتلقاه مجموعة الخبراء والفنيين حسب نوعه وبتغليفه وصندوقه . وحول انخفاض عدد الفنيين خاصة فى تخصص الترميم قال مدير المتحف : إنه برغم أن عددهم يبلغ نحو 200 فنى إلا أنهم يعملون بجهد مضاعف يوميا ، ومع ذلك فإن السبب الحقيقى أننا نختار أفضل العناصر الفنية فى مصر ونرسلهم فى بعثات ضمن المنح المجانية التدريبية التى تقدمها اليابان ، ثم نوزع هؤلاء الشباب فور عودتهم على معامل الترميم الأثرى وتبلغ 17 معملا متخصصا .
وأشار إلى أن المتحف المصرى الكبير ليس كما يعتقد البعض أنه تكرار لمتحف التحرير أو الحضارة بمصر القديمة ، فهم لايدركون أن المتحف الكبير له طبيعة خاصة جدا فى مصر وعالميا ، فهو يتميز بعنوان " الملكية والأبدية " فى فترة خمسة آلاف سنة من فترة ما قبل التاريخ وحتى العصر اليونانى الرومانى ، فالمصرى القديم فى هذه الفترة يجد الملكية وسيلة للقضاء على الفوضى ، وأن الملك الفرعون يضمن له الأبدية بعد الموت فى الحياة الأخرى فهو الوسيط والشفيع له يوم حسابه فى الآخرة حسب معتقداتهم فكان إخلاصه وولاؤه للملك الذى يحميه ويدفعه للعمل بإخلاص من أجله ومنه أقام الحضارة الكبرى وحقق الإنجازات لذلك فهذا المتحف يتمتع بهوية متفردة ، بينما متحف الحضارة يشمل كل التاريخ وحتى التاريخ المعاصر ،وفى إطار هذا التميز للمتحف فإننا نتطلع إلى إقامة مشاريع مرتبطة بالآثار مثل النماذج المقلدة من الخزف والفخار والبلاستيكات والتى يقبل عليها السائح ، مما يعد مجالا مهما لتشغيل آلاف الشباب وتحقيق دخل قومى فى نفس الوقت بعد أن كنا نستوردها من الصين.
الصيانة الوقائية للآثار
وأضاف أن تكلفة المشروع ارتفعت إلى أكثر من مليار دولار بما يقارب 8 مليارات جنيه مصرى ، وفى سبيل رفع الوعى بنشاط وأهمية المتحف عقد مؤتمر عالمى لخبراء ودارسى الآثار ومديرى المتاحف على مستوى العالم عن توت عنخ آمون ، وذلك فى مايو الماضى ،كما سيعقد مؤتمر ثان فى مايو المقبل ، ونعرض فيه حجم الإنجاز ، والتصور المصرى لعرض قطع الملك الفرعونى ، والتى تركز على تخصيص 7 آلاف متر لعرض القطع الأثرية له على نفس توزيعها فى مقبرته الأصلية ، كما سيتم نقل متحف مراكب الشمس الذى يوجد حالياً بجانب الهرم الأوسط خفرع.إضافة لتوفير محطات تفاعلية ، لتوفير المعلومات الأثرية للسائحين ، والرد على الأسئلة وشرح وتبسيط معلوماتها الأثرية ، ولتكوين كوادر من الأجيال الجديدة تقوم بالمهمة ، وتصحيح مفاهيم بعض الكتب خاصة الدراسية ومنها أن كتاب الصف الرابع الابتدائى على سبيل المثال يذكر أن العاصمة الأولى لمصر هى (أون) أوعين شمس ، والصحيح أنها مدينة منف ، فدورنا ليس مجرد عرض آثار جامدة ولكن مدلولاتها فى عصرها وثقافتها ،وهذا الفكر التثقيفى يتميز بايجاد نوع من الانتماء والولاء لمصر وتاريخها ، ويعطى المصداقية والتفرد للمتحف الكبير.
وفى جولة بمعامل الترميم بالمتحف التقينا بالدكتور مدحت عبد الله رئيس معمل الأخشاب الذى أكد أن كل العاملين معه تلقوا تدريبات عالية فى مصر والخارج ، حيث تصل صناديق الآثار مشمعة من قسم النقل والتغليف ، ويجرى فتحها والتعامل معها بتقنية عالية ، ويكون دورنا هو بعث الروح فى الأثر خاصة الذى كان موجودا فى أماكن غير صحية أو به أنواع من البكتيريا أو الرمال التى كان مدفونا فيها ونعرض الشكل كماهو ، ونقوم بالصيانة الوقائية له كاملة ضد تأثير الضوء ، والرطوبة ، ودرجات الحرارة المتغيرة ، وفى النهاية نضع تقييما للأثر سواء تمثالا أو تابوتا حسب نوع الخشب من أشجارالصفصاف أو الأرز أو العرعر أو الأبنوس ، ولكل منها طبيعة فى التعامل والرعاية ، بما يجعل كل منها طبيعيا ، ويكون فى نفس الوقت جاذبا للرؤية ويتفاعل معه المشاهد .
وانتقلنا إلى معمل البردى والذى يحوى قطعا نادرة جدا من تاريخ مصر حيث تقول إيمان شلبى ، المشرفة الفنية بالمعمل أن هناك عدة خطوات تتبع قبل التعامل مع البردية تبدأ بالتصوير الفوتوغرافى لها ، وعمل تحليل للألوان والكتابات عليها ،ونجرب مثيلتها خارج الأثر لمعرفة تأثير المواد التى سنستخدمها حتى نجد المادة الأفضل التى لا تضرها مستقبلا ، إضافة لتخليصها من الكرتون الذى كانت ملصقة به إذا كان موجودا لأن الطرق السابقة لحفظ البرديات كانت على كرتون بمادة حمضية تؤثر سلبا عليها ، ونستبدله إلى الكرتون اليابانى الأفضل والذى يمكن إزالته أيضا دون أى تلف أوأدنى تأثير ، كما أن هناك أيضا النسيج الأثرى الذى أوشك على التلف منها نسيج خاص بالملك توت عنخ آمون وهو فى منتهى الروعة والنعومة التى تنافس الحرير حتى فى الألوان برغم أنه من الكتان ، فيصعب تصنيعه بهذا المستوى فى عصرنا بالماكينات الحديثة، وعددها 400 قطعة ، وكذلك الحبال العادية ،وفى صيانتها لايدخل المعمل أى مواد حافظة كما توجد مجموعة سهام تصل إلى 430 نوعا ذات رءوس خشب أو معدن أوعاج او حجر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.