مع الأسف, تكرر جماعة الإخوان المسلمين أخطاءها, وتصر علي أن تحيل قضيتها مع المجلس العسكري ومع باقي قوي المجتمع المدني إلي صراع إرادات يستهدف كسر إرادة الأطراف الأخري لمجرد إثبات القدرة علي الغلبة!, تغلق كل فرص التوافق والحلول الوسط, ولا تلقي بالا إلي قانونية تصرفاتها ومواقفها, وتصادر علي حق أي طرف يقول رأيا مخالفا, وتلزم هيئتها البرلمانية بالانصياع لإرادة مجلس شوري الجماعة, وتفرض علي البرلمان قرارا مفاجئا يعلق جلساته, لا يحترم رأي الأقلية التي وجدت نفسها ملزمة بالاعتصام داخل قاعات المجلس!, وتصر علي تصعيد الأزمة مع المجلس العسكري إلي حافة الخطر دون مسوغات تبرر هذا التصعيد سوي تصور خاطئ بأن التصعيد يمكن أن يعيد لها بعض مصداقيتها المفتقدة, وتطالب بإقالة حكومة الجنزوري تنفيذا لقرار سحب الثقة الذي صدر عن البرلمان علي غير صحيح القانون, لأن البرلمان غير مخول بهذه السلطة, بدلا من أن تنتظر مجرد شهرين سوف تكون الانتخابات الرئاسية هي شاغل مصر الأساسي خلالهما, ثم تشكل حكومتها الائتلافية التي تريد, ولا تلتفت إلي أخطائها بقدر ما تترصد أخطاء الآخرين, كي تدرك أن أداء البرلمان لم يكن أقل سوءا من أداء الحكومة, وأنها ارتكبت أخطاء تشريعية جسيمة أدخلت البلاد في أزمة صعبة. وما يضاعف من الأسف أن كل المشكلات المثارة لا تشكل معضلات جسيمة يصعب حلها, ولا تتعلق بمبادئ أساسية ينبغي أن يلتزم الجميع احترامها, لأن اجتماع المجلس العسكري, الذي لا يزال يمثل رأس الحكم مع سائر القوي والأحزاب المدنية في محاولة للتوافق علي معايير أساسية للجنة التأسيسية, أصدر مجرد توصيات لا أوامر, طلب إلي مجلسي الشعب والشوري نظرها في اجتماعهما المشترك المقبل, لم يحدد الاجتماع أسماء بعينها ولم يزك أحدا, ولكنه اجتهد بحثا عن صيغة توافقية وضعها بوضوح بالغ تحت مسمي التوصيات, كان يمكن لو حسنت النيات اعتبارها عونا وإسهاما مشروعا, بدلا من اصطناع أزمة ضخمة وتعليق جلسات البرلمان في صورة إنذار لا مبرر له!, وكذلك الأمر مع حكومة الجنزوري التي لم ترتكب أمرا إدا, وكان يمكن أن تقبل بعض التعديلات التي تتراضي عليها كل الأطراف, بدلا من الإقالة التي تحمل في طياتها إهانة لا مبرر لها, خاصة أن الجميع اعتبر الجنزوري فدائيا عندما قبل تشكيل الحكومة في هذه الظروف العصيبة!.
مطلوب من حزب الحرية والعدالة أن يهدأ بالا, وأن يعيد النظر في مواقفه, وأن يدرك أن العمل السياسي شراكة لا مغالبة, لأن الناس ضاقوا ذرعا بتصرفات صغيرة باعثها العناد والمكابرة تسد الأبواب أمام فرص المصالحة, وتأخذ البلاد إلي المجهول, حيث لا غالب ولا مغلوب ولكن الكل خاسر!. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد