تهديدات بسحب الثقة من الحكومة.. استصدار قرار من المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان.. إشكاليات دستورية وجوانب عديدة تظهر تفاصيل الصراع الدائر بين البرلمان والحكومة. البرلمان من جانبه يرى أداء حكومة الجنزورى ضعيفاً ولم يرق لأداء حكومة إنقاذ للثورة المصرية، فهى لم تجد حلولاً سريعة للمجتمع فى حين يتردد داخل البرلمان صراعات عديدة بين القوى السياسية المختلفة من جانب الحرية والعدالة وحزب النور، من جانب آخر هناك انقسام حول أداء المجلس، ورئيس المجلس يتهم الحكومة بالتقاعس المفتعل لإحراج المجلس وإظهاره بشكل الضعيف أمام الشعب.وقال د. محمد أبو الغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى: شاء القدر أن تكون المنطقة العربية بؤر صراعات على مدى التاريخ كله ومطمعا للغزاة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ولا تزال مصر مستهدفة. فهناك مؤامرات يجرى إعدادها لإحداث اضطرابات والإيقاع بين قوى الشعب المختلفة لإجهاض الثورة ونرى الآن صراعاً كبيرا بين الإخوان والحكومة، وهناك تبادل اتهامات لكل منهما فالإخوان وحزب الحرية والعدالة أكدا على فشل حكومة الجنزورى وقرر سحب الثقة منها وهذا خطأ كبير لأن فى كل دول العالم تأخذ الحكومة فرصة من الأيام والشهور ثم يتم محاسبتها لكن الحرب بدأت بتحفز للحكومة على كل كبيرة وصغيرة. فالإخوان متربصون بالحكومة ليس للصالح العام وإنما يريدان إسقاط الحكومة لتشكيل حكومة إسلامية تجمع بين حزبى الحرية والعدالة والنور فهما يبحثان عن مكاسب أخرى بعد الشعب والشورى، وقد رأينا تغيير كلامهما حول مرشح الرئاسة فبعد وعودهما بعدم ترشح إخوانى للرئاسة طلعوا علينا بأنهم يضغطون على الشاطر للترشح لرئاسة الجمهورية فهناك تربص من الإخوان فمنذ أيام خرج الشاطر ليصر على ضرورة استقالة الحكومة مؤكدا القدرة على تشكيل حكومة جديدة فى 24 ساعة فقط. وعندما لم يستقل الجنزورى صرف الشاطر النظر مؤقتاً ثم جاءت قضية التمويل الأجنبى وسفر المتهمين على متن طائرة اخترقت المجال الجوى بدون إذن من وزارة الطيران وهذا انتهاك لحرمة وكرامة مصر، فكان رد البرلمان عنيفا تجاه الحكومة المتورطة فى الحدث فاستغلها الإخوان أحسن استغلال وطلب سحب الثقة من الحكومة وكانت هناك حملة إعلامية تبارت فيها القيادات الإخوانية فى تشويه الحكومة وفشلها فى تحقيق الأمن وتحسين الحالة المعيشية كما كان مخططاً لها لكن دون جدوى وتكشف لحزب الحرية ومجلس الشعب أن استقالة الحكومة ليست بيد مجلس الشعب ولكن بقرار من المجلس العسكرى وليس هناك مبرر أو سند قانونى لمجلس الشعب فى تعيين وحل الحكومة. ما يفعله حزب الحرية والعدالة بمجلس الشعب ليس بدعة أو جريمة لأن السياسة تتطلب ذلك فهناك شد وجذب بين القوى السياسية لتحقيق أكبر المكاسب خاصة ونحن فى مرحلة انتقالية، ففرصة لأى فصيل منظم إثبات ذاته وتحقيق مكاسب فى المراحل القادمة. ولكن على الحزب والجماعة أن يدركا أن هذا الأسلوب من استعراض القوة أمام الحكومة والقوى السياسية الأخرى، أفقدهم الكثير من الثقة والمصداقية لدى الشارع وأظن أن شعبية الإخوان تراجعت بشكل كبير بعد انتخابات الشعب والشورى. فالشعب كان يظن أن الإخوان هم طوق النجاة الذى سوف يحول حياتهم إلى مستوى أفضل خاصة وهم الأغلبية فى المجلس لكن الإخوان تركوا القضايا الأساسية من أمن المواطن وتحسين الحياة المعيشية وتعددت كوارث البوتاجاز ثم البنزين والسولار والسطو على البنوك ولم يتحرك الإخوان فى المجلس وكل همهم السعى وراء الدستور، ومن يشكل اللجنة الدستورية وكم النسبة فهم يسعون إلى مكاسب للجماعة وليس مكاسب لشعب مصر كله بعد الثورة. قد تشيع انطباعات عند الإخوان بأنهم يقولون مالا يفعلون ولا يستطيعون وأنهم طامعون فى السلطة بأى طريقة لأن أسلوبهم يجعل البلاد على حافة الأزمات التى لا تنتهى ولا يخدم هدف الإخوان فى الإسراع بحل مشاكل البلاد عند توليهم السلطة لأنهم قد لا يجدون بلداً فى الأصل جراء هذه الخلافات الكبيرة بين التيارات السياسية التى تبحث لها عن دور بعد الثورة فكل التيارات تنظر للإخوان بعين الحقد لأنهم الفصيل الوحيد الذى جنى ثمار الثورة لوحده. ومن ثم فإننا نناشد القوى الوطنية فى مختلف التيارات السياسية والفكرية أن تنادى لعقد مؤتمر يليق بمصر للاتفاق على ميثاق وطنى يلتزم به الجميع لعبور الفترة الانتقالية بسلام والتغاضى عن المطامع الحزبية والأهواء الشخصية والتوصل إلى صيغة توافقية تحدد ملامح وقسمات مصر الجديدة. لكى تسرع وتسترد عافيتها ودورها وتواجه الذين يتربصون بها بقسوة. وإذ نقول ذلك فلأننا ندرك حتى من قبل ما أعلنت الحكومة حجم الدولارات التى جاءت عبر الحدود تحت مختلف المسميات لكى تغذى أنشطة فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب وندرك أن المؤامرات تدبر ضد الوطن بحكم موقعه فى المنطقة. لأن نهضته تعنى نهضة الوطن العربى كله. ولهذا السبب فإن الدول الأوروبية وأمريكا تراجعت عن إعطاء مصر مساعدات كما كان مقرراً بعد الثورة وأعطت الضوء للدول العربية بعدم إعطاء مصر أى مبالغ مادية وتأخذ كافة الضمانات التى تحقق الاستقرار لإسرائيل. فعلى الإخوان التعقل وعدم التسرع وترك حكومة الجنزورى فى المدة الباقية حتى لو كانت قد اخفقت فى الأمور التى جاءت من أجلها فهناك انتخابات رئاسية ثم بعدها تشكل حكومة جديدة لقيادة هذه المرحلة الانتقالية. شىء من الالتزام وعدم تبادل الاتهامات لكى نعبر بمصر لبر الأمان. وقد أكد الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة أن هناك مخططاً لإسقاط الإخوان وحزب الحرية والعدالة من جانب الإعلام والصحافة المستقلة التى ينفق عليها أشخاص لهم أهداف سياسية كذلك القنوات التى تشن هجوما حادا على الإخوان دون مبرر يستدعى ذلك فنحن نريد الصالح العام. ليس السعى لمصالح شخصية كما قيل فعندما جاءت الحكومة الجديدة بقيادة الجنزورى كانت كل القوى السياسية رافضة لها ونحن أيدناها مع المجلس العسكرى حتى يتحقق الاستقرار. وكان أول أهداف الحكومة تحقيق الأمن والنمو الاقتصادى وتحسين مستوى المعيشة بالنسبة للمواطن وتوفير الأكل والشرب ولوازم الحياة له بشكل كريم. مرت الأيام والشهور ولم يتغير الحال بل حدثت مذبحة بورسعيد وهى مدبرة وإلى الآن لم نعرف من وراءها ولم يقدم أحد إلى العدالة وتم تشكيل لجنة فى مجلس الشعب على رأسها المستشار: محمود الخضيرى لتقصى الحقائق لكن دون فائدة فلم يأخذ أحد بكلام اللجنة. هناك أزمات مفتعلة ومدبرة تحدث لإحراج المجلس وأغلبتيه الإسلامية سواء حزب الحرية والعدالة والنور. فهناك أزمة البنزين ثم البوتاجاز والسولار فقد رصدنا العديد من التجاوزات المفتعلة منها رفض العديد من أصحاب البنزينات استلام الحصص من السولار والبنزين. وهناك سيارات شركات البترول تذهب لتفرغ الشاحنة فى الصحراء حتى لا يستفيد منها الأهالى وتحدث أزمة ليضغط الشعب على المجلس وتحدث أزمة ثقة بين الشعب والمجلس لعجز المجلس عن حل هذه المشاكل والأزمات. كما أن الجنزورى لم يحقق ما نريد من استقرار أمنى واقتصادى بل توالت الأزمات ووصلت إلى ذروتها. لقد تم إقالة مسئولين بكل وزارة يشهد لهم الجميع بالكفاءة وحسن الخلق وتعيين مستشارين للوزراء أتباع النظام السابق فما سر؟ ذلك لقد بدأنا نشعر بأن هناك شيئا مريبا تفعله الحكومة لصالح النظام السابق كما يريدون افتعال أزمات مع مجلس الشعب لإحراج المجلس وإسقاط هيبته بالشارع واحساس الشعب بأن اختيارهم كان خطأ لأن مجلسهم فشل بالثلث. وأنا أقول إن مجلس الشعب نجح فى دوره التشريعى والخدمى حتى الآن فهناك مشروعان تم إقرارهما ويناقش عدداً كبيراً من القوانين لتشريعها تخص الأسرة والطفل والرجل والمجتمع. «ليس حلاً» يؤكد الدكتور عثمان محمد عثمان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة 6أكتوبر أن مصر فى مرحلة حاسمة وبدلاً من أن يتم التنسيق بين القوى السياسية الموجودة على الساحة نجد صراعاً بين الأحزاب والتيارات يمكن أن يؤدى إلى ضياع حلم الثورة وأهدافها مشيراً إلى أن الصراع الدائر حالياً بين البرلمان والحكومة جعل اهتمامات القوى السياسية بكافة ألوانها وتياراتها المختلفة تتجاهل القضايا الأساسية التى قامت من أجلها ثورة 25يناير وهى العدالة الاجتماعية، والحرية والديمقراطية لها مفاهيم عدة حيث يراها كل طرف من وجهة نظره والمواطن البسيط أصبح فى المرتبة الثانية بعد أن اشتد الصراع الآن على السلطة فيما بين الأحزاب والقوى السياسية. ويضيف عثمان أن العدالة الاجتماعية أحد أهم أهداف الثورة لم تجد اهتمام السلطة التشريعية وأعضاء البرلمان ممن وضع الشعب عليهم آمالاً كبيرة فى الخروج من أزماته وكان المواطن يعتقد أن التيارات الدينية التى انتخبها لتمثله فى البرلمان سيكون الاهتمام الأول المواطن البسيط مشيراً إلى أن البرلمان انشغل فى صراعات وقضايا تتعلق بسحب الثقة من الحكومة ولم يقدم أو يقترح حلولاً لمشاكل الأمن والاقتصاد على وجه التحديد على الرغم من أن التيارات الدينية وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين أكدت قبل ذلك على أن كمال الجنزورى رئيس الوزراء هو الأصلح لهذا المنصب الآن. ويوضح رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أكتوبر أن قضية سحب الثقة من الحكومة قضية معقدة خاصة بعد الإعلان الدستورى العام الماضى والذى أعطى صلاحيات للمجلس العسكرى هى نفسها صلاحيات البرلمان فيما يخص سحب الثقة من الحكومة مشيراً إلى أن أى منصف أو عاقل لن يقوم بمثل هذا الفعل فى هذا التوقيت خاصة أن حكومة الجنزورى أمامها صعوبات وتحديات كبيرة وتقدم أكثر مما لديها. فهناك ملفات وأزمات معقدة وكانت ناتجة من تراكمات لأكثر من ثلاثين عاماً مثل الأزمات الاقتصادية والتى تتعلق بارتفاع الأسعار والبطالة مع الوضع فى الاعتبار أن حل تلك الأزمات يتطلب خططا استراتيجية طويلة الأجل مع وضع حلول مؤقتة يمكن تنفيذها فى نطاق ضيق ولكن بصورة سريعة مؤكداً أن الأحداث السياسية والصراعات لا تمكن حكومة الجنزورى من العمل بصورة جيدة ومتناغمة مع البرلمان. وشدد عثمان محمد عثمان على ضرورة قيام البرلمان بمساندة الحكومة فهى لن تظل فى كل الأحوال سوى شهور معدودة حتى يتم استكمال بناء بقية سلطات الدولة فالسلطة التشريعية قد استقرت ومهما كان خلافنا حول البرلمان إلا أنه يعد ثمرة الثورة الوحيدة إلى الآن ويجب عليه أن يتحمل مسئولياته فى استكمال سلطات الدولة بصورة هادئة ودون صراع يعيد البلاد للوراء. إشكالية دستورية ويؤكد أشرف ثابت وكيل مجلس الشعب أن أداء حكومة الجنزورى لم يرق إلى المستوى الذى كنا نتمناه من حكومة جاءت بعد ثورة 25 يناير فلم يكن برنامجها يرقى إلى أن يكون برنامجاً لحكومة الإنقاذ والتى يجب أن يكون لديها آليات وأفكار يمكن أن تجد بها حلولاً سريعة لمواجهة التحديات والأزمات التى تعانى منها مصر وخاصة فى هذه الفترة وعلى وجه التحديد الملف الأمنى والاقتصادى مشيراً إلى أن البرنامج الذى أعلنه الدكتور كمال الجنزورى وهو ما يتعلق بالخروج من الوادى الضيق واستصلاح الأراضى الصحراوية لم يكن سوى كلام مرسل ولم يعط لنا حلولاً أو يشرح لنا من من أين سيأتى تمويل تلك المشروعات. ويضيف أشرف ثابت أن قيام البرلمان بسحب الثقة من الحكومة يعد إشكالية كبيرة خاصة أن دستور 71 أعطى الحق للبرلمان فى سحب الثقة من الحكومة ولكن بعد الإعلان الدستورى فى فبراير من العام الماضى والذى لم يتضمن هذه الجزئية المشار إليها فى دستور 71 بل إنه أعطى المجلس الأعلى للقوات المسلحة صلاحيات إدارة شئون البلاد لذلك فإن الأمر مختلف وصلاحيات سحب الثقة ليست الآن فى يد البرلمان على الرغم من أن المادة 33 من الإعلان الدستورى حددث دور مجلس الشعب والذى يمثل سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية إلا أن المادة 56 من الإعلان الدستورى أكدت على مسئولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه، وكذلك الوزراء ونوابهم وأيضاً أعطى للمجلس العسكرى سلطة إعفائهم من مناصبهم. ويضيف عبد الله المغازى الخبير الدستورى وعضو مجلس الشعب أن هناك خلافاً داخل مجلس الشعب نفسه بين التيارات الإسلامية والتى تمثل الغالبية داخلى البرلمان فحزب النور السلفى يرفض سحب الثقة من حكومة الجنزورى لأن الوقت غير مناسب فى حين أن حزب الحرية والعدالة ممثل الإخوان يرى سحب الثقة من الحكومة أمرا ضروريا. ويشير المغازى أن عدم وجود توافق بين البرلمان والحكومة أمر فى غاية السوء والتهديدات المستمرة من جانب البرلمان بسحب الثقة من الحكومة كارثة خاصة أنه سيجعل الحكومة تعمل وهى مهددة بالرحيل موضحا أن هناك أيضاً ما يتردد عن استصدار قرار من المحكمة الدستورية العليا لحل البرلمان وهو الأمر الذى سيعيد البلاد إلى الوراء. فالبرلمان هو الثمرة الوحيدة التى حصلنا عليها بعد الثورة والتضحية به غير مقبولة. ويؤكد المغازى أن التهديدات والخلاف الدائر لن يكون حلاً ولن يفرزا أى نجاحات للبرلمان أو للحكومة ويجب العمل فى فريق واحد الهدف هو مصلحة مصر فقط. يملك سلطات ولكن يؤكد كمال الهلباوى المتحدث الرسمى لإخوان أوروبا سابقاً أن الصراع الدائر الآن بين البرلمان والحكومة ليس فى صالح أحد فاقتصاد الدولة ينهار والاستثمارات تهرب فى حدوث هذا الصراع ويجب على العقلاء أن يدعو الجميع للعمل والاجتهاد وتقديم الحلول لمشاكل المجتمع والأزمات التى تمر بها البلاد فهى ليست فى حاجة إلى أزمة جديدة يخلقها الطرفان ومن الضرورى النظر إلى الصالح العام دون الاهتمام بالشأن الحزبى والصراع بين القوتين يهدد أهداف الثورة التى ينتظرها المواطن المصرى دون جدوى إلى الآن. ويضيف الهلباوى أن المنطق يقول لابد من الانتظار حتى تنتهى الفترة الانتقالية على الرغم من أداء الحكومة الضعيف وغير المقنع إلا أن تجنب الصراع والخلاف والعمل حتى ولو بنصف طاقة الحكومة أفضل من الدخول فى دوامة التغييرات والتى من الممكن أن تلقى رفضاً واعتراضا فالهدف الأول يجب أن يكون السعى لتحقيق الاستقرار حتى يتمكن الاقتصاد المصرى من التعافى. ويشير كمال الهلباوى إلى أن البرلمان نظرياً يمكن أن يقوم بسحب الثقة من الحكومة مثلما هو الحال فى كل دول العالم ولكن فى الشأن المصرى الأمر مختلف فالإعلان الدستورى سحب هذه السلطة من البرلمان وأعطاها للمجلس العسكرى لذلك يجب تجنب الدخول فى أزمات لن تكون مجدية فالصراع بين القوى السياسية فى هذه المرحلة أمر مزعج جداً.