جاءت مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة الالتزام بالاشتراطات البيئية عند بناء المصانع وتشغيلها ، وتحذيره للمخالفين بمحاسبتهم ، لتكشف عن اهتمام القيادة السياسية بصحة المواطنين وتحسين البيئة والالتزام بالمعايير والاشتراطات مثلما تفعل ذلك شركة النصر للكيماويات الوسيطة التي افتتح الرئيس السيسي أحد مصانعها لإنتاج الفوسفات في الفيوم وفي تعبير عن مدى احساس الرئيس بالمواطنين وخطورة تلويث البيئة وصف الحفاظ على الاشتراطات البيئية بأنه يعني حماية صحة المواطنين والحفاظ علي حياتهم ، مطالبا المسئولين وأصحاب المصانع بالالتزام بالشروط البيئية، ومحذرا من يخالف هذه الاشتراطات بالمحاسبة لأن حياة المواطن المصري هي قيمة عظيمة تستدعي المسئولية والمحاسبة في آن واحد. وحرصا من «تحقيقات الأهرام» على رصد المشكلة على أرض الواقع وبحث سبل مواجهتها اخترنا عدة مناطق للتعرف عن قرب عن معدلات التلوث ومخلفات المصانع. ترويض التلوث رجال الصناعة : 65 ألف مصنع عشوائي وراء الأضرارا البالغة على البيئية انتشار الامراض القاتلة والمزمنة وتدمير المحاصيل ونفوق الثروة الحيوانية والداجنة بالمناطق السكنية المجاورة للمصانع خاصة في القليوبية وحلوان والتبين ، تؤكد ان قضية التلوث الصناعي باتت مسألة حياة او موت الأمر الذي جعل الرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد بشكل جاد ضرورة تطبيق المعايير الدولية للحفاظ علي البيئة , اما رجال الصناعة فقد اتهموا الورش والمصانع العشوائية التي قدروا عددها بحوالي 65 ألف منشأة خارج منظومة الرقابة بالكامل بالتسبب في مشكلة التلوث. وفى رسالة ماجستير للباحث ابراهيم سعد بجامعة عين شمس حول تأثير الضوضاء والحرارة على العاملين بأحد مصانع الحلويات الكبرى توصل الباحث إلى اصابة العاملين بالمصنع بمشكلات صحية واجتماعية منها امراض القلب والضغط والتأثير السلبي علي علاقات العامل بأسرته وجيرانه بالاضافة الي مشاكل عصبية وسلوك عدواني بين العمال والشعور بالضيق والاختناق اثناء العمل والصدمة الحرارية والاجهاد الحراري . وأكد الدكتور خالد فهمى وزير البيئة أنه يجب أن يكون تقديرنا للحفاظ علي البيئة لا يتعارض مع الاهتمام بمكافحة الفقر وأننا بوضوح لا نستطيع أن نحمي البيئة ونحن فقراء . حصر الوزير أسباب التلوث الصناعي في خمس نقاط تتمثل في التمركز الجغرافي الشديد للمصانع خاصة في القاهرة الكبري والاسكندرية وتقادم التكنولوجيا المستخدمة وعدم التزام الصناعة بالقوانين بالاشتراطات البيئية و الزحف العمراني العشوائي حول المصانع والبيروقراطية وبطء الاجراءات وعدم وضوح الاشتراطات البيئية ... موضحا ان نمو المناطق السكنية العشوائية بالقرب من المصانع بشكل لا يتناسب علي الاطلاق مع البنية الاساسية من مرافق وخدمات وطرق فتبدأ تظهر سلسلة الكوارث البيئة بهذه المناطق , كما ان الحديث عن نقل المصانع من هذه المناطق يصعب تحقيقة لتكلفته المرتفعة جدا علي الاقتصاد القومي ويري الوزير أنه من الاسهل والاسرع والاوفر توفير وحدات سكنية لائقة وصحية بديلة لسكان المناطق السكنية العشوائية المجاورة للمناطق الصناعية في القاهرة الكبري الي المدن الجديدة . وأكد وزير البيئة ان الصناعة والمستثمرين في القطاع الصناعي يعتبرون دراسات الاثر البيئي للمشروعات الصناعية نوعا من استكمال الاوراق ، مجرد اوراق تكميلية ويتم انشاء المصنع قبل الحصول علي الموافقات البيئية ، وبعد إنشاء المصنع يتحول الوضع الي قضية تتداول في المحاكم وبعد سنوات يتم الحكم فيها بغرامة اقل من نصف مليون جنيه ، وقد تنتهي القضية بالبراءة. واعترف فهمي ببطء الاجراءات والبيروقراطية من جانب الاجهزة التابعة لوزارة البيئة المتعاملة مع المستثمرين الصناعيين. وصرح الوزير بأن جهاز شئون البيئة فوضه لإعداد نظام جديد يتميز بالمرونة والفاعلية والكفاءة والانجاز سيتم الانتهاء منه خلال اسبوع يقوم علي تطبيق مباديء منها عدم ربط الحصول علي موافقة البيئة بالحصول علي موافقة جهات اخري والعمل علي الانتهاء من الحصول علي الموافقة البيئية في اقل من 30 يوما. وطالب فهمي بضرورة وضع حزمة من الاجراءات والحوافز للمستثمرين ليقبلوا علي الامر ، وهي حوافز اقل من تكاليف الرعاية الصحية التي تتكبدها الدولة. تغيير جذري تقول المهندسة ميسون نبيل مديرة مشروعات التحكم في التلوث الصناعي بوزارة البيئة ان ما تقوم به الوزارة ادي لتغيير كبير في حجم التلوث, موضحة ان هناك مصادر تلوث أخرى مازالت موجودة متمثلة في وسائل المواصلات وسيارات النقل ومصانع بير السلم. ان الوزارة تعمل على تنفيذ مشروعات بيئية لمنع التلوث الناتج عنها وتحسين ظروف العمل في محافظاتالقاهرة الكبري والاسكندرية خاصة الاكثر تلوثا مثل حلوان وشبرا وابو زعبل لتوفيق اوضاع المصانع مع القوانين البيئية وتشجيعها لتوافق منتجاتها مع متطلبات التصدير والمنافسة العالمية ودعم مشروعات الانتاج. حوافز تشجيعية من جانبه يري احمد كمال المدير التنفيذي لمكتب الالتزام البيئي والتنمية المستدامة باتحاد الصناعات المصرية ان الاتحاد يساعد اعضاءه علي الالتزام البيئي بقوانين البيئة والتنمية المستدامة بشكل تحفيزي وبرؤية اقتصادية بحتة اذ يعرف التلوث الصناعي بأنه هادر لمواد خام لم يتم استغلالها بطريقة جيدة او سليمة واختلطت بمياه الصرف او في الهواء وادت لحدوث مشاكل بيئية وهي بذلك هادرة للاموال وللموارد والاتحاد يساعد اعضاءه للتوافق البيئي ليقلل هذا الهادر, موضحا ان المصانع التي طبقت المعايير البيئية وصلت نسبة الوفرة لديها في الطاقة الي 30% وفي المواد الخام الي 25 % معظمها يتم استيراده بالعملات الصعبة من الخارج . مصانع بير السلم ويري محمد البهي عضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات المصرية وجود مبالغة شديدة في الحديث عن التلوث الناتج عن الصناعة بالمقارنة بالدول الصناعية مثل الولاياتالمتحدةالامريكية واليابان والصين التي لديها مصانع ضخمة ومتلاصقة كما ان وزارة البيئة تقوم بواجبها علي اكمل وجه وتعمل علي تطبيق المعايير البيئية الدولية للمصانع للحد من انبعاثات الغازات الضارة وذلك بمراجعة الفلاتر التي تعمل علي خفض الانبعاثات بالنسب العالمية بالنسبة للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة, وأن عددا كبيرا من المصانع اتجه لاستخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة . واتهم البهي المصانع العشوائية ومصانع بير السلم بالتسبب في إحداث النسبة الاكبرمن التلوث الصناعي لانها خارج منظومة الرقابة بالكامل وتسبب أضرارا ضخمة علي البيئة وعلي العاملين فيها خاصة في صناعات المسابك وصهر المعادن والخامات الاولية كما انها تتمركز داخل الحيز العمراني وبأحجام كبيرة وانه اذا كان لدينا حوالي 45 ألف منشأة صناعية تعمل بشكل شرعي ورسمي اعضاء باتحاد الصناعات المصرية فإن عدد الورش والمصانع العشوائية يقارب علي 65 ألف مصنع ومنشأة في تجمعات متفاوتة الحجم.