تأخر الاحتفال بمئويته7 سنوات كاملة... ومع ذلك فإن متحف الفن الإسلامي استعاد بهاءه بعد مشروع الترميم الكامل الذي شهده. ومتحف الفن الإسلامي كما يقول د.زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلي للآثار ولد كفكرة لدي الخديو اسماعيل باقتراح من المهندس سالزمان والذي لم ينفذ إلي أن بدأ الخديو توفيق في جمع قطع الآثار الاسلامية الموجودة في كل مكان حتي اكتملت الفكرة في عهد الخديو عباس حلمي الثاني الذي اشتهر برعايته الفنون والآداب. وابتداء من1880 بدأ مشوار الألف ميل علي طريق انشاء المتحف حيث بدأ حفظ التحف في الايوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله لتكون الأولي لمتحف دار الآثار العربية وهذا هو اسمه الأول.. وفي عام1903 انتقلت هذه القطع إلي منطقة باب الخلق ليصل عددها الي مايقرب من102 ألف قطعة بعد أن بدأت ب7028 قطعة. وفي عام1952 تغير اسم المتحف إلي متحف الفن الإسلامي. ويضيف د.حواس أن تغيير اسم المتحف كان منطقيا لأن المتحف ضم قطعا وتحفا أثرية من تركيا وايران وشبه القارة الهندية والاندلس, إلي جانب التحف المصرية, وبرغم عظمة هذه التحف التي تجعل المتحف يتحمل وجود قسم للخزف والنسيج والسجاد والاخشاب والمخطوطات والسلاح والحلي والاحجار والرخام والسبح والموازين والمكاييل وقاعات للفن الاموي والعباسي والفاطمي والايوبي والمملوكي والعثماني وأجنحة تضم قطعا من العزف المنفرد من سوريا وايران وتركيا واسبانيا والعراق, الا ان عظمة الآثار التي وجدت في الحفائر لتشي بمدي العظمة التي كانت عليها مصر منذ العصور الاولي. وعندما تدخل المتحف الاسلامي فإن الانطباع الأول الذي سيصادفك هو هذا التناغم الشديد بين المعروضات. فلا يوجد تنافر داخل الكيان الفني المسلم وكأن أيد واحدة قد أبدعت كل هذه التحف وان اختلفت التفاصيل. فعلي أحد القطع الفنية الفارسية كتب لاشرف فوق الاسلام. أما تفاصيل الفن الفارسي والتي تتضح في استخدام الخطوط الدقيقة والوجوه البشرية وغلبة اللون الأزرق واستخدام الطيور كعلامات خير ورخاء, اهمها الطاووس الفارسي الذي سكن الكثير من الأدبيات الفارسية الايرانية وكان يوما رمزا للسلطان, وطائر الهدهد الذي يذكرنا بشخص هدهد أصفهان أو سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه والذي كان من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي قال فيه سلمان منا آل البيت. الا ان أفخم ما يشير الي الفن الفارسي هو قطع السجاد النادرة التي ولدت في تبريز وشيراز واصفهان والتي تعد لغزا الي الآن لاحتفاظها بمتانة نسيجها وألوانها كل هذه السنوات التي قد تصل الي أربعمائة عام أو ما يزيد. أما الخزف فينتمي الي قاشان وشيراز, وهناك استلهام من الادب والقصص والمنظومات الشعرية التي تصور قصصا أبطالها بهرام جور وحبيبته وزوجته أزادا وهما من الشخصيات التي ابتدعها الشاعر الكبير نظامي الي جانب ديوان حافظ الشيرازي وقصص الشاهنامة. أما الفن التركي الذي بدأ فنا صاحب خطوط إسلامية مستقاة من بيوت اسطنبول والاناضول, فأهم ما أنتجه هو المشكاوات التي يبدو فيها بعض التأثر بالفن المصري وسجاد مدينة عشاق, ازمير وبلاطات الخزف التركي المميزة الذي يتوزع فيها لون البحر الازرق مع روعة الورد وأباريق الفضة المزخرفة بزهور القرنفل والعنب. أما الأسلحة فهناك تنوع كبير للأسلحة التركية والتي تتداخل معها الأسلحة التي استخدمت في عصر نهوض الدولة المصرية في عصر محمد علي باشا الكبير. ويفخر المتحف الإسلامي كما يقول د. زاهي حواس باحتفاظه بعدد من السيوف المهمة, ومنها سليمان القانوني التركي والذي يحمل شعرا بالخط العربي. أما إسبانيا الجميلة وأيام وليالي غرناطة وطليطلة فيمكن أن تتخيلها في قطع القيشاني والتحف الشديدة الزخرفة والتي تحكي لنا عن العمارة الاندلسية المتفردة والخط الكوفي الأندلسي الذي لاتزال بعض تفاصيلها موجودة في أسبانيا وان كانت قد نجحت دول المغرب في الحفاظ علي هذا الفن الجميل والحفاظ عليه من الضياع. وتبدو الهند وباكستان بفنهما حالة استثنائية خاصة ان الاهتمام بالأضرحة والتطعيم بالاحجار الكريمة هو أهم معالم فنونهما التي تبدو إضافة للفن الإسلامي بشكل عام, وان كانت أكبر اضافة تتمثل في الفن المغولي الهندي الذي تتنوع مخطوطاته التي تؤرخ للحكمة الهندية بألوان براقة تعبر عن طبيعة هذه البلاد. ويظل متحف الفن الاسلامي مظهرا من مظاهر وحدة الحضارة الإسلامية مهما تعددت تفاصيلها وألوانها من بلد إلي آخر. كما يعبر المتحف بصدق عن طبيعة مصر التي تتلاقي عندها جميع الحضارات وتفتح قلبها وذراعيها لمختلف الفنون الراقية أيا كان مكان مولدها.