انتهي قطاعا المشروعات والمتاحف بالمجلس الأعلي للآثار من مشروع ترميم متحف الفن الاسلامي بباب الخلق في قلب القاهرة التاريخية وتطويره وفقا لأحدث التقنيات العالمية في أسلوب العرض المتحفي للحفاظ علي تراث الفن الإسلامي العريق وتأمينه ضد الحريق والسرقة وتحويله إلي مؤسسة تعليمية وتنويرية عن الفن الاسلامي للعالم كله. حيث يستعد المتحف حاليا للافتتاح خلال أيام تحت رعاية السيد محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية وبحضور عدد كبير من علماء الآثار والمتخصصين في الفن الإسلامي علي مستوي العالم. يؤكد فاروق حسني وزير الثقافة ان متحف الفن الإسلامي يعد واحدا من أعظم متاحف العالم لما يحويه من مجموعة تحف إسلامية نادرة من الخشب والجص والمعادن والخزف والزجاج والبلور والمنسوجات من شتي البلاد الإسلامية في جميع العصور بالإضافة إلي انه ثاني متحف يبني في مصر بعد المتحف المصري بأمر من الخديوي عباس حلمي الثاني وافتتح عام 1903 ليكون ثاني مبني شيد بالخرسانة بعد المتحف المصري بالتحرير وساعد مشروع تطوير وترميم المتحف بتزويده بأحدث وسائل الإضاءة والتأمين والإنذار إضافة إلي تغيير سيناريو العرض المتحفي القديم وتزويده بفتارين عرض حديثة علي أعلي مستوي من سيناريوهات العرض المتحفية لتتناسب والكنوز الأثرية والفنية التي تحويها والتي تشمل مقتنيات من بلدان العالم الاسلامي علي امتدادها من سمرقند شرقا حتي الأندلس غربا . ترميم المتحف وعن مشروع ترميم المتحف يوضح اللواء علي هلال رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلي للآثار بأن القطاع قد انتهي تماما من مشروع ترميم مبني المتحف، والذي استمر لمدة أربع سنوات حيث تم تدعيم أساسات المبني وترميمه ترميما شاملا فقد كان يعاني بعض الشروخ بالحوائط، وقد واجهنا مشكلات متعددة أثناء أعمال الترميم ترجع لأسلوب البناء، فالمبني قديم ذات حوائط حاملة تحمل ضغطا كبيرا حيث يتكون من ثلاثة أجزاء الطابق العلوي يضم دار الكتب، والطابق الارضي يضم المتحف، والبدروم والذي توجد به كل الأجهزة والمعدات التي تقوم بتشغيل دار الكتب والمتحف معا، بالانتهاء من ترميم المبني بدأ تنفيذ مشروع تطوير للمتحف وفقا لأحدث التقنيات العالمية وبالاستعانة بخبراء عالميين متخصصين في العرض المتحفي من قبل اليونسكو ومؤسسة الأغاخان ومختلف الدول الأوروبية حيث تم إعادة توزيع قاعات العرض طبقا لأسلوب عرض حديث، إضافة قاعة لكبار الزوار وقاعة لعرض فيلم تسجيلي عن تاريخ المتحف ، تأمين المتحف بكاميرات مراقبة بالإضافة لوجود حجرة مراقبة مزودة بشاشات تليفزيونية للمتابعة علي مدار اليوم للمتحف بالكامل من الداخل والخارج ووضع أجهزة للإنذار المبكر للحريق وتوفير وسائل الإطفاء والآمان اليدوية والآلية، هذا بالإضافة إلي تركيب فلاتر وراء كل نافذة بالمتحف لتقنين ضوء الشمس وامتصاص الأشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تضر الأثر، كما تم إعادة عرض وتنسيق للحديقة المتحفية وإضافة بعض التحف لإثراء العرض بها، وحرصا علي مبني المتحف الاثري تم فصل المبني الاداري عنه حيت قام القطاع ببناء مبني إداري مستقل عن المتحف للعاملين مكون من بدروم خصص للمخازن ومعمل التصوير ودور أرضي به كافيتيريا وشرطة السياحة ودورات المياه والدور الثاني للموظفين ورؤساء أقسام المتحف والدور الثالث معمل للترميم، كما تم عمل نظام تكييف مركزي لمبني المتحف والمباني الإدارية، وقد وصلت التكلفة الإجمالية لمشروع ترميم وتطوير المتحف حوالي 50 مليون جنيه . سيناريوالعرض وعن العرض المتحفي الجديد يقول محمد عبد الفتاح رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلي للآثار بأن مصر حظيت بنصيب وافر وعظيم من التراث الحضاري الإنساني، فإلي جانب ما تفردت به من آثار فرعونية بهرت العالم كله فقد حظيت بقدر كبير من الآثار اليونانية الرومانية والبيزنطية والقبطية ثم الإسلامية، ولعل من حسن الطالع فيما يخص الآثار الإسلامية التي احتفظت بها مصر، أنها ليست من صنع الفنان والصانع المصري فقط، بل شملت قطعا أثرية وتحفا تخص أقطارا وبلدان تمثل معظم العالم الإسلامي. فالمتحف الإسلامي يعتبر من أعظم متاحف العالم، لكثرة ما يحتويه من التحف الإسلامية النادرة التي يتتبع بها الإنسان تطور الحضارة الإسلامية في مختلف العصور فهو يضم أعظم مجموعات السجاجيد الشرقية في العالم كله بعد أن اقتني المتحف مجموعة المرحوم علي إبراهيم باشا، كما يضم أعظم مجموعة من المشكاوات المصنوعة من الزجاج المموه بالمينا، والتي توضح زخارفها ورسومها التأثر بأساليب الفن الصيني، بالإضافة الي التحف الخشبية التي تشهد بجمال الزخرفة وتنوعها في الطرازين الفاطمي والمملوكي، كما أن المتحف غني بالتحف المعدنية والخزفية المصرية والإيرانية والتركية. وتعتبر شبابيك القلل المصنوعة من الفخار غير المطلي من أبدع مجموعات متحف الفن الإسلامي، فهي تشهد بالمستوي الفني الرفيع الذي بلغته الحضارة الإسلامية في مصر. ويوضح عبد الفتاح بأنه طبقاً للسيناريوالجديد لعرض القطع الأثرية بالمتحف، فقد أعيد توزيع القاعات وزيادة مساحات العرض المتحفي، وأصبحت قاعات المتحف 25 قاعة وتم تقسيمها لجانبين للداخل من الباب الرئيسي: الجانب الأيمن يشمل قاعة المدخل وبها مجموعة كبيرة من المشكاوات الزجاجية من العصر المملوكي وكذلك أول قطعة سجلت بالمتحف من الرخام عليها البسملة، ثم قاعة الطراز الاموي والعباسي والطولوني وقد أعدت هذه القاعة لتمثيل بعض الطرز الإسلامية، كالطراز الأموي الذي يعتبر أول الطرز الفنية في الفن الإسلامي، والطراز العباسي الذي يعتبر اول مرحلة واضحة في تاريخ الفن الإسلامي، والطراز الطولوني الذي تميزت زخارفه بالتحوير والبعد عن الطبيعة، من خلال مجموعة الحشوات الخشبية، والزخارف المنفذة علي جص سامراء والقطع المعدنية النادرة، ثم قاعة الطراز الفاطمي وتعتبر هذه القاعات من أهم قاعات المتحف لما تضمه من تحف ترجع لعصر الدولة الفاطمية التي جاء مؤسسها إلي مصر في منتصف القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي وأنشأوا مدينة القاهرة لتكون عاصمة خلافتهم وأقاموا الجامع الأزهر. وتمتلئ هذه القاعات بالكثير من القطع الفنية كالخزف والعاج والأخشاب المزخرفة بالرسوم الآدمية والحيوانية وصور من الحياة اليومية لمناظر الطرب والرقص والموسيقي التي تشهد بالدقة والتميز، أما الجانب الأيسر يضم قاعات عرض خصصت للفنون الإسلامية خارج مصر في تركيا وإيران وبلاد فارس وكذلك عدد من القاعات النوعية منها قاعة للعلوم وقاعة للهندسة تثبت مدي تقدم العلوم والطب في العصور الإسلامية وأخري للمياه والحدائق والكتابات والخطوط وقاعة لتركيبات الشواهد والقبور والتوابيت وفقا للعصور المختلفة الأهمية التاريخية وعن الأهمية التاريخية للمتحف ونشأته وتطوره يحدثنا محمد عباس مدير عام متحف الفن الإسلامي فيقول: المتحف الاسلامي علي مر تاريخه قبلة لكبار الزوار من ملوك وعظماء العالم منهم ملك إيطاليا فيكتور إيمانويل مع الملك فؤاد سنة 1935 والرئيس الروسي خروشوف في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث يعتبر متحف الفن الإسلامي أكبر المتاحف الإسلامية إن لم يكن أكبرها علي الإطلاق من حيث عدد التحف التي تصل إلي أكثر من مائة ألف تحفة تميزت بالشمولية لفروع الفن الاسلامي علي امتداد العصور منذ الفتح الاسلامي لمصر عام 20 ه، 641 م حتي نهاية العصر العثماني، بالاضافة إلي تنوع مقتنياته لتشمل مقتنيات من بلدان العالم الاسلامي بداية من سمرقند شرقا حتي بلاد المغرب العربي والأندلس غربا . ويضيف عباس بأنه يرجع التفكير في إنشاء متحف للآثار الإسلامية إلي المهندس"سالزمان" الذي اقترح علي الخديوي إسماعيل عام 1869م تخصيص بناء للتحف المجموعة من المساجد والبيوت الأثرية، وفي عام 1880م أمر الخديوي توفيق "فرانتز باشا" مدير القسم الفني في إدارة الأوقاف بجمعها في الإيوان الشرقي من جامع الحاكم، وعندما صدر مرسوم سنة1881م بتشكيل لجنة حفظ الآثار العربية، تضاعفت الجهود في جمع التحف الإسلامية، حتي ضاق بها الإيوان الشرقي، فبني لها مكان خاص في صحن جامع الحاكم أطلق عليه المتحف العربي، فقامت لجنة حفظ الآثار العربية باختيار كبير مهندسيها " هرتس بك "للإشراف علي المتحف لذلك قام بعمل دليل لمحتوياتها عام 1895 م، ثم تقرر تشييد بعد ذلك نتيجة كثرة المعروضات وضيق مساحة العرض دار للآثار بباب الخلق، حيث أصدر الخديوي عباس حلمي أوامره عام 1898م بإنشاء دار للآثار العربية تضم جميع التحف الإسلامية التي وجدت في مصر، وفي 28 ديسمبر عام 1903 تم افتتاح المتحف بموقعه الحالي في منطقة باب الخلق علي شارع بورسعيد تحت اسم "دار الآثار العربية" وقامت أم الخديوي عباس حلمي لتشجيع هذا العمل الرائع بإهدائه مجموعة من التحف القيمة، وبعد ثورة يوليو1952 تم تغيير الاسم إلي مسماه الحالي "متحف الفن الإسلامي"، وحدث للمتحف العديد من مراحل التطوير كان أهمها التطوير الذي حدث عامي 1983، 1984 حيث تم توسيع المتحف وزيادة عدد القاعات حيث أضيفت قاعة للنسيج والسجاد ومخزن داخلي بالطابق العلوي وقاعة للمسكوكات بالطابق الأول، ثم أضيفت المساحة التي كانت تشغلها محطة الوقود علي يمين المتحف والتي تم استغلالها في إنشاء حديقة متحفية وكافيتيريا، والآن يشهد المتحف أيضا ثاني أكبر مرحلة في تطويره علي مستوي تاريخ تطوره ليكون منبرا للحضارة الإسلامية الراقية للعالم كله.