يختتم اليوم مؤتمر «صناعة التطرف: قراءة في تدابير المواجهة الفكرية»، الذى تستضيفه مكتبة الإسكندرية بمشاركة خبراء يمثلون 18 دولة عربية في مجالات التطرف والإرهاب وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والإسلامية. وكان الدكتور إسماعيل سراج الدين, رئيس أمناء مكتبة الإسكندرية قد افتتح المؤتمر الليلة قبل الماضية، بحضور الدكتور أسامة نبيل؛ رئيس المرصد الإسلامي ممثلاً عن شيخ الأزهر الشريف، والدكتور أحمد العبادي؛ الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، والدكتورة أم العز الفارسي؛ الأكاديمية والسياسية الليبية، ونبيل يعقوب الحمر؛ مستشار ملك مملكة البحرين لشؤن الإعلام. وقال الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، إن المؤتمر يعقد لمواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف التي أصبحت مستفحلة في الوطن العربي والإسلامي لأسباب لا علاقة لها بالدين الإسلامي بل بالتطرف الفكري الذي يدمر المنطقة. ولفت إلي أن المؤتمر يأتي في إطار إستراتيجية متكاملة للمكتبة يأتي في أبرز أركانها عقد شراكات مع عدد من الدول لمكافحة ظاهرة التطرف، جاء في إطارها المؤتمر الذي نظمته المكتبة مع الرابطة المحمدية للعلماء في المغرب خلال الشهر الحالي، ومؤتمر آخر سيعقد بمملكة البحرين بالتعاون مع مركز عيسي الثقافي في مايو المقبل. وقام الدكتور أسامة نبيل في كلمته بنقل تحيات الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وتمنياته بنجاح المؤتمر الذي يسلط الضوء علي موضوعات حساسة تتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات المعنية لمكافحة التطرف. وأكد جهود الأزهر الشريف في نشر وسطية الإسلام، وخدمة المسلمين وغير المسلمين من خلال نشر ثقافة الإسلام وتأكيد قيم المواطنة والتعايش السلمي ورفض التمييز والعنف. وأضاف أن الأزهر يكرس كل قطاعاته لتطبيق هذا المبادرات علي أرض الواقع وتنظيم العلاقة بين الأفراد والشعوب في إطار القيم الدينية والإنسانية. وقال إن الأزهر وإمامه قد اتخذا موقفًا واضحًا لمكافحة جميع التيارات الفكرية المخالفة ورفض وإدانة كل أشكال الإرهاب، كما أن الأزهر قد وضع ملامح خطته لمكافحة الإرهاب منذ أواخر عام 2014 في أول مؤتمر عالمي لمواجهة الإرهاب. وأضاف أن شيخ الأزهر قد عقد العديد من اللقاءات داخليًا وخارجيًا لتوضيح حقيقة أن الإرهاب لا دين له. وأشار إلي أن الأزهر قد اتخذ خطوات جادة لتجديد الفكر الإسلامي، ومنها مؤتمر «تجديد الفكر والعلوم الإسلامية»، كما عقد سلسلة من اللقاءات مع الأدباء والمثقفين لصياغة وثيقة الأزهر. وأضاف أن شيخ الأزهر يحرص علي إرسال وفود من الأزهر للمشاركة في مؤتمرات دولية تشارك في مناهضة الإرهاب علي أرض الواقع. وأكد في الختام أن الأزهر مستمر في دوره ومساعيه لنشر قيم الإسلام السمحاء، واستمرارًا لخطته أنشأ الأزهر مرصدا باللغات الأجنبية لتعزيز صورة الإسلام ودعم السلم المجتمعي والتعرف علي مواقف واتجاهات الرأي العام العالمي. وأشار الدكتور إسماعيل سراج الدين إلي أن المؤتمر قد أوصي في دورته السابقة بعقد هذا المؤتمر بصورة دورية ليجمع المثقفين العرب ويناقش ويبحث ويتابع ظاهرة التطرف التي تجتاح العالم العربي، وقد استجابت المكتبة لهذه التوصية وأوفت بوعدها، وعقدت ثاني مؤتمراتها في هذا الخصوص. وأضاف أن المكتبة نظمت خلال العام المنصرم العديد من الأنشطة والفعاليات التي تسعي إلي توسيع الاهتمام بهذه الظاهرة المدمرة، ليس لمنطقتنا فقط بل والعالم بأسره. وأضاف: «شرفنا أن يكون عقد المؤتمر تكليفا من رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلي منصور. ووضع الرئيس عبد الفتاح السيسي المؤتمر تحت رعايته، وأشار إلي نتائجه في خطابه أمام القمة العربية التي عقدت في مصر في شهر مارس عام 2015، وأعطي توجيهاته دعمًا لمكتبة الإسكندرية في مواصلة العمل بجدية في برنامج مواجهة التطرف بالتنسيق مع الهيئات الدينية والثقافية وفي مقدمتها الأزهر الشريف». وقال إن المكتبة قامت بتنظيم مؤتمر في الرباط منذ أسبوعين بالتعاون مع «الرابطة المحمدية للعلماء»، كما عقدت فعاليات مماثلة مع مؤسسة مركز الملك فيصل للدراسات الإستراتيجية في الرياض ومؤسسة البابطين الثقافية بالكويت في مؤتمرها بالتعاون مع جامعة أكسفورد. وأضاف أن المكتبة تتوسع أيضًا في نشر كتب التراث العربي والإسلامي النهضوي في القرنين التاسع عشر والعشرين واتاحته إلكترونيًا، كما تم إصدار كتابه «التحدي» الذي يتناول ملامح برنامج متعدد الاتجاهات لمواجهة التطرف. وشدد في الختام علي ضرورة الانفتاح الثقافي ومواجهة فكر العزلة التي يود أن يحشرنا فيه البعض، بهدف أن يكون تواصلنا مع العالم الخارجي تجاريًا فقط، في حين أن لدينا المنتجات والإبداع والتأثير الثقافي. كما تحدث الدكتور أحمد العبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، أن التطرف أصبح صناعة لها هندستها وروافدها وأنساقها وثمارها البغيضة. ولفت إلي أن هذه الأنساق تتحرك من عدة روافد؛ النصي والعسكري والاقتصادي والسياسي والدعائي والتواصلي الذي يستهدف الوصول للناس خاصة الشباب. وأكد أن صناعة التطرف لها أربعة أعمدة؛ وهي حلم الوحدة، حلم الكرامة، حلم الصفاء وحلم الخلاص. ولفت إلي أن تحليل خطابات داعش يبين هذه الأفكار التي يعتنقونها؛ فهم يرون أن تدينهم يتميز بالصفاء عكس تدين الآخرين، وأنهم هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة. وشدد علي أن المعركة الأساسية التي ينبغي التركيز عليها في محاربة أفكار التطرف هي معركة «النص»، فيجب تنسيق الجهود لوضع النص في سياقاته الصحيحة لمنع التأويل الذي لا يضع اعتبارا للمال. وأكد أهمية تحرير المصطلحات والمفاهيم حتي لا تستخدم من قبل أي جهة لأغراض معينة، وأيضًا الاعتماد علي القياس، والحكم علي الأمور بثمارها ونتائجها.