السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في جولة الإعادة بمجلس النواب    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي    الجامعة المصرية بكازاخستان تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من مركز "تراث"    بدء صرف الدفعة الثانية من الأسمدة الشتوية لمزارعي الجيزة عبر كارت الفلاح    موسكو تعلن تقدما ميدانيا شمال شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بتوسيع المنطقة العازلة    زد يستدرج حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    4 قضايا أمام الإسماعيلى لرفع إيقاف القيد بعد إزالة مساعد جاريدو    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    نظر جلسة محاكمة 3 فتيات بتهمة الاعتداء على الطالبة كارما بالتجمع بعد قليل    فتح التقديم بالمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026/ 2027 غدا    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    الصحة تؤكد أهمية تطعيم الحمى الشوكية لطلاب المدارس للوقاية من الالتهاب السحائي    إيمري يقلل من أهمية عدم مصافحة أرتيتا بعد مواجهة أرسنال وأستون فيلا    ليلة استثنائية.. نجوم الأوبرا وعلاء عبد السلام يفتتحون عام 2026 بأغانى الخلود    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    الإمارات تستجيب لطلب السعودية وتنهي وجودها العسكري باليمن    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    التضامن: إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية ضمن برنامج تكافل وكرامة    مطار الغردقة الدولي يستقبل 19 ألف سائح على متن 97 رحلة طيران احتفالا بليلة رأس السنة    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    تجديد حبس عاطلين قتلا مالك كافيه رفض معاكستهما لفتاة في عين شمس    اليوم.. نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة الإرهابية    تعرف على سعر الدينار البحريني أمام الجنيه في مصر اليوم الأربعاء 31-12-2025    أسعار البيض اليوم الأربعاء 31 ديسمبر    اليوم.. نظر محاكمة المتهم في قضية «صغار الهرم»    دميترييف يسخر من تمويل أوروبا المتحضرة للمنظمات غير الحكومية لغسل أدمغة الناس    وفاة إيزايا ويتلوك جونيور نجم مسلسل "The Wire" الشهير عن 71 عاما    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصاد الاقتصادى لعام 2015

تشكل نهاية العام مناسبة لتقييم أداء الاقتصاد المصرى من خلال عرض وتحليل المؤشرات الأساسية المعبرة عن هذا الأداء. وهذا التقييم يشمل الأداء الكلى وسياسات الحكومة وأداءها وأداء القطاع الخاص أيضا. ولأغراض عدالة المقارنة بين الحكومات والأعوام المختلفة سيتم استخدام البيانات الرسمية أو البيانات التى سلمتها الحكومة للمؤسسات الدولية ونشرت فى مطبوعاتها حتى لو كانت هناك تحفظات على البعض منها. وهذا التقييم لابد أن يضع فى اعتباره مجمل الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بالاقتصاد المصرى خلال سنوات المقارنة، حتى يكون التقييم عادلا وليس بالمنطق الذى يجسده المثل المصرى «اللى على البر عوام».
ولأن العبرة فى أى سياسة اقتصادية هى بالنتائج القصيرة والطويلة الأجل التى تسفر عنها والتى تتجسد فى التغيرات فى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، فإن هناك عددا من المؤشرات التى سيتم الاعتماد عليها فى تقييم الأداء الاقتصادى المصري. وأول تلك المؤشرات هو معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى وهو معدل ضرورى لكنه ليس كافيا لتحسين مستويات المعيشة للمواطنين. فهذا المعدل يعنى زيادة الناتج المحلى الإجمالى وارتفاع دخل الدولة ومتوسط نصيب الفرد من الدخل. لكن توزيع هذا الناتج وإعادة توزيعه من خلال نظم الأجور والضرائب والدعم والتحويلات الاجتماعية ودعم الصحة والتعليم والخدمات العامة يحدد مدى وصول نتائج النمو إلى مختلف فئات الشعب.
كما أن ارتباط النمو بالاستثمارات الجديدة أو التوسع فى استثمارات قائمة أو رفع معدل إنتاجيتها، يرتبط بمؤشرى الادخار والاستثمار اللذين يشكلان عاملا حاسما فى تغيير مسار ومصير أى اقتصاد. كما أن النمو يرتبط بخلق الوظائف الجديدة. وكلما كانت طبيعة النمو المتحقق مرتبطة بخلق عدد كبير من الوظائف الدائمة والمرتفعة الإنتاجية، فإن ذلك يساعد على معالجة مشكلة البطالة ويؤدى لتوسيع نطاق تمكين البشر من كسب عيشهم بكرامة من خلال العمل. كما أن زيادة إنتاج السلع والخدمات على ضوء النمو الاقتصادى يؤدى إلى زيادة العرض منها وتهيئة الظروف لاستقرار الأسعار.
أما مؤشر التشغيل ومكافحة البطالة فإنه يعتبر مؤشرا اقتصاديا-اجتماعيا عميق الدلالة بشأن تحقيق الاستقرار الاجتماعى والسياسى وتوسيع نطاق المشاركة فى صناعة وثمار التنمية.
أما مؤشر ارتفاع أسعار المستهلكين أو مؤشر معدل التضخم، فإن دلالته الأساسية تتعلق باستقرار الاقتصاد. ومعروف أن ارتفاع معدلات التضخم يؤدى إلى ارتفاع سريع فى قيمة الأصول والممتلكات لصالح أصحاب حقوق الملكية، بينما تتحرك الأجور بسرعة أقل فى غير صالح أصحاب حقوق العمل. وبالنسبة لتوزيع الدخل بين أصحاب حقوق الملكية وأصحاب حقوق العمل فإنه مؤشر على مدى العدالة فى توزيع الدخل بين المالكين والعاملين.
أما مؤشرات الديون الداخلية والخارجية فهى تعبر عن اختلالات المالية العامة والموازين الخارجية. ونظرا لأن الديون الخارجية بالذات تؤثر على استقلالية القرار السياسى والاقتصادى لأى دولة، فإن تطورها ونسبتها للناتج القومى وتكاليف خدمتها تعتبر مؤشرات مهمة فى قياس استقلال الاقتصاد وحدود انكشافه.
تحسن النمو وضرورة مكافحة التضخم
تشير بيانات صندوق النقد الدولى فى تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمى (أكتوبر 2015)، إلى أن معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى سوف يسجل 4.2% فى العام الحالي، مقارنة بنحو 2.2% عام 2014، ونحو 2.1% عام 2013، ونحو 2.2% عام 2012، ونحو 1.8% عام 2011. وهكذا فإن هذا المؤشر يشير إلى تحسن جوهرى فى معدل النمو نحو مستوى متوسط للنمو. لكن لابد من ملاحظة أن هذا النمو تحقق بمستويات عالية من الاقتراض الداخلى والخارجى وهو ما يمكن إدراكه لدى عرض التغير فى الديون الداخلية والخارجية، وإن كانت السنوات السابقة قد شهدت أيضا زيادات كبيرة فى الديون الداخلية والخارجية أو استنزاف الاحتياطى دون أن تحقق مستويات مماثلة فى النمو.
وهذا النمو يحتاج إلى استمرار قوة الدفع من خلال العمل بصورة فعالة على استنهاض معدل الاستثمار المتدني. وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل الاستثمار بلغ 14% عام 2013/2014، مقارنة بنحو 14.2% عام 2012/2013، ونحو 16.4% عام 2011/2012. وهذا الاستنهاض للاستثمارات يحتاج لزيادة الدولة لاستثماراتها، وضخ تمويل كبير وفعال لتحديث كل مصانعها العامة المتداعية وإصلاحها بشكل فعال. كما يحتاج إلى استنهاض الاستثمارات الخاصة الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والتعاونية بأساليب متعددة، وبتغيير السياسية المصرفية لتنحاز إلى تمويل الاستثمارات بدلا من الإقراض الآمن للحكومة. والأخيرة عليها أن تخفف ضغوط اقتراضها الكبير من الجهاز المصرفى من خلال معالجة العجز الكبير فى الموازنة العامة للدولة.
وقد شهد عام 2015 زيادة معدل التضخم إلى 11% وفقا للبيانات الرسمية، مقارنة بنحو 10,1% عام 2014، ونحو 6,9% عام 2013، ونحو 8,6% عام 2012، ونحو 11.1% عام 2011، ونحو 11,7% عام 2010، ونحو 16,2% عام 2009. ومن المؤكد أن نمو إنتاج السلع والخدمات بما يزيد عرض السلع والخدمات، يمكن ان يساعد فى السيطرة على التضخم. لكن مكافحة الاحتكارات الإنتاجية والتجارية ربما تكون أمرا أكثر أهمية فى كبح التضخم وربط اسعار السلع بتكلفة إنتاجها أو استيرادها مع السماح بمعدلات ربح معتدلة.
وعودة إلى معدل النمو الذى تحسن عام 2015، فإنه يؤخذ عليه أنه لم يترافق مع إيجاد أعداد كبيرة من الوظائف تسهم فى استيعاب العاطلين، فاستمر معدل البطالة عند مستويات مرتفعة. وللعلم فإن إحساس المواطنين بالتغير فى وضع الاقتصاد يبدأ من خلق الوظائف واستيعاب العاطلين فى أعمال حقيقية وتمكينهم من كسب عيشهم بكرامة.

معالجة البطالة.. المهمة الأكثر إلحاحا
بالنسبة لمعدل البطالة فإن البيانات الرسمية تشير إلى أن المعدل ارتفع من 9% فى العام المالى 2010/2011، إلى 12% عام 2011/2012، وارتفع إلى 12.7% عام 2012/2013، وارتفع إلى 13,2% عام 2013/2014، ثم تراجع قليلا إلى 13% عام 2014/2015. ومع هذه المعدلات المرتفعة للبطالة يصعب على المواطنين أن يشعروا بتحسن النمو الاقتصادى الذى تشير البيانات الرسمية وبيانات صندوق النقد الدولى إلى حدوثه عام 2015.
وإن كان من الضرورى الإشارة إلى البيانات الخاصة بمعدل البطالة تحتاج للمراجعة فى كل السنوات محل المقارنة، فالبيانات الرسمية تشير إلى أن السكان فى سن العمل نحو 56 مليون نسمة، بينما تشير إلى أن من يعتبرهم الجهاز الإحصائى ضمن قوة العمل هو 27.9 مليون شخص، وهى نسبة منخفضة للغاية، حتى إذا استبعدنا من هم فى مراحل الدراسة أو الخدمة العسكرية.
وقد بلغت قوة العمل 27,9 مليون شخص فى عام 2014، مقارنة بنحو 27.6 عام 2013، ونحو 27 عام 2012، ونحو 26.5 مليون عام 2011، ونحو 26.2 مليون عام 2010. وإذا كان خريجو النظام التعليمى الجامعى والمتوسط يزيد على 900 ألف سنويا، فضلا عن المتسربين من مراحل تعليمية أقل أو غير المتعلمين كليا بما مجموعه لكل المتعلمين وغير المتعلمين أكثر من 1.1 مليون شخص سنويا. وإذا طرحنا من هذا العدد من لا يرغبون فى العمل لأى سبب، والذين يخرجون من سوق العمل بالوفاة، فإن صافى الزيادة فى قوة العمل يتراوح بين 700، و 850 سنويا. ولو قارنا ذلك بالزيادات التى يتم تسجيلها فى قوة العمل سنجد أن هناك فجوة كبيرة تؤدى إلى تقدير معدل البطالة بأقل من البطالة الحقيقية بشكل كبير.
وهذه التقديرات المنخفضة للبطالة عن حجمها الأكبر كثيرا فى الواقع لا تفيد فى معالجة أزمة البطالة فى مصر والتى تحتاج لاحتشاد حكومى ومجتمعى لإيجاد حلول فعالة لها. وهذا الاحتشاد يبدأ من إدراك حجم المشكلة من خلال حصر حقيقى للعاطلين ومؤهلاتهم وتوزيعهم الجغرافى فى محافظات مصر وذلك لبناء قاعدة بيانات حقيقية يمكن الانطلاق منها لإدراك حجم المشكلة ومعالجتها. أما تشغيل العاطلين فإن هناك روافد عديدة لتحقيقه بشكل فعال من خلال تسهيل تأسيس الأعمال فعليا، والعمل على إعادة تشغيل الشركات العامة والخاصة المتعطلة
وعلى سبيل المثال فإن شركة طنطا للكتان المقامة على 83 فدانا فى منطقة ميت حبيش بطنطا على بعد 50 مترا من طريق القاهرة-الإسكندرية الزراعي، يمكن أن تستغل نحو 16 فدانا أى 67200 متر فى أنشطة عقارية ومعارض سلعية ومناطق ترفيهية وتحقق عائدا هائلا من ذلك يستخدم فى تطوير وتحديث الآلات والمصانع بصورة ملهمة. بل ويمكن نقل المصانع إلى مدينة صناعية جديدة مع بناء مساكن ومؤسسات خدمية تعليمية وصحية للعمال الذين سينتقلون إلى تلك المدينة وإخلاء مكان المصانع القديمة كليا واستغلاله فى مشروعات سكنية وتجارية وإدارية واستخدام العائد فى تمويل عملية التحديث والانتقال للمصانع. وينبغى التأكيد على أن تعمل وزارة الاستثمار بشكل سريع وفعال لتحديث واستنهاض وإصلاح القطاع العام وليس تصفيته أو إبقاؤه راكدا.
وهناك ضرورة حقيقية لإنشاء هيئة قومية تعمل كحضانة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتعاونية. ويجب أن تتمتع تلك الهيئة بدرجة عالية من الاستقلالية وحرية الحركة. ويتم تمويلها من العديد من المصادر: الأول هو ما يخصص لها من الموازنة العامة للدولة. والثانى هو ما تقوم هى بتعبئته من المجتمع من خلال التبرعات والزكاة. والثالث هو ما تستقطبه من منح من الدول الأجنبية وخاصة الأوروبية التى لها مصلحة فى استيعاب شباب مصر فى أنشطة اقتصادية فعالة داخل مصر بما يوقف تيار الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. والرابع هو أموال الصناديق الخاصة التى يتم جمع الأموال فيها بحكم السلطة السيادية للدولة.
وسوف تعمل هذه الهيئة أو الحضانة على إرشاد الراغبين فى إقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة وتعاونية إلى المجالات التى يمكنهم العمل فيها. والتنسيق بينهم حتى لا ينشئوا مشروعات متشابهة تتنافس حتى الموت. وتوفير التمويل الميسر لتلك المشروعات من التمويل المتوافر لديها. والأكثر أهمية هو ربط تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتعاونية بالمشروعات الكبيرة لإنتاج مكونات أو مدخلات لها وضمان التسويق المنتظم والطويل الأجل الذى يكفل لها الاستمرار والتطور. وربط تلك المشروعات أيضا بسلاسل المتاجر الكبرى لضمان تسويق إنتاجها بصورة منصفة. وتوفير رقابة حقيقية للجودة وللمعايير الصحية فى السلع التى تنتجها تلك المشروعات كى يمكن تسويقها فى الخارج أيضا باتفاقات مع سلاسل تجارية أجنبية.
تزايد الديون الداخلية والخارجية
شهدت السنوات الماضية زيادة سريعة فى الديون الداخلية. كما بدأت الديون الخارجية منذ عام 2012/2013 فى الزيادة بشكل سريع. ووفقا لبيانات البنك المركزى المصرى تبلغ الديون الخارجية لمصر فى الوقت الراهن نحو 48.1 مليار دولار، مقارنة بنحو 46.1 مليار دولار فى نهاية عام 2014، ونحو 43.2 مليار دولار فى نهاية عام 2013، ونحو 34,4 مليار دولار نهاية عام 2012، ونحو 34.9 مليار دولار فى نهاية عام 2011. واقترن هذا التزايد للديون الخارجية باستنزاف الاحتياطى من النقد الأجنبى الذى تراجع من نحو 35 مليار دولار فى يناير 2011 إلى قرابة 22 مليارا فقط قبل نهاية عام 2011. وصحيح أن الحكومة لم تقترض من الخارج فى ذلك الحين، لكنها لم تدر الاقتصاد باعتباره فى حالة أزمة أو أقرب لاقتصاد حرب، مما سمح باستنزاف الاحتياطى وإدخال مصر فى دائرة جهنمية من الاقتراض أو الحصول على منح وضخها فى الاحتياطى ثم استنزافها والعودة للبحث عن قروض أو منح جديدة. وهذا الأمر لن ينتهى إلا إذا تم علاج مشكلة العجز فى الموازين الخارجية، وفى الموازنة العامة للدولة. وتشير البيانات الرسمية إلى أن عجز الميزان التجارى بلغ 38.8 مليار دولار فى العام المالى 2014/2015، مقارنة بنحو 34.1 مليار دولار عام 2013/2014، ونحو 30.7 مليار دولار عام 2012/2013، ونحو 34,1 مليار دولار عام 2011/2012، ونحو 27.1 مليار دولار عام 2010/2011.
أما ميزان الحساب الجارى الذى يشكل مجمع الميزان التجارى وميزان تجارة الخدمات والتحويلات فإنه من المتوقع أن يسفر عن عجز يبلغ 3.7% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام الحالي، مقارنة بنحو 0,8% فى العام 2014، ونحو 2.4% عام 2013، ونحو 3.9% عام 2012، ونحو 2.6% عام 2011، ونحو 2% عام 2010، ونحو 2.4% عام 2009.
وهذا العجز يحتاج إلى وقفة وإجراءات يتم التوافق عليها حتى ولو كانت مرة. وبما أن الواردات السلعية تبلغ 65 مليار دولار، فإن تخفيضها بنسبة 10% يمكن أن يوفر نصف عجز ميزان الحساب الجاري، وذلك من خلال ترشيد استيراد السلع غير الضرورية، بمنطق أن مصر فى حالة أزمة وتحتاج إلى إدارة اقتصادها ولو لمدة ثلاث سنوات كاقتصاد حرب. وفضلا عن ترشيد الواردات فإن ضمان المعايير الصحية فى الإنتاج الزراعى والتوسع فى حفظه وتعليبه يمكن أن يسهم فى زيادة كبيرة للصادرات المصرية وبخاصة للسوق الروسية بعد توقفها عن استيراد الخضر والفاكهة التركية.
أما الديون الداخلية فبلغت 2116.3 مليار جنيه مصرى فى منتصف عام 2015، مقارنة بنحو 1816.6 مليار جنيه فى منتصف عام 2014، ونحو 1527,4 مليار جنيه فى منتصف عام 2013، ونحو 1238.1 مليار جنيه فى منتصف عام 2012، ونحو 1044.9 مليار جنيه فى منتصف عام 2011، ونحو 888.7 مليار جنيه فى منتصف عام 2010. وهى أيضا دورة جهنمية من الاقتراض وتكبيل الأجيال القادمة بأعباء هذه الديون.
معالجة عجز الموازنة قضية قومية
لابد للحكومة من وقفة حقيقية بالتوافق مع الخبراء الاقتصاديين المستقلين والمنتمين إلى كل الأحزاب والقوى السياسية المعارضة للوصول إلى أفضل معالجة لهذا العجز بصورة يتحمل الجميع مسئوليتها اجتماعيا. فهذه القضية القومية لن يحلها إلا توافق وطنى على الكيفية التى ينبغى حلها من خلالها، من خلال تنشيط الإيرادات العامة وترشيد النفقات كلما كان ذلك ممكنا.
وبالنسبة لتنشيط الإيرادات يمكن على سبيل المثال تطوير النظام الضريبي، حيث إن معدل الضريبة على الشريحة العليا للدخل يبلغ بعد التراجع مؤخرا 22.5% فقط وهو معدل منخفض بالقياس لكل البلدان المتقدمة والنامية تقريبا بما فى ذلك البلدان الأكثر جذبا للاستثمارات الخارجية. ويصل المتوسط العالمى للشريحة العليا للضرائب على دخل الشريحة العليا للدخل إلى قرابة 40%. (45% فى الصين، 43% فى الولايات المتحدة، 40% فى بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، 57% فى السويد، 62% فى الدانمارك، 50% فى اليابان، 40% فى كوريا الجنوبية، 40% فى جنوب إفريقيا، 37% فى تايلاند، 35% فى تركيا).
ولا بد من التفكير مرة أخرى فى إعادة فرض بعض الضرائب مثل الضريبة على أرباح البورصة كما هو مطبق فى الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية. وإعادة ضريبة الدمغة على التعاملات فى البورصة باعتبارها آلية كانت موجودة من قبل وهى أكثر ضمانا للإيراد العام، فضلا عن كونها عامل استقرار فى أى بورصة لأنها تهدئ سخونة المضاربات غير المطلوبة فى البورصة. وينبغى أن تكون الحكومة أكثر صلابة فى مواجهة اعتراضات السماسرة والمضاربين فى البورصة ومندوبيهم فى الإعلام. والغالبية الساحقة من العمليات التى تجرى فى البورصة حاليا هى عمليات إتجار بأسهم شركات قائمة ولن يضير الدولة أن ترتفع أسعارها أو تنخفض، طالما أن الشركات الحقيقية التى يتم تداول أسهمها تعمل بالفعل، ولم يتم إغلاقها. وفى إطار تنشيط الإيرادات ينبغى التفكير فى فرض ضرائب على استنزاف الموارد الطبيعية، حيث إن عائدات الدولة محدودة للغاية ولا تتناسب مع الأرباح التى يحققها المنتجون المحليون والأجانب الذين يستخرجون تلك الموارد المعدنية والمحجرية.
وفى جانب الإنفاق لابد للدولة من تقليص دعم الطاقة إلى اقصى حد، وقصره حصريا على الفقراء. وصحيح أن التراجع الكبير فى أسعار النفط والغاز قد قلص دعم الطاقة كثيرا، لكن ذلك لا ينبغى أن يوقف مسيرة الإصلاح الكامل لمنظومة دعم الطاقة بإنهائه فعليا، ما عدا الدعم المقدم للفقراء. وحتى بالنسبة للنقل يمكن أن يتم ترشيد الدعم بتقديمه لسيارة واحدة للفرد، وللكمية الضرورية لتأدية العمل، وما زاد على ذلك يكون بأسعار التكلفة. وهذا الأمر يمكن ضبطه من خلال نظام الكوبونات الذى تم تجميده.
ويمكن القول إجمالا إن التطور الإيجابى المهم كان هو زيادة معدل النمو عام 2015، والبدء فى الخروج من حالة التباطؤ والمراوحة على حافة الركود التى استمرت لمدة أربعة أعوام. وهذا التطور الإيجابى ينبغى تعزيزه. أما باقى جوانب الأداء الاقتصادي، والسياسات الاقتصادية الاجتماعية، التى تحقق العدالة الاجتماعية والتى شهدت تراجعا بتخفيض الضريبة على الشريحة العليا للدخل، والسماح بالاستثناءات من الحد الأقصى للأجر رغم أنه كان من الممكن رفع الحد الأدنى ليرتفع الحد الأقصى تلقائيا ونحافظ على قيمة العدالة، وإلغاء الضريبة على أرباح البورصة، وتخفيض نسبة الإنفاق العام على التعليم من الناتج المحلى الإجمالي، فتحتاج إلى تطوير كبير حتى يكون من شأنها تحقيق آمال الشعب المصري. وينبغى أن نعتاد على أن يكون اختيار استراتيجيات التنمية وخططها قائما على التوافق بين الخبراء الحقيقيين سواء كانوا مستقلين أو منتمين للحكومة أو للمعارضة، لأن القضايا القومية الكبرى تحل فقط بهذه الطريقة وبتحمل الجميع لمسئولياتهم إزاء حلها.
لمزيد من مقالات أحمد السيد النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.