عادة مع الاحتفال ب «المولد النبوي الشريف» من كل عام، واحتفاء المصريين بمقام صاحب الذكرى العطرة، والمولد الذي أحالوه إلى احتفالية مبهجة، يحلو لأصوات ما تعكير الفرحة على الناس بآراء متشددة، تُحرِّم مظاهر الاحتفال بمناسبة يحبونها، وتعلقوا بها من أيام الدولة الفاطمية. لكن الدكتور «أحمد عمر هاشم»، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، يرد هنا بهدوئه المعهود، وسماحته التي انتفع بها من وسطية الأزهر التاريخية، ويُفنِّد تلك المزاعم التي تحاول من وقت لآخر تحويل أفراح الجماعة الشعبية المشروعة إلى نكد اجتماعي بسبب تلك الالتباسات التي يشيعونها. مؤكدا هنا أن الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) نفسه هو أول من احتفل بذكرى ميلاده بالصيام، وأن فرح الناس بهذه المناسبة الدينية شيء طيب، وأن الرموز الشعبية مثل الحصان والعروسة الحلاوة أشياء مشروعة لا غضاضة فيها، وأن الانشاد الديني يريح القلوب ويشرح الصدور، طالما أنه يتبارى في مدح الرسول، وأن القرآن الكريم لم يحرم الفرح على الناس. كيف ترى فرحة المصريين بالمولد النبوي ؟ الاحتفال بذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم يمثل ظاهرة طيبة يتميز بها شعبنا الأصيل، وهى من الأمور المستحبة، وأصبحت من الموروثات الشعبية عبر الأجيال، ففيها مودة ورحمة، والحقيقة أن أول من احتفل بذكرى المولد النبوي هو سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم), فحين سئل عن سبب صيامه يوم الاثنين قال عليه الصلاة والسلام: «ذاك يوم ولدت فيه». فالاحتفال بذكرى المولد النبوي يكون عادة بتلاوة القرآن الكريم، ودراسة سيرته المطهرة، وهى من المشاهد المستحبة ليتعرف الناس على أشرف سيرة في الوجود, ونستمع إلى قول رب العزة: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا»، وفرحة المصريين بالذكرى تعود إلى اقتدائهم بالرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي قال عنه رب العزة: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما أنا رحمة مهداة» فاحتفالات المسلمين بهذه الذكرى وبخاصة وسط الجماعة الشعبية التي تتجلى عاداتهم في مظاهر شتى كلها تبعث على البهجة والسرور, وهى من الأمور المستحبة, ليتعرف الناس جميعا على كافة جوانب حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) الذى وصفه الله تعالى بقوله: «وإنك لعلى خُلقٍ عظيم». فما رأيكم بالخلاف بين بعض التيارات الإسلامية حول شرعية الاحتفال؟ لا خلاف هنا أو هناك, فالجميع يجمعون على أن ذكرى ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) من أجل المناسبات, فميلاده كان نعمة من أجل النعم، لأن بعثته أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، فهل بعد ذلك يكون خلاف ؟!. كيف ترون تبرك الجماعة الشعبية بالأولياء واعتقادها بأنهم شفعاء لها ووسطاء إلى الله تعالى ؟ لا وساطة بين العبد وربه, وأولياء الله الصالحون تقربوا إلى ربهم وأطاعوه، وأفاض الله عليهم من رحماته وكراماته, وذكرهم في القرآن: «ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة» ( صدق الله العظيم)، وذِكْر القرآن لهم إظهار لكرامتهم, والدعاء لهم والتبرك بهم إنما لله وحده، ولا مانع من زيارتهم . المصريون يحتفلون بالمولد النبوي منذ الدولة الفاطمية, وأحالوه إلى مناسبة مبهجة، ويتناولون الحلوى لاعتبارها فرحة وجدانية عامة، فكيف ترون هذه البهجة الاجتماعية ؟ للجماعة الشعبية موروثاتها وعاداتها في إقامة الاحتفالات الدينية, على رأسها احتفالها بالمولد النبوي، وإقامة موالد للأولياء، وهو نوع من التبرك بهم لا يخالفون فيه شرعاً, ومثل هذه الاحتفالات تنشر البهجة والسرور في نفوس الناس فلا بأس بها، ورب العزة سبحانه وتعالى لا يُحِرّم الفرح، وهذا فضل الله علينا، وقد أمرنا الله بذلك وقال «قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون». وما رأيكم في الرموز الشعبية مثل الحصان والعروسة الحلاوة التي تنتشر في المولد النبوي؟ الرموز الشعبية مثل الحصان والعروسة الحلاوة من عادات الجماعة الشعبية، ومبعث سعادتهم وفرحتهم في هذه المناسبة، وأحد مظاهر البهجة التي تعم أرجاء الحياة الاجتماعية فلا مانع منها ما دامت ليست محرمة . وما رأيكم بالمواويل الشعبية التي تمدح الرسول والقصص الشعبي أيضا ؟ المديح النبوي والإنشاد الديني والمواويل الشعبية والأذكار تريح القلوب وتبهج النفوس وتشرح الصدور ولا بأس بها في ذكر سير الصالحين والأولياء فى كل زمان, وكل إنشاد في مدح الرسول على العين والرأس ما دام صالحا طيبا، ومعناه دينيا لا غبار عليه, وفيه أيضا ذكر لله سبحانه وتعالى, وقال تعالى: «اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ». كيف تحتفل فضيلتكم وأهلك الكرام وإخوانكم في الطريقة الهاشمية ؟ احتفالنا بالمولد النبوي مع إخواننا في الطريقة الهاشمية يكون بذكر الله تعالى، وبالدروس الدينية، والإسهام بالمحاضرات وكتابة المقالات التي تعمق ثقافتنا الدينية الصحيحة، وترسخ قيم ومعاني وسماحة الدين الإسلامى وتعريف الناس بمقام ومقدار صاحب الذكرى, ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى.