قد يبدو مشهد الاستهداف للوطن المصرى حالياً، شديد التعقيد والتجاذب بين حلم عايَشَتْهُ قلوب هتفت بإخلاص لوطنها فى 25 يناير 2011م (عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية)، ثم حملت راية الوطن الحر فى مواجهة رايات التنظيم التى ظنت أنها تمكنت، حتى تكاتفت جماهير مصر فى 30يونيو 2013م، لتُحَرِّرْ الوطن والإنسان وتُعلى راية مصر مصرية بهية وأبيَّة، رغم أنف جند الجماعة وقياداتها التنظيمية. وبلا أى شك فإن أحلام الثوريين الحالمين، اصطدمت على مدى السنوات الماضية بصخرات الواقع المأزوم بولاءات متعددة وطموحات متشتتة وأولويات متباينة، وطغى على صوت الحلم أصوات زعيق الفضائيات وصراعات الفراغ التى يفرضها الإعلام على وعى جمهورنا المثْقل جوعاً وأوجاعاً. وصار الخيار على كل مخلص للوطن أن يقف فى خانة المنحاز بتوقيت يجرى فيه إعادة تصنيف الخلق فى بلادنا حسب انحيازاتهم (السياسية أو الثورية أو الإعلامية أو النفعية) أوما يستجد من انحيازات، وبالتالى يقوم بتقييم مواقف الجميع وفق انحيازاته باعتبارها هى الخيار الوطنى الوحيد ومن يعاديها خائن للوطن. غير أن هذا المقال وما سيعقبه إن شاء الله-، يحمل دعوة مفتوحة لكل مخلص فى هذا الوطن أياً ما كان موقعه على كرسى المسئولية، أو فى صفوف جماهير تلفحهم شمس أوجاعه وتُدْمِيهم وعورة دروبه، وتهون أرواحهم فداء لإرث وطن ينبغى أن نُوَرِّثه أبناءنا. إنها دعوة وطنية عامة للتنبه بخطر يطرق باب الوطن مستهدفاً الوصول إلى غاية واحدة هى (إفشال الدولة المصرية تمهيداً للحسم بالإسقاط بداية من يناير 2016م). إن هذه السطور لا تتحدث عن مطالب بالانحياز السياسي، ولا تستهدف الترويج لنظام يحكم أو حكومة تُسَيِّرُ أحوال البلاد والعباد، وإنما يسعى إلى أن يستوعب كل حماة هذا الوطن خطة تنظيم إرهابى دولى زرعت فى نفوس قواعدها ثأراً لحكمهم الذى سقط، وروته بدماء أعضاء ساقتهم إلى حتفهم تكليفات تنظيمية ب»الشهادة». وغذتها آلة إعلامية شيطانية نمت بينما كل إعلامنا يخوض معارك تبعياته التمويلية، واستطاع التنظيم أن يرعى ثأره الذى زرع فى نفوس قواعده ليجيشها وما استقطب من دوائر حولها، إعمالاً لمقولة القيادى صفوت حجازى فى غرفة عمليات رابعة قبل الفض (كل ما الدم حوالينا يزيد دواير الناس حوالينا هتكتر)، وهكذا يا سادة أصبحت مصر كلها فى مواجهة حقيقية مع جيش التنظيم. والخطورة تدق كل نواقيسها حين نعلم أن استخدام هذا الجيش بدأ فعلياً بعدما تم تعبئته خلال الأربعة والعشرين شهراً التى تلت فض تجمع رابعة العدوية، وصار مطلوباً من هذا الجيش أن يتحرك على عدة مستويات تصل إلى حد العنف الصريح والإرهاب المسلح، وهو ما سيعرض له المقال لاحقاً، لكن الأخطر هو الأدوار التى يقوم بها عموم أفراد التنظيم، والتى تستهدف توظيف جيش التنظيم فى مجالات حضوره دونما حاجة إلى إعلان هويته الإخوانية، بهدف تنص عليه خطة التنظيم ب (كسر الانقلاب وعودة الشرعية وعودة الجيش لثكناته)، وهذا الهدف يعنى (كسر الدولة وعودة حكم التنظيم وإرغام الجيش المصرى على القبول بذلك). ولتوظيف الجنود فى جيش التنظيم لتحقيق هذا الهدف تم تقسيم مجالات العمل إلى حزم منها (حزمة الميكروباص) ومهمتها ركوب وسائل النقل العامة وفتح حوارات مع الجمهور باعتبارهم مواطنين انتخبوا الرئيس السيسى ثم يبدأون فى ترويج الشائعات حول المعايش والأزمات وثغرات الأداء. ومنها حزم (النت - الكول سنتر -المسج سنتر الدوائر - أهالينا بالخارج)، ومهمتها ترويجية لدعايا التنظيم فى مواجهة الدولة المصرية. ومن خلال هذه الحزم يتم صناعة رأى عام داخلى وخارجى يتسق مع الصورة الذهنية التى يسعى التنيظم لترسيخها حول الدولة المصرية ونظام الحكم فيها. ومن أهم حزم التوظيف الإخوانى لجيشه التنظيمي، تلك المتعلقة بالمعلومات أو بمعنى أدق رصد حالة الدولة المصرية، وهذه الحزمة يسميها التنظيم (الرصد)، ومن خلالها يتم رفع تقارير يومية عن حركة الدولة المصرية على جميع المستويات ويتم جمع هذه البيانات وتصنيفها مركزياً بحيث تصل نسخة منها إلى قيادات التنظيم فى الداخل والخارج. ويكفى هنا أن نشير إلى أن الرصد التنظيمى يتعدى حدود الأوضاع الطبيعية وصولاً إلى رصد للتحركات الأمنية داخل السجون، إنها المعلومات التى تصل إلى التنظيم عبر وسائل اتصال متوافرة بكثرة فى معظم عنابر السجون ! ويوظف التنظيم قطاعا من جنود جيشه فى (حزمة الشائعات)، وهذه واحدة من أهم الحزم التى تستهدف مجتمعات الموظفين بأحاديث مختلقة حول حوافز تم اعتمادها أو تم توزيعها على المحاسيب أو رياح تهديد تواجه ما بعد المعاش لأى سبب، أو استغلال تأخير الرواتب فى إشاعة عدم وجود رواتب، إنها الشائعة التى تربك إدارات يعلم التنظيم أنها مرتبكة أصلاً وبالتأكيد يزيدها ارتباكاً شائعات حول ترقيات تتم للمحاسيب أو تعيينات لقربية أحد المديرين، وكل ما يفعله الإخوانى هو أن يطلق الشائعة فى مجتمع الموظفين الذى يجيد تدوير مثل هذه البضائع. ويضع التنظيم لجنده خريطة بالوسائل التى يمكن لأى عضو استخدامها دونما أن يتعرض للخطر ويسهم بها فى إرباك الدولة وزيادة حالات الاحتقان بها ومنها حسب نص خطته (عدم دفع الفواتير -إلقاء القمامة فى غير أماكنها -شراء كل شعبة ألف دولار وتخزينها -جمع العملات الفكة وتخزينها -إعاقة الصرف الصحي- تخزين السلع وإشاعة حدوث أزمات بها - زيادة الأحمال على الكهرباء والمياه فى أوقات الذروة عبر تشغيل الغسالة / المكواة/ التدفئة/ التكييف / السخانات /الأفران الكهربائية مع اذان المغرب -تعطيل المرور بإدعاء أن السيارة تعطلت فى إشارة او ميدان - تقليل الانفاق الاستهلاكى الا للحاجة الضرورية - إصلاح ما يمكن اصلاحه دون شراء جديد - صرف التموين الشهرى كله وعمل بطاقات جديدة أو إعطاء البطاقات للآخرين لصرفها- شراء كميات الخبز كاملة يوميا -تأخير الأعمال الخدمية إن أمكن وقت العمل - تشغيل كل الاجهزة الكهربائية و بخاصة الدفايات و المراوح و كذلك المياه فى أثناء العمل - استنفاد كل الإجازات - صرف كل الميزانيات المسئول عنها فى العمل - رصد الثغرات بالعمل - تعطيل ما يمكن من أدوات العمل كمبيوتر/صرف/مياه/كهرباء/سيارات..إلخ - افتعال الأزمات فى العمل مثل انهيار الشبكة الإلكترونية أو البلاغات الكاذبة - تموين السيارة وقت الذروة من2 ظهرا- 11مساء - تخزين السولار - مقاطعة المحال والأماكن والأشخاص الداعمين للانقلاب- مقاطعة المواصلات العامة- سحب كل الرصيد من البنوك- سحب كل الراتب أولا بأول- استعمال مقار و علاج التأمين الصحى بكثافة -- مقاطعة الصحف و المجلات- مقاطعة المتاجر العامة و البريد -المداخلات مع المحطات الانقلابية و الاعتراض عليها و توضيح كذبها- الامتناع عن دفع أى تبرعات لأى جهة حكومية- الامتناع عن الاشتراك فى أى مشروع حكومي). إن هذه الصورة التى ينقلها المقال، تؤكد أن مصر الوطن والحمى تتعرض إلى استهداف غير مسبوق من داخلها، ولكن هذه الصورة بإجلائها أمام كل مصري، تضع الجميع فى موقع المسئولية من حيث التنبه لخطورة العدو الذى يُعمل فى وطننا بلا هوادة كل أدوات الهدم. ألا هل بلغت اللهم فاشهد. وللحديث بقية إن شاء الله. لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى