هى فتاةٌ أقربُ للطول منها إلى القصر، ترتدى عباءة سوداء تُبرز مفاتن جسمها، دخلت عربة المترو، وبدلا من أن تأخذ لنفسها مكانا قصيا، يحميها من الاصطدام بالمارة، وقفت أمام الباب تعوقُ حركة الركاب صعودا وهبوطا، التطم بها أحد الشباب أثناء دخوله القطار، فانهالت عليه شتما وسبابا، واتهمته بتعمد الاحتكاك بها، فاعتذر الشاب عن التطامه بها غير المقصود نتيجة شدة الزحام، وحتى لا تفوت علي نفسها فرصة خداع الركاب وسرقتهم، تمادت فى ( وصلة) الردح والسباب، مُدعية أنها تعرضت لتصرف خادش للحياء دون أن يتمعر وجهُ أحد من الركاب نُصرة لها ! أثارت كلماتُها حمية البعض فانبرى لفض النزاع بينها وبين الشاب، وما إن سكت صفيرُ المعركة بنزول الفتاة من القطار فى المحطة اللاحقة حتى وجد بعضُهم أن حافظة نقوده قد سُرقت! مشهدٌ كثيرا ما تكرر فى أفلام السينما، يعكس حالة التردى فى مجتمعنا الآنى، مما يتطلب ضرورة البحث عن حلٍ لمشكلة الزحام، ومنع الاحتاك بين الذكور والإناث فى وسائل المواصلات، خاصة فى قطارات السكة الحديد والمترو، وذلك بتقسيم القطارات إلى نصفين أحدهما للذكور والآخر للسيدات، بدلا من الاكتفاء بوجود عربتين للنساء فقط ، كما هو بالمترو. ويتمثل الحلُ أيضا فى تكثيف الوجود الشرطى داخل المحطات لسرعة اللجوء لأفراد الأمن عند حدوث مشكلة، أو وقوع شجار، أما سياسة التحرك بعد - خراب مالطا - فهى سياسة فاشلة وتأصيلٌ لدولة الفوضى التى لن تُحقق لمجتمعنا تقدما وازدهارا. وإذا كانت منظماتُ حقوق الإنسان تدعو إلى معاملة المواطنين معاملة كريمة تحفظ لهم حقوقهم المادية والمعنوية، فإن هذا لايعنى خرق القوانين، والتساهل فى تطبيقها، لأن هناك فئة من الناس لاتنجع معها سياسة الحلم والتلميح، بل يحتاجون إلى التأنيب والتوبيخ، وحقا، من لا يزعُه القرآن ( يُرهبه) يزعُه السلطان. وهذا لا يعنى الإفراط فى استخدام السلطة لكيلا لا تتحول إلى قهر وظلم، كما لا يعنى التهاون فى تطبيق القانون لكيلا لايتحول الأمر إلى تسيب، بل الوسطية دون إفراط أو تفريط، والحرص على تطبيق روح القانون مادام هناك إلى ذلك سبيلُ. إن دولة كمصر ذات تاريخ وحضارة ليس صعبا أن تستعيد مجدها، ولكى يتحقق ذلك فلابد من توافر الإرادة الشعبية بجانب الإرادة السياسية، التى تؤصل الرقابة على المال العام وإنفاقه على مستحقيه، وتوفير فرص العمل للشباب، وإعالة الأسر الفقيرة الأولى بالرعاية، وتوفير خدمة علاجية للمرضى، وذلك من خلال ما تدره المشروعات التنموية الكبرى من أموال هى ملكٌ للشعب كله وليست لفئة بعينها، وإلى أن يتحقق ذلك سنظل نعانى مشاهد الفتاة اللعوب!Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى