أدوية، أغذية، عطور، أدوات تجميل، نظارات، جميعها وأكثر سلع متوافرة على الأرصفة، فهى سلع أكثر رواجا للباعة الجائلين الذين احتلوا أرصفة الشوارع ومحطات المترو للتلاعب باحتياجات المواطن دون النظر لما تسببه تلك المنتجات من أضرار جسيمة قد تودى بحياته وأسرته، فهم يوهمون المشترى بعروض وأسعار مذهلة الثمن، فأحيانا نجد السلعة بنصف ثمنها أو أقل كثيرا، مما يغرى الزبائن للشراء دون النظر لصلاحية السلعة، وما بين تدنى الوعى الصحى للمواطن وضعف ضمائر البائع وغياب الرقابة والجهات المسئولة قامت «تحقيقات الأهرام» بجولة على الأرصفة لمعرفة مدى مطابقة تلك البضائع للمواصفات من عدمه. يقول الحاج كامل أحمد: اعتدت على شراء طلبات البيت بالأسبوع من تونة ولانشون وجبنة رومى ولبن وعصير من الباعة والسيارات التى تعرضها رغم أنها غير مدون عليها تاريخ للصلاحية، أما عاصم محمود (مواطن) فيرى ضرورة تفعيل الرقابة الصحية لمراقبة تلك الأغذية التى تباع على الأرصفة للتأكد من سلامتها ونظافتها وعدم تلوثها بالفيروسات. أما الحاج فتحى عبدالعزيز، أحد تجار الجملة وموزع لتلك السلع، فيقول إن تلك التجارة تعد رابحة خاصة مع محاولة التوازن بين طبقات المجتمع لأننى أسعى لتوفير السلع المحروم منها الفقراء والتى يتناولها الاغنياء، فأقوم بحصر شهرى لبضاعتى الموجودة بالسوبر ماركت وأعيد تغليفها بحيث تصبح عرضا يغرى الزبون ويشترونه، مع العلم أننى لا أعرض بضاعة منتهية الصلاحية فعلى الأقل تحمل صلاحية 3 أشهر. واختلف معه فى الرأى أحمد سمير بائع وأكد أننا نستلم البضائع منتهية الصلاحية من التاجر أو تكون أوشكت على الانتهاء، مشيرا إلى أن زبائنه لا يهتمون بتاريخ الصلاحية أساسا خاصة وأن المنتج يكون مغلفا. خلف النظارات يختبيء العمى يعتقد كثيرون أن التلاعب بصحة المواطن صار أمرا شائعا، ولكن هذه المرة وصل إلى حاسة «البصر»، فالنظارات الشمسية لها دور مهم كواق للعين من أشعة الشمس المباشرة، ولكن هناك شركات كبرى ومتخصصة لإنتاج هذا النوع من النظارات تراعى تلك المعايير والمواصفات والقياسات دون التسبب فى أعراض جانبية. شيماء المغربي، موظفة تقول: هناك نظارات تحمل ماركات عالمية شهيرة، وعلى الرغم من معرفتى بأنها مقلدة الا أننى أسعى لشرائها لأن أسعارها منخفضة مقابل الأصلية. محمود علي، بائع نظارات شمسية اتخذ الرصيف منفذا لبيع بضاعته، يقول: لم يشتك أحد من تلك البضاعة ولم نسمع حتى الآن أن هناك أحدا أصيب بالعمى نتيجة لاستخدامها، مشيرا إلى أن لديه زبائن دائمين لم يشتكوا منها أو من ضعف فى نظرهم. وأكد أن بضاعته تلقى رواجا واقبالا كبيرا بين الشباب من الجنسين خاصة وأن أسعارها منخفضة مقارنة بالأصلية. إلا البشرة كل شيء أصبح متوافرا على الأرصفة حتى أدوات التجميل، الكلام لرحاب حنفي، طالبة جامعية، لكنها تؤكد أن كله إلا البشرة خاصة أن الكريمات وأدوات التجميل المعروفة قد تؤذى البشرة وتسبب أمراضا، فما بالك بمجهولة المصدر، لذلك أحرص على شراء ما أريده من الصيدلية بعد الكشف على نوع بشرتى وطبيعتها وأقوم بشراء ما يناسبني. أدوية الموت كبسولات وحبوب وحقن وزجاجات دواء لعلاج مختلف الأمراض، فهناك أدوية للصداع وللبرد والسكر والضغط بخلاف الأعشاب والمنشطات الجنسية، وكل مواطن حسب حظه فى العبوة التى سيحصل عليها سواء كانت منتهية الصلاحية أم لا خاصة أنها غير خاضعة لوزارة الصحة. أحمد عادل، أحد الباعة الجائلين الذى يفترش الرصيف بالاسعاف لديه مجموعة من الادوية، يقول إنه يبيع بعض الأدوية مكتوب عليها أسماء الشركات المصرية المعروفة فهى ليست مجهولة المصدر، مؤكدا أن الأدوية العشوائية والمقلدة أصبحت سهلة التناول والمتاجرة بها دون أى ملاحقة امنية أو رقابية، مشيرا إلى أن لديه بعض أدوات التجميل الصينية التى يأتى بها من المنطقة الحرة ببورسعيد وتحقق له مكاسب مادية رائعة. وفى محاولة لمعرفة من أين يأتى بائعو الأرصفة بتلك الادوية، قالت إحدى البائعات: أقرأ تاريخ الصلاحية عليه واشتريها من ولاد الحلال فى وزارة الصحة والتأمين الصحى وأصحاب الصيدليات وشركات الأدوية، وأكدت أن المارة والمنتظرين للاتوبيسات من أغلب زبائنها. مسروقة وبواقى وبسؤال الدكتور صيدلى محمد الفيومى عن أدوية الرصيف قال إن الأدوات الطبية كالشاش والقطن قد تكون مسروقة من المستشفيات بالتعاون مع الممرضة أو العامل فى الصيدلية لأنهم يأخذون نسبة من البيع مقابل إعطائه الأدوات التى يحتاجها أو قد تكون بواقى استخدام اشخاص قاموا بإلقائها فى القمامة وبعد عملية فرز القمامة قاموا باستخراجها وتنظيفها وإعادة بيعها. أما بالنسبة للأدوية فقد تكون بواقى استخدام شخصى أو أن هناك شركات كثيرة ترفض أخذ المرتجعات فهنا إما أن يلقيها العامل بالقمامة وتصبح كنزا لهم أو يبيعها لمخازن «بير السلم». حماية المستهلك ووفقا للواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك فإن المواد الغذائية لا تشترى من على الأرصفة لأن هناك مواصفات للتداول لابد من توافرها فبعض الأغذية توضع فى درجات حرارة معينة والبعض الآخر لابد من وضعه داخل ثلاجات، وهناك الذى لا يتعرض لأشعة الشمس المباشرة لأن ذلك يفسدها. ويطالب رئيس الجهاز المستهلك بعدم شراء الطعام من على الأرصفة لأن به سما قاتلا، فالجو غير مناسب للتخزين، مما يسبب أكسدة للمواد الحافظة داخل الأغذية وتتحول إلى سموم، ويطالب المرافق والأحياء بالتأكد من عدم وجود باعة جائلين أمام المدارس وأن يقوموا بدورهم من وضع تلك الباعة فى أسواق لتقنينهم وسهولة فحص أغذيتهم لأنهم سيكونون تحت نظر الجهاز الرقابي. مخاطر صحية ويشير الدكتور حسن الفكهانى أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية إلى أن الأدوات التجميلية المبيعة على الرصيف مجهولة المصدر ومغشوشة، لكنها تضع أسماء شركات كبرى وتباع بسعر أقل من ربع سعرها، مؤكدا أن أدوات التجميل لها طريقة فى الحفظ والنقل لضمان سلامتها، وهذا غير متوافر فى تلك البضاعة مما يعرض للإصابة بمرض الحساسية التلازمية للجلد مما قد يؤدى إلى حدوث قرحة بالجلد. وتؤكد دكتورة ماجدة فوزى استشارى رمد أن ضرر النظارات المبيعة على الأرصفة أكثر من نفعها فهى لا تعمل المطلوب منها وهو حجب الأشعة فوق البنفسجية، لذلك فان استخدامها لا يفيد أى شيء بل يسبب الأمراض كحدوث التهابات أو ماء على العين، وقد تؤذى مركز الإبصار نفسه. وأوضح محمود فؤاد المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء أن هناك أكثر من 200 صنف دواء منتهى الصلاحية تنتجها شركات أدوية غير معروفة موزعة على علاج الأمراض الجلدية والباطنة والصداع والقلب والسكر وغيرها و50% منها منشطات، بالإضافة إلى الأدوية الصينية التى يبيعها الصينيون بجوار محطات المترو وهى عبارة عن أعشاب، مؤكدا أن تلك الأدوية تدخل مهربة سواء برا أو بحرا أو جوا، مشيرا إلى أن الادوية منتهية الصلاحية لا تسبب الوفاة إلا أن المادة الفعالة بها تنخفض تدريجيا، وهناك بعض المواد الفعالة تتحول إلى مواد ضارة إلا أن تأثيرها يكون محدودا.