نبيلة مكرم عبد الشهيد خلطة سحرية لوزيرة غير تقليدية, وزيرة ترتدي الجينز وتجلس القرفصاء علي الأرض بين الناس لتحاورهم, وتلبس ملابس التزحلق علي الجليد لتتزلج في بلاد لا تعرف غير الصقيع, وتقفز في المراكب الصغيرة والمعديات لتصل الي صقلية لمتابعة موضوع الهجرة غير الشرعية للمصريين , وزيرة جابت بلاد العالم من شرقها لغربها بداية من البرازيل والولايات المتحدةالأمريكية وايطاليا إنتهاء بالإمارات وهي تحمل في قلبها عشقا كبيرا لمصر ولمدينتها الصغيرة الكوزموبوليتانية الإسكندرية, وزيرة أثارت الجدل عندما قامت بأداء اليمين الدستورية أمام الرئيس وهي ترتدي بذلة نصف كم وكأن الأناقة أصبحت تقاس بطول أو قصر الكم, وزيرة تمتاز بالإبتسامة وسرعة البديهة والأفكار منزوعة التقليدية, وزيرة سرها الصغير الذي نقلها من مدينتها وجاب معها العالم حتي وضعها علي رأس وزارة الهجرة هو الحب والإخلاص لمصر.. ....................................................................... ولإنها غير تقليدية وأفكارها دائما خارج الصندوق فقد قررت أن تقوم بزيارة ظاهرها رسمي لمدرستها التي عاشت بين جدرانها وفصولها أحلي سنوات عمرها سانت جان أنتيد لتلتقي الطالبات وتتحدث اليهن عن تجربتها وتبث فيهن الأمل وحب العمل وقيم الإخلاص والثقة بالنفس ولكن الحقيقة أن هذه الزيارة الرسمية كانت تحمل في باطنها أغراضا حميمية وغير تقليدية فقد كانت الوزيرة تحتاج الي أن تشحن بطاريتها بالحب والذكريات الجميلة وحكايات الطفولة وأحضان المدرسات الدافئة لتستأنف عملها الشاق بكل سعادة.. والحكاية من البداية كما تقول الراهبة وفاء راشد مديرة المدرسة: إننا طلبنا من ابنة المدرسة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج ترتيب زيارة لتلتقي الطالبات لتحكي لهن عن تجربتها السياسية والحياتية وتبث فيهن قيم الأمل والعمل, وبالفعل استجابت الوزيرة وتم تحديد الموعد وقمنا بعمل كل الاستعدادات وبالفعل وصلت الوزيرة في موعدها المحدد وبمجرد دخولها من بوابة المدرسة سرت حالة من السعادة والود والتفاؤل والنشاط بين الطالبات فقد قدمت نبيلة مكرم لهن نموذجا حيا للنجاح, نموذج ملموس لطالبة مجتهدة عملت بجد حتي أصبحت سفيرة ثم وزيرة وقد اصطفت الطالبات بطول المدخل علي الجانبين ليقدموا لها الورد ويلتقطوا معها الصور, ثم تلا ذلك عناق طويل وحميم مع قدامي المدرسات وأعمدة التعليم فيها مثل مدام آمال محمد سالم( مدام رجب) مدرسة اللغة العربية ورمز الأناقة في المدرسة ومدام روز ماري صراف مدرسة العلوم وصاحبة أجمل وأطيب ابتسامة ومدام وسام موسي فنانة المدرسة ومدرسة الرسم ومدموازيل أوديت بولس مدرسة المواد الإجتماعية صاحبة الدم الخفيف صديقة كل الطالبات, ثم فاجأت الوزيرة الطالبات والمدرسات بارتداء سترة( جاكت) المدرسة الذي يحمل شعارها في حركة أنيقة وذكية للتواصل مع الطالبات وكأنها ترسل لهن رسالة خفية معناها أنا منكن, ويمكن أن تصبح كل واحدة منكن وزيرة ثم تفقدت بعض الفصول وزارت المكتبة والمعمل والتقت بعض الطالبات في صالة الامتحانات ثم عقدت لقاءمع طالبات المرحلة الإعدادية والثانوية ومجلس الأباء تحدثت فيه عما تقدمه للمجتمع من خلال أداء دورها في عملها علي أحسن وجه, كما حكت للطالبات عن مشوارها في العمل الدبلوماسي منذ أن كانت قنصلا ثم سفيرة, وكيف استطاعت أن تصل إلي هذا المنصب من خلال التحاقها بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة وكيف أنه بتشجيع من أمها وأخوها سافرت وحدها لتقيم عند جدتها لتبدأ مسيرة حياتها المهنية, وأكدت أن السر يكمن في حب العمل والإخلاص له بقولها: لم أكن أسعي أن أكون وزيرة, فقط كنت أحب عملي وأتقن فيه فأوصلني الي ما أنا عليه الآن, وعلي كل فتاة أن تحب عملها وتتقنه فمصر منتظرة منا ومنكن الكثير. وأضافت أنها تدين بالولاء لمدرستها التي ساعدتها في تكوين شخصية متميزة علميا وإنسانيا ووطنيا, قادرة علي الإبداع والنقد البناء وقبول الآخر ومواجهة التحديات والعنف, كما كان لها الفضل في غرس المبادئ والقيم النبيلة في تكوينها الإنساني وما أن انتهت الرسميات حتي كان حميمية اللقاء بين الوزيرة وذكرياتها. في كل فصل حكاية وفي كل فصل من مدرسة جان آنتيد حكاية, وعلي كل سبورة ذكري وضحكة وإبتسامة, وعلي كل تختة وكرسي بقايا من شقاوة بنات وجزء من أسرار وقصص وحكايات البنات, ومنها ما تقصه صديقات نبيلة مكرم الفتاة اليافعة الطويلة التي صارت وزيرة فتقول شيرين موسي: نبيلة صديقتي ودفعتي تخرجنا من المدرسة عام1987 وقد كانت نبيلة معروفة في الفصل بهدوئها ورقي أخلاقها فلم يكن أحد يوجه لها أي لوم لأنها كانت دائما منضبطة وصاحبة ابتسامة عريضة وكنت تشعر دائما بوجود حالة من الرضا في كل تصرفاتها, وهنا تدخلت نبيلة قائلة: إلا في حالة واحدة كانت سبب عقدتي وهي طولي الفارع ففي بداية كل عام وبمجرد دخولنا الفصل كنت أسمع المدرسة تقول لي: نبيلة.. إجلسي في الصف الأخير لأنك طويلة وقد سبب لي هذا عقدة لإني كنت أتمني ولو لمرة واحدة أن أجلس في أول صف, ولهذا عندما أنهيت عملي في روما منذ عدة سنوات وعدت الي مصر ذهبت برفقة مجموعة من الصديقات الي المدرسة هن سهير يوسف وهبة رؤوف وضحي عامر ونهي منير ومنال مهدي ونهلة الكردي وهبة المغربي وانجي الشرنوبي, ودخلت فصلي في الصف الثالث الثانوي وجلست في أول صف ولأول مرة في حياتي لم يطلب مني أحد الرجوع إلي التختة الأخيرة. أما أكثر القصص طرافة كما تقول هند غزال فهو أن نبيلة لم تكن تهتم بالطعام, وكثيرا ما كانت تعود الي البيت بساندويتش المدرسة وكانت والدتها حتي تشجعها علي إلتهامه تؤكد لها أن الفراخ البانية أو البوفتيك مفيد وسوف يساعد في نمو الشعر وتحسينه فكان هذا هو موضوع البنات في المدرسة: فائدة الفراخ البانيه والبوفتيك في تنعيم الشعر وتحسينه. صديقتان وجهان لعملة واحدة لا يوجد أحد في المدرسة لا يعرف الصديقتان اللتان كانتا لا تفترقان نبيلة مكرم وجونفياف توماسيان فهما صديقتان حميمتان, وتقول جونفياف( طبيبة أسنان تقيم في لبنان) إن نبيلة صديقة عمري وإن بعدت المسافات وطال الوقت ولكن الصداقة والحب الذي أحمله لها يزن الدنيا كلها وكالعادة تتدخل الوزيرة- ومن يستطيع أن يمنعها- لتقول: لن تصدقي أن جونفياف جاءت خصيصا من بيروت أمس لحضور هذه الاحتفالية في المدرسة وستغادر فور الانتهاء منها اليوم, وبالفعل وصلتا معا وارتدت كلتاهما سترة المدرسة الزرقاء لتبدوان كطالبتين وهما تضحكان معا وقالتا: نشعر أن الزمن عاد الي الوراء أكثر من عشرين عاما وكأننا ما زلنا طالبتين وبالفعل مضي الوقت وهما تمرحان وكأن الزمن قد عاد للوراء بل إنهما رقصتا مع أطفال الحضانة رقصة البطة و بعض الرقصات الأخري علي الأنغام الفرنسية وسط فرحة وتصفيق وتهليل الطالبات والمدرسات وراهبات المدرسة.. فالفرحة ليس لها عمر أو سن. سفيرة ولا وزيرة أما حكاية ترشيحها لتولي الحقيبة الوزارية فتحكيها نهي عاصم بطريقة فكاهية فتقول كنت قد إتفقت مع نبيلة أن التقيها في دبي حينما كانت سفيرة هناك في طريق عودتي من كندا الي الإسكندرية وبالفعل كانت في انتظاري في صالة الترانزيت بحفاوة بالغة ليست بغريبة عليها ورأيت حب الموجودين والعاملين بالمطار لها وأمضينا ساعات نسترجع ذكريات الطفولة وكنت مستمتعة بإبتسامتها الواسعة وخفة دمها وأناقتها في إختيار كلماتها وحركاتها ودار بيننا حديث طويل عن عملها فقلت لها بعفوية: أري سقف طموحك لا يقف عند سفيرة بل أراك وزيرة فنظرت لي بعينين مندهشتين فأحسست أنها تخفي سرا صغيرا أو كأنني آفشيت سرا خطيرا ولكنها أخبرتني أن إسمها ربما يكون علي قائمة الترقيات لمنصب ما, وعند وصولي إلي الإسكندرية وظهور التشكيل الوزاري أرسلت لي كلمة علي البريد الإليكتروني الخاص: وشك كان حلو علي أما عن إختيارها وزيرة فتقول نبيلة مكرم: كان الأمر مفاجأة لي فلم أكن أخطط لذلك إنما كنت أقوم بعملي بمنتهي الجدية أيا إن كان موقعي, و في أحد الأيام كنت مريضة فغادرت مكتبي مبكرا وفي السابعة مساء تلقيت اتصالا من مسئول للسؤال عن عملي وتاريخي المهني وعندما سألت عن السبب قيل لي أنت مرشحة لمنصب هام في الدولة, فألجمت الدهشة لساني فقلت للمتصل بدون تفكير وأنا الدبلوماسية المحنكة أي دولة... ثم هزت رأسها وضحكت وقالت: أنا إتخضيت. رسالة من نبيلة الكبيرة أما أجمل وأرق وأعذب ما تلا هذه الزيارة فكان الكلام الذي وجهته السيدة نبيلة نعمة الله المربية الفاضلة التي تعشقها كل بنات المدرسة- والتي يقال أن فاتن حمامة اقتبست جزءا كبيرا من شخصيتها عند أدائها لدورها في مسلسل ضمير أبلة حكمت الذي تم تصويره في المدرسة- لنبيلة التلميذة والابنة التي صارت وزيرة فقالت لها: شكر خاص لابنتي نبيلة مكرم رغم أنها ليست المرة الاولي التي تأتين فيها الي المدرسة تتواصلين مع التلميذات وتقدمين لهن القدوة وتبعثين فيهن الأمل فلذا اقول لك بكل فخر معالي الوزيرة لقد نجحت في الزيارة باقتدار فهل تعرفين سر نجاحك فيها ؟ لأنك وأنت في منصبك هذا مازلت متواضعة برقي وذكاء فلتحقيق هدفك في التواصل مع الطالبات ارتديت زي المدرسة لتكوني واحدة منهن فيسهل التأثير عليهن كما أعجبني ردك حينما سألتك عن مفهومك لدورك كوزيرة فقلت: خدمة ذات طابع إنساني أما نبيلة مكرم فعقبت أن مدام نبيلة كانت مدرسة اللغة الفرنسية في المرحلة الثانوية وقد كنت أعشقها وأحمل لها إحتراما كبيرا وكنت إذا التقيتها في أروقة المدرسة وإبتسمت لي سعدت سعادة بالغة وأما إذا لم تعرني إهتماما أصاب بالإحباط وأظل طيلة اليوم أفكر في الخطأ الذي ارتكبته وقد تعلمت منها ومن المدرسة الكثير من الخصال الجميلة منها احترام الآخر والثقة بالنفس والرقي والجمال.. وقد سجلت كاميرا الأهرام لقاء حميما بين النبيلتين عندما التقيا بعد سنوات طويلة فاحتضنا بعضهما البعض بقوة حتي امتلأت عيون الموجودين بالدموع من حرارة اللقاء وأطلقوا عليه النبيلتين لقاء السحاب. أوبرا وينفري وجورج كلوني وسرعان ما تحلق الأصدقاء والمدرسات حول نبيلة مكرم ودارت فناجين القهوة وأكواب الشاي وساد الحب والود المكان وبدأ الكل يسألها عن تجربتها والمواقف التي عاشتها وتعرضت لها فقالت: أكثر موقف إنساني أثر في كان عندما ولدت سيدة من دمنهور طفلين ملتصقين بالرأس وقام أطباء من مستشفي بنها بفصل الطفلين بنجاح في عملية هي الأولي من نوعها في العالم وكنت وقتها نائب القنصل العام في شيكاغو عام2006 وإهتمت أوبرا وينفري المذيعة الأشهر في العالم بهذه العملية فإتصل مكتبها بالقنصلية وبدأنا نرتب معها لتصوير حلقة استضافت فيها الأطباء والأم علي حسابها الخاص للحديث عن الطب والأطباء المصريين وأخبرني طاقمها أنها تريدني معها علي المسرح فإعتذرت لإني دبلوماسية ولكنها أصرت كنوع من التقدير لما فعلته, فلم أنم ليلتها وفي اليوم التالي ظللت أشعر بقلق خاصة أنها لا تلتقي ضيوفها قبل التصوير حتي إنتهينا من التصوير وكانت حلقة مشرفة عن الطب في مصر سعدت بها جدا. وهنا تدخلت عبير كراوية وقالت لها: إحكي لنا عن لقائك بجورج كلوني فضحكت نبيلة وقالت: لا أتواجد في مكان فيه سيدات جميلات مثلكن إلا وأسمع هذا السؤال.. الحكاية أن الفنان العالمي جورج كلوني كان في زيارة الي مصر علي رأس وفد لمناقشة موضوع دارفور وكنت وقتها أعمل في المراسم بوزارة الخارجية فأمرني الوزير أحمد أبو الغيط أن أرافقه في زيارته لمصر وجولاته ومحاضراته في الجامعة الأمريكية والتي إستغرقت خمسة أيام ففعلت.. فكان هذا التكليف السبب في شعور الزميلات بالوزارة بالغيظ مني والحقد علي وكنت أشعر أنهن يردن قتلي, ثم ضحكت وقالت بالطبع أنا أمزح فهذا جزء من عمل الدبلوماسي ولكن للحق فهو شخصية لطيفة جدا. كاريمان والدير وهنا أشارت إيمان سليم لنبيلة وقالت لها إحكي لنا قصة كاريمان, فقالت: حكاية كاريمان هي حكاية إنسانية صعبة فهي طفلة مصرية مسلمة كان عمرها5 سنوات حينما تعلقت أمها بشاب ايطالي في شرم الشيخ وسافرت معه إلي إيطاليا وما لبث الشاب أن هجر الأم فقامت بإيداع إبنتها في دار للراهبات بالفاتيكان وإنتحرت, وبعد أربع سنوات طلب جد الطفلة عودتها إلي مصر وكنت وقتها قنصل مصر في روما وكانت الطفلة قد نسيت اللغة العربية وتعلقت بالدير والراهبات وصار لها حياة وأصدقاء فكان من الصعب جدا إعادتها إلي مصر خاصة وهي ترفض ذلك فدخلنا في قضية وكسبناها, ولكن من الناحية الإنسانية كان الموضوع دقيقا فقمت بعدة زيارات لها ورتبت لها حفلة بالسفارة وأعددت لها أطعمة مصرية وأحضرت أولادي وأولاد العاملين بالسفارة لتتعرف علي شكل الحياة في مصر وأقنعت الحكومة الإيطالية بأن تتكفل بنفقاتها في مصر وتضعها في المدرسة الإيطالية هناك وتعد لها غرفتها في منزل جدها مزودة بكمبيوتر لكي تتمكن من التواصل مع صديقاتها وبالفعل تم ذلك, ولكن يوم عودة الطفلة إلي مصر كان يوما صعبا أبكي كل العاملين بالمطار فقد حضرت الطفلة وهي تبكي ووراؤها أتوبيسات تحمل صديقاتها اللاتي ودعنها بالبكاء وقبل أن تصعد الي الطائرة لاحظت أنها ترتدي صليبا مع العلم أنها مسلمة فجلست معها وحدنا وطلبت منها أن تخلعه وأخبرتها أننا نحمل الله في قلوبنا وأننا جميعا مسيحيين ومسلمين نعبد الله واحدا.. وهنا صفق الجميع للوزيرة المسيحية التي تتصرف بنبل فقالت والدموع تملأ عينيها بالطبع هناك بعد ديني وإنساني في هذه القصة فنحن نتعامل مع بشر فلابد من مراعاة كل الأبعاد الإنسانية وكان علي أن أضع نفسي مكان الطفلة التي كانت تبكي وكذلك أصحابها والراهبات وقد كنا نخشي أن تنتحر في الطائرة لأنها كانت صغيرة غير مدركة لما يحدث ولكني تنفست الصعداء حينما وصلت إلي مصر وتسلمها جدها بسلام. نبيلة و بعبع الخارجية وبينما الحديث يتواصل قالت أماني شفيق: يا نبيلة حدثيني عن عملك في الخارجية وبدون تفكير قالت: أنا أعشق عملي بالخارجية وقد عملت مع الكثير من السفراء الذين أدين لهم بالفضل ومنهم السفير الراقي المحترم أحمد البديوي سفيرنا في اليونان أما من شجعني وأدين له بالفضل فهو السفير أشرف راشد أو بعبع الخارجية كما يطلقون عليه فقد عملت معه في الفترة من2007 الي2011 وكان وقتها سفيرنا في إيطاليا وكنت أخشي هذا الرجل المعروف بحزمه وشدته حتي إنني كنت إذا تصادف وجودنا معا في انتظار المصعد في الوزارة كنت أفضل الصعود علي السلالم وساقتني الأقدار لأعمل تحت رئاسته حيث كنت القنصل في روما وهو السفير فكان دائم التشجيع لي وكان يوافق علي كل أفكاري وينميها وقد أعطاني مساحة من الحركة والإنطلاق لمساعدة الناس فوافق علي فكرتي المجنونة بعمل مكتب قنصلي متنقل يوم الأجازات ينتقل بطاقم كامل الي المدن التي توجد بها كثافة من المصريين لتخليص حاجاتهم بالإتفاق مع بلديات المدن الذين كانوا يوفرون لنا مكانا في البلدية نعمل به يوم السبت, وكنا نحمل معنا الأختام والدمغات والأوراق للتسهيل علي المصريين.. كما أتذكر أنه أنه عندما غرقت مركبتان علي السواحل الإيطالية عام2007 كانتا تحملان300 من المصريين في هجرة غير شرعية طلبت منه أن أذهب الي صقلية لمتابعة الموضوع فوافق وعندما عدت أخبرني أنه معجب بما فعلت ولكن ما أستوقفه أن تقوم سيدة بالتنقل بين المراكب والمعديات وفي وسط هذه الظروف الصعبة فقلت له ان هذا هو عملي وواجبي فقال لي إنه كتب في تقريره عني أني أفضل دبلوماسية عمل معها وكانت النتيجة أنه أصر أن أقوم بالمشاركة في الحلقة التي قام بها مفيد فوزي عن الهجرة غير الشرعية للمصريين ولكني رفضت لأنه لا يوجد حديث بعد ما يقوله السفير فغضب وفي اليوم التالي طلبني في مكتبه فذهبت وفوجئت أنه أعد للقاء وأمرني بالجلوس وعمل الحوار ووقف خلف الكاميرا يشجعني وهذه فرصه لأقول له شكرا سيدي السفير فقد تعلمت منك الكثير. زوجة وأم وست بيت وطبعا قبل أن ينتهي حديث الأصدقاء سألتها نيفين عاصم عن أحب أكلة لها فقالت: أنت نسيتي يا نيفين ورق العنب طبعا أنا أشطر واحدة تعمله وتاكله وأولادي وجوزي بيحبوه جدا فقالت داليا صقر: وهاني جوزك عامل أيه ؟ مش متضايق من شغلك فقالت وهي تضحك: بالعكس جوزي المهندس هاني منير متفهم جدا وهو اللي بيشجعني وكل حاجة أنا حققتها كان هو واقف وراها هو وأولادي رامي20 سنة وأندرو15 سنة وجون10 سنين اللي كانوا بينتقلوا معايا من بلد الي بلد لأن أنا قناعاتي أن الأم لابد ألا تنفصل عن أولادها لأي سبب فالدور الآهم للمرأة هو كونها أم قبل أي شئ.. وهنا تدخلت شيرين موسي قائلة كلام ليس بغريب علي نبيلة الفتاة المثالية علي مستوي المدرسة عام1987. وبعد هذا اللقاء إنتهت الاحتفالية وركبت الوزيرة سيارتها ورحلت عائدة إلي القاهرة تحمل معها ذكريات جميلة وضحكات صافية ودعوات قلوب من أحبوها بصدق ووثقوا فيها فأسعدتهم وهكذا عاشت المدرسة يوما جميلا مليئا بالآمل والمرح و البهجة.. وبقي أن أقول إن اختيار نبيلة مكرم ابنة طبيب أمراض القلب وخريجة مدرسة جان أنتيد بالإسكندرية وزيرة للهجرة جاء ليدق جرس الفسحة بكل حب في المدرسة وفي الإسكندرية وفي مصر كلها ويعلن بكل قوة أن من جد وجد وأن تعب الإنسان وسعيه لن يضيع هباء وأن باب الأمل مفتوح لكل شرفاء الوطن وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقول إن نبيلة مكرم عبد الشهيد ليست مجرد وزيرة ولكنها جزء من حكاية وطن يحاول أن يقوم من كبوته لينهض ويفيق ويأخذ مكانه بين الأمم بالحب والعمل والإخلاص.. بإختصار إنها حكاية وزيرة علي درجة إنسانة.. فالقصص والحكايات الإنسانية هي كلمة السر في نجاح أي إنسان ويبقي الحب هو السحر والساحر.