لا يمكن أن يكون ما يبثه الإعلام العالمي والتقارير العسكرية الواردة من الدول الكبري معبرة حقا عما يحدث بالعراقوسوريا . فما نسمعه يثير الكثير من التساؤلات ولا يمكن قبوله ببساطة إلا بالغاء قدر كبير من العقل وبوقف الاستنباط ووضع الجمل والتصريحات بجانب بعضها البعض فكون 56 دولة بقيادة الولاياتالمتحدة تدك مواقع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش )منذ أكثر من عام ولم يتغير الوضع علي الأرض لهو لغز كبير . وها هو رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية الجنرال مارك ويلش يقول إن ذخائر الجيش الأمريكي بدأت تنفد مع إطلاق 20 ألف قنبلة وصاروخ ضد مواقع التنظيم ، مؤكدا الحاجة لتوفير التمويل اللازم لضمان استمرار الحرب طويلة المدى ضد التنظيم . وإذا كان هذا العدد الضخم من الصواريخ قد إُستخدم وما زال التنظيم موجودا بل ويتمدد ، فهل سيحتاج الأمر إلي قنبلة ذرية ؟ وإذا كانت الدول الكبري ومعها ايران وحكومة العراق تتحدث عن انتصارات علي التنظيم ، فما الحاجة لإنضمام وتدخل دول أخري مع ترسانتها الجوية الجبارة مثل فرنسا وبريطانيا وروسيا وغيرهم .فالأمر لا يخرج حتي يكون منطقيا عن ثلاثة توقعات : أولها : أن التنظيم أقوي من هذه الدول ، وعنده من التكتيكات والاستراتيجيات التي اكتسبها في أفغانستانوالعراق وغيرهما ما يجعله يُفشل كل الضربات الجوية . التوقع الثاني: أن التنظيم مجرد شماعة لتنفيذ سياسة الأرض المحروقة ، وأن العراقوسوريا خلا ل الفترة القادمة سيكونان بتركيبة سكانية جديدة تكون فيها الطائفة السنية أقلية ، مع إعادة بناء وإعمار هذه الدول بأموال النفط كما تفعل اسرائيل كل مرة تُدمر فيها غزة ، والرابح الأكبر شركات وإقتصاد الدول الكبري . التوقع الثالث يظهر في حديث نبوي رواه الإمام مسلم في صحيحه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى يُحْسَر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، فيقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا أنجو). يقول الإمام النووي - في شرح صحيح مسلم - في معنى انحسار الفرات : (ومعنى انحساره، انكشافه لذهاب مائه، وقد يكون بسبب تحول مجراه، فإن هذا الكنز أو هذا الجبل مطمور بالتراب، وهو غير معروف، فإذا ما تحول مجرى النهر لسبب من الأسباب ، و مر قريباً من هذا الجبل كشفه ، و الله أعلم بالصواب ) أه . وهناك تفسيرات كثيرة بالطبع لهذا الحديث منها أن الانحسار يحدث في آخر الزمان مع خروج النار التي تحشر الناس من عدن باليمن ، وهي من علامات الساعة الكبري . ومع التفسير الأول قد يكون معقولا هذا التكالب الدولي علي الذهاب إلي سوريا ، ورغبة كل الدول الكبري أن تكون في الصورة وأن تشارك ، كأن هناك شيئا خفيا تعرفه هذه الدول ، وهي تريد ألا تفقد حظها من كعكة لا يتحدثون عنها علنا ويريدون اقتسامها سويا . [email protected] لمزيد من مقالات عبدالفتاح البطة