فى وقت لا تكف أصوات المدافع والطائرات وآلة القتل الجهنمية عن الدوران فى مناطق عدة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا, وفى دول تطل على البحر المتوسط، قدم زعماء مصر واليونان وقبرص نموذجا للتعاون الإقليمى بين دول يجمعها جوار جغرافى واحد ووعاء حضارى, تلاقت خلاله الحضارتان المصرية القديمة والهيلينية فى اليونان القديم على شواطئ الإنسانية والنهل من العلم وينابيع الحضارة على مدى قرون طويلة. واليوم تقف المجتمعات, التى مازالت تمثل أقطابا حضارية لايمكن أن يهزمها الزمن، فى وجه الانهيار والخراب الضارب فى ربوع المنطقة, يحاولون العبور بالإقليم إلى شاطئ أكثر رحابة من التفاهم والتعاون والثقة المتبادلة. فى محادثات أثينا بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس وزراء اليونان ودظيس قبرص كان التركيز على مناحى التعاون فى مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة والسياحة والنقل البحرى والثقافة فضلا عن التنسيق فى قضايا مكافحة الإرهاب ووقف الجماعات المسلحة التى تفتك بمصير شعوب فى بلاد الشام وليبيا واليمن, وتهدد سائر المنطقة العربية وحوض البحر المتوسط. التقى «الأهرام» فى أثناء الزيارة الأكثر من ناجحة للرئيس السيسى إلى أثينا بكلا من رئيس الحكومة اليونانية والرئيس القبرصى، فى حديثين اختصا بهما الصحيفة، للإطلال على القارىء المصرى والعربى حيث تحدثا فى كل جوانب الرؤية الثلاثية للتعاون بين القاهرةوأثينا ونيقوسيا وكيفية تطوير علاقات التعاون الاقتصادى فى ظل مناخ إيجابى للغاية خاصة ما يتعلق بترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة لكل بلد وحيث تؤكد اليونان أنها ترغب فى أن تكون الجسر على المستوى الإقتصادى بين قناة السويس الجديدة وميناء شرق بورسعيد وبين أوروبا وهو ما يدعم دور مصر فى محاربة الإرهاب وفى تحقيق الاستقرار فى الإقليم, وصبت رؤية الرئيس القبرصى ورئيس الوزراء اليونانى، ومن قبلهما الرئيس اليونانى فى حديثة المنشور صباح الثلاثاء الماضى، على تقدير الموقف المسئول من جانب مصر والرئيس السيسى بإعتبار "الأصولية الجهادية" موجهة فى نهاية المطاف ضد الدين الإسلامى وأن الأحداث الأخيرة فى الشرق الأوسط تؤكد ضرورة استقرار مصر، التى هى ذات ثقل كبير فى العالم العربى, ويمكنها أن تسهم بشكل فعال فى التصدى للتحديات الإقليمية وللإرهاب بشكل خاص أينما وجد فى سوريا أو العراق أو ليبيا أو لبنان وغيرها. ويؤكد رئيس حكومة اليونان ورئيس قبرص فى المقابلتين أن التعاون على أساس احترام جميع القوانين الدولية ومبادئ حسن الجوار والعمل المشترك لتحقيق التنمية والازدهار فى صالح شعوب الدول الثلاث وفى مصلحة حوض المتوسط ، بينما كان الرئيس القبرصى يعبر بصدق عن علاقات قوية ومتينة عندما قال فى حواره أن اكتشاف حقل الغاز الطبيعى «ظهر» هو خبر سار بالنسبة لمصر ولمنطقة شرق البحر المتوسط بشكل عام، وهو دليل ملموس على إمكانات الطاقة التى يوفرها شرق المتوسط. ملفات عديدة ومتنوعة على المستوى الثنائى والثلاثى والإقليمى والدولى تضمنت فى الحديثين مع الرئيس القبرصى ورئيس الحكومة اليونانية . لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام