لا أظن أن تضامن أمريكا ومن خلفها حلف الأطلنطى مع تركيا فى مواجهة روسيا بعد حادث إسقاط المقاتلات التركية لطائرة حربية روسية يمكن أن يغير من موقف الرئيس فلاديمير بوتين الذى توعد تركيا برد قاس لن يقتصر على العقوبات السياسية والاقتصادية. ولعل ما يزيد من تشدد روسيا وإصرارها على حق الرد والانتقام أنها تعلم علم اليقين عدم صحة الرواية التركية بأن الطائرة الروسية اخترقت المجال الجوى التركى بعمق كيلو مترين داخل الحدود التركية وتعلم روسيا أيضا أن أمريكا وحلفاءها لديهم كل الأدلة على عدم صدق الرواية التركية والدليل على ذلك أن الطيارين الروسيين هبطا بمظلتيهما داخل الأراضى السورية... وأنه من غير المعقول أن يتمكن الطياران من قيادة مظلتيهما لمسافة كيلو مترين ليهبطا فى الأراضى السورية إلا إذا كانت روسيا تستخدم بساط الريح بديلا للمظلات! ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بنوعية وتوقيت الرد والانتقام الروسى الموجع الذى كان يمكن لتركيا تفاديه لو لم يصر أردوغان على أن يركب «دماغه» ويرفض الاعتذار ولكن قيام روسيا بنصب شبكة صواريخ بعيدة المدى على مسافة 45 كيلو مترا فقط من الحدود التركية السورية إشارة لها معناها! وفى الحساب السياسى والاستراتيجى لأى صراع تجرى عملية جرد مسبقة لأوراق القوة التى يملكها كل طرف وتشكل خصما من رصيد الطرف الآخر... وهنا تبدو كفة روسيا هى الأرجح فهى المورد الرئيسى للغاز الذى تعتمد عليه تركيا كما أن روسيا أكبر مستورد للمنتجات الزراعية والبضائع التركية فضلا عن أن روسيا تصدر ملايين السياح للمنتجعات التركية... وبحسبة بسيطة فإن الضغط الاقتصادى وحده من جانب روسيا يمكن أن يكلف تركيا خسائر تقترب من 35 مليار دولار سنويا إذا أضيف لكل ذلك اتجاه روسيا لمنع العمال الأتراك من تجديد تراخيص عملهم والعودة إلى فرض تأشيرات دخول مسبقة تحد من حرية الانتقال بين البلدين والتى كان العمال والتجار الأتراك الأكثر استفادة منها. والخلاصة أننا إزاء صراع بين رجلين وليس فقط بين دولتين.. بوتين الذى يجاهر بأن لديه كل مبررات الرد والانتقام فى مواجهة أردوغان الذى يعاند ويكابر ويرفض الاعتذار! خير الكلام : إذا انقلبت الصداقة إلى عداوة تصبح أشد ضراوة ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله