البابا تواضروس الثاني يهنئ الناجحين في الشهادة الإعدادية    جيش الاحتلال: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن باتجاه الأراضي الإسرائيلية    الكوكي يسافر إلى تونس للإعداد لمعسكر المصري    هشام زعزوع يشارك في مناقشة بحث علمي حول التحول الرقمي في القطاع السياحي    لجنة قطاع الآداب بالأعلى للجامعات تتفقد المعهد الأفروآسيوي بالقناة (صور)    نائب رئيس حزب المؤتمر: «مدينة الخيام» مشروع صهيوني مرفوض    أسعار نيسان باترول تقفز إلى 14 مليون جنيه وتثير دهشة المستهلكين    بايرن ميونخ يفشل في محاولة ثانية لضم جوهرة شتوتجارت    زد يرحب بانتقال محمد إسماعيل للزمالك    لامين يامال يتسلم رقمه المفضل في برشلونة    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    مصرع سيدة بطلق ناري في قرية الحجيرات بقنا.. والقبض على شقيقها    بعد الجدل حول جرأة عروضها، بلاك بينك تتألق في لوس أنجلوس    «ولاد الأبالسة».. سلوى عثمان تتعاقد على عمل درامي جديد    «بطة».. أحمد سعد يطرح آخر أغنيات ألبومه بيستهبل (فيديو)    "اكتشف موهبتك" محاضرة بثقافة الفيوم.. صور    كيف نواجة الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    أدوات النجاة للموازنة بين الضغط والصحة النفسية على هامش معرض مكتبة الإسكندرية    رئيس جامعة المنيا يبحث مع نائب وزير الصحة سبل التعاون لتنفيذ مبادرة ألف يوم ذهبية    مدبولي: الدولة تتبنى فلسفة جديدة في تصميم الطرق| خاص    كيفن هاسيت.. كل ما تريد معرفته عن المرشح الأقرب لرئاسة الفيدرالي بعد باول.. وهذه تفاصيل هجوم ترامب.. كريستوفر والر الحصان الأسود.. والرئيس الأمريكي يشيد بأداء وزير الخزانة    حامد حمدان يثير الجدل برسالة غامضة (صورة)    غلق باب الطعون في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء.. وإعلان النتيجة 20 يوليو    طعام يسبب جلطات القلب والدماغ.. ابتعد عنه قبل فوات الأوان    التصريح بدفن خامس ضحايا واقعة وفاة الأشقاء بقرية دلجا في المنيا    "أنا محبوس هستلم إعلانات المحكمة ازاي".. ماذا قال إبراهيم سعيد في اتهامه لطليقته بالتزوير؟    وزير البترول يقود جولة لكبار الضيوف للمتحف المصري الكبير    شيخ الأزهر يستقبل سفراء مصر الجدد ب 22 دولة قبل بداية مهام عملهم    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة القاهرة والحد الأدنى للقبول    المرشد الإيراني: قادرون على ضرب خصومنا بقوة أكبر مما حدث في حرب إسرائيل    ميدو عادل وأبطال مسرحية حب من طرف حامد يواصلون بروفات المسرحية و الإفتتاح شهر أغسطس على السامر    الشركة المتحدة: عدم تجديد التعاقد مع لميس الحديدي لفترة مقبلة    النائب أحمد سمير زكريا: مصر تقود صوت العقل في وجه العدوان الإسرائيلي وتحمي الإرادة العربية    كيف اتعامل مع جار السوء؟.. مصطفى عبد السلام يجيب    السد العالي جاهز لاستقبال الفيضان.. خبير يكشف سيناريوهات جديدة بشأن سد النهضة    تنفيذ 50 ألف حكم قضائي وضبط 300 قضية مخدرات خلال يوم واحد    زراعة شمال سيناء تتابع المرور على محال المبيدات والأسمدة في العريش    جامعة بنها تنظم أول مدرسة صيفية أونلاين بالتعاون مع ووهان الصينية    تشييع جثمان ميمي عبد الرازق مساء اليوم من مسجد الكبير المتعال ببورسعيد    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    «أوقاف السويس» تنظّم ندوة في ثالث أيام الأسبوع الثقافي    رئيس جامعة أسيوط: المدن الجامعية تمثل عنصرًا أساسيًا في منظومة التعليم الجامعي    مفاجأة عاطفية.. توقعات برج الثور في النصف الثاني من يوليو 2025    بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟    شاهده مليون شخص.. تعرف على تفاصيل أحدث أفلام كريم عبدالعزيز في السينمات    كنوز| ذكرى «أمنحتب» القرن العشرين صاحب موسوعة الحضارة المصرية    غرفتا مطروح والأقصر تناقشان تعزيز التبادل التجاري ودعم المشروعات المحلية    «علاج طبيعي القاهرة» تطلق غدًا مؤتمرها الدولي حول جودة الحياة والذكاء الاصطناعي    مصرع سائق وإصابة ابنته فى حادث تصادم سياريتين على طريق "الغردقة - غارب"    رئيس الوزراء يوجه بالتعاون مع الدول الإفريقية فى تنفيذ مشروعات لتحقيق المصالح المشتركة    تحرير 531 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 787 رخصة خلال 24 ساعة    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    بتوجيهات السيسي.. وزير الخارجية يكثف الاتصالات لخفض التصعيد في المنطقة    رئيس قطاع الصحة بالقاهرة يجتمع لمتابعة فعاليات حملة 100 يوم صحة    الجيش الإسرائيلي يبدأ شق محور جديد داخل خان يونس    الفضة بديلا للذهب.. خيار استثماري وفرص آمنة للادخار    مفاجأة منتظرة من ممدوح عباس وجون إدوارد ل جماهير الزمالك.. خالد الغندور يكشف    قتلى ومصابون جراء قصف روسي على عدة مناطق في أوكرانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توابع انفجار عقد الغاز‏!‏
مصر تحتاج الغاز‏..‏ وإعادة التصدير خط أحمر
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 04 - 2012

طبيعي جدا أن ينزعج الإسرائيليون من قرار وقف تصدير الغاز المصري‏,‏ فهم يريدونه بلا ثمن أو بثمن بخس‏..‏ لا فرق في الحالتين‏,‏ لكن من غير الطبيعي أن يحاول المتعصبون الإسرائيليون لي عنق الحقيقة‏, وتعبئة الرأي العام الاسرائيلي, من خلال ربط قرار وقف تصدير الغاز إليها بخرق معاهدة السلام مع مصر, ثم يتراجع المسئولون الإسرائيليون عن تلك التصريحات فيما بعد, واعترفوا بأن القرار لا يعدو كونه خلافا تجاريا بعد أن تقاعست شركة شرق المتوسط المصدرة للغاز إلي إسرائيل, عن الوفاء بالتزاماتها المالية لمصر لمدة4 أشهر متتالية!
وفيما بين الغضب الإسرائيلي, والارتياح الشعبي المصري, تراوحت المواقف في قرار فسخ عقد تصدير الغاز!.. حيث أكدت الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي انه لا مانع لدي مصر من التوصل الي عقد جديد بشروط جديدة وأسعار جديدة لإعادة تصدير الغاز.. لكن الشعب يرفض إعادة تصدير الغاز في أغلبه, والخبراء في مجال الغاز والبترول يحذرون من نقص شديد في الغاز والمنتجات البترولية حيث وصل الدعم نتيجة استيراد منتجات بترولية بديلة للغاز إلي115 مليار جنيه سنويا.
ويبقي السؤال: كيف يري الخبراء والقوي السياسية قرار فسخ العقد؟.. وكيف تفاعلوا مع تصريحات وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الدكتورة فايز ابو النجا التي أفسدت فرحة المصريين فهو مطلب شعبي.. وأخيرا هل يؤثر قرار فسخ العقد علي العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل؟.. في هذا التحقيق نرصد لكم التفاصيل..
قرار تجاري وليس بطوليا!
وبشكل عام, يري النائب أبو العز الحريري أن قرار فسخ العقد هو قرار تجاري وليس سياسيا, والحقيقة أن القرار لم يصدر استجابة للرأي العام المصري- الذي كان ولا يزال- يرفض- وبشكل قاطع- اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل لانخفاض أسعار تصديره عن الأسعار العالمية, فضلا عن عمليات تفجير خط الغاز والتي وقعت14 مرة, مما خلق قناعة لدي المجلس العسكري و لدي الجانب الإسرائيلي بوجود صعوبة في تنفيذ اتفاق تصدير الغاز, والعجيب أن الشركة المصدرة للغاز لإسرائيل لم تسدد ثمنه منذ عام2008 وطلبت مهلة سماح لسداد المتأخرات بعد4 سنوات, وتقسيط المبلغ علي10 سنوات, ومع ذلك كان الإسرائيليون يرغبون في استمرا ضخ الغاز, ومع ذلك عندما صدر قرار فسخ العقد- الذي لم يكن في رأيي موقفا وطنيا ولا بطوليا- فوجئنا بالدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي تقول انه لا مانع لدي مصر من التوصل الي عقد جديد بشروط جديدة وأسعار جديدة لإعادة تصدير الغاز الي إسرائيل, لكني سأتقدم بطلب إحاطة إلي مجلس الشعب حول القضية, إذ كيف يباع الغاز المصري بما يتراوح بين75 سنتا و3 دولارات للمليون وحدة حرارية في حين يقدر السعر العالمي بما يتراوح بين13 و14 دولارا للمليون وحدة حرارية.
القضاء صاحب الكلمة
كان للدكتور إبراهيم زهران خبير البترول الدولي دورا كبيرا في قضايا تصدير الغاز لإسرائيل فسألته: هل يمكن إعادة الغاز بشروط جديدة؟ فيشير زهران إلي أن المحكمة الإدارية العليا كان لها حكم واضح في قضية تصدير الغاز لإسرائيل يوم27 فبراير عام2010 حيث تداولت القضية في المحكمة3 سنوات فكان الحديث علي أن قضية التصدير من أعمال السيادة, وأن المحكمة ليس لها أن تنظر في أعمال السيادة, علي رغم أن القانون حدد السيادة في إعلان الحرب أو الهدنة أو إنهاء الحرب وليس تعاقدا بتروليا, وللأسف توسعت الحكومة السابقة في عهد الرئيس المخلوع مبارك في استخدام كلمة سيادية لدرجة أنه أصبح هناك وزارات سيادية وجهات سيادية وغيرها وعلي ذلك يجب أن يطيع الشعب السيادة فنحن لسنا في عصر عبيد لأن النظام البائد أمعن في إذلال الشعب, وخلال السنوات الثلاث للقضية لم تتقدم الحكومة بمستند واحد يثبت أن التصدير للغاز من أعمال السيادة, ولذلك جاء في حكم المحكمة أن التصدير من أعمال السيادة وبالتالي لن تنظر المحكمة فيه, لكن المحكمة في البند الثاني ألغت القرار100 وهو القرار الصادر من وزير البترول بتفويض محمد إبراهيم طويلة رئيس الشركة القابضة للغاز وإيراهيم صالح محمود رئيس الهيئة العامة للبترول في التعاقد مع حسين سالم وتحديد الكميات والأسعار ومدة التوريد فإذا ألغي هذا القرار سقط كل ما يترتب عليه أي التعاقد مع حسين سالم, والبند الثالث في الحكم: إن كان هناك عملية لتصدير الغاز يجب أن تخضع للآتي: أولا دراسة احتياطيات السوق المحلية وإن كان هناك فائض يمكن التصدير منه, ثانيا دراسة أسعار الغاز في الأسواق المجاورة لتحديد سعر التعاقد, ثالثا أن يكون التعاقد بحد أقصي عامين. ومن هنا إذا طبقنا هذا الحكم علي ما تقوله الوزيرة فايزة أبو النجا بإمكانية إعادة الغاز لشركة شرق المتوسط بشروط جديدة, فأولا السوق المحلية المصرية يحتاج بشدة للغاز الطبيعي وليس لدينا فائض للتصدير كما كان يدعي سامح فهمي, كمحطات توليد الكهرباء والمصانع والمنازل وصناعة السماد وغيرها, فمصر تمر بأزمة طاقة طاحنة, كما أن خطط التنمية أحق بكل قدم غاز, أما السوق المجاورة, فمتوسط السعر في منطقة البحر المتوسط الشهر الماضي كان12.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية وهي تساوي ألف قدم مكعب, وبذلك حسمت المسألة فيجب أن تعلم الوزيرة فايزة أبو النجا أنه لايوجد فائض للتصدير, كما أن إسرائيل لن تشتري بهذا السعر علي الإطلاق خصوصا أن إسرائيل علي وشك استخراج الغاز من البحر المتوسط, وتكلفته عليها أقل بكثير من السعر العالمي.
رفض جماهيري
الشعب المصري سعيد بوقف اتفاق الغاز.. فهل إعادة الغاز بأسعار جديدة وشروط جديدة ترضي الجمهور المصري أم الفرحة سببها أن الشعب المصري يرغب في وقف التصدير لإسرائيل؟
أجاب الدكتور إبراهيم زهران أن الفرحة الشعبية بوقف إمداد إسرائيل بالغاز المصري لأنه رفض جماهيري دون النظر لسعر وشروط, وفي ظل هذه الفرحة يجب ألا نطفئها بإعادة ضخ الغاز الذي نحتاجه بدلا من استيراد البدائل ودعمها بعشرات المليارات من الدولارات سنويا, فمن الأفضل لوزيرة التخطيط أن تقول خيرا أو تلتزم الصمت علي حد قول الدكتور زهران لأن ذلك سيكون إهانة لمشاعر المصريين واستنزافا لثرواتهم ونحن في حالة ثورة, والمسئولون في اسرائيل يدركون ذلك.
ويشير إلي أن شركةEMG وهي غاز شرق المتوسط تشتري الغاز الطبيعي من مصر بنحو75 سنتا وتبيعه لإسرائيل في حدود3 دولارات مما ينتج عن ذلك عمولة يومية تقدر بنحو3 ملايين دولار في هذا السعر المتدني دون أن نتطرق لاسعار السوق, فوزير المستوطنات الإسرائيلي صرح بأن مكسب إسرائيل من الغاز المصري10 مليارات دولار في السنة علي حساب الفرص البديلة, وهذا ما تخسره مصر في الحقيقة بالإضافة للعمولة اليومية, وعند وقف تصدير الغاز للشركة المصدرة لإسرائيل يتوجه الغاز للسوق المحلية في توليد الكهرباء وتوفير البدائل المرهقة ماديا وكذلك استكمال مخطط توصيل الغاز للمنازل للتغلب علي أزمة أنابيب البوتاجاز ودعمها كما ان صناعة السماد في أشد الحاجة له وباقي الصناعات, وكل ذلك سيوفر استيراد جزء كبير من المنتجات البترولية البديلة التي يتم دعمها علي حساب المواطن المصري.
الخطوة الأولي
ويحدد الدكتور إبراهيم زهران نقطة أخري محورية مهمة وهي أن وقف الغاز لشركة غاز شرق المتوسط التي تصدر الغاز المصري لإسرائيل يجب أن تكون الخطوة الأولي في عملية إصلاح شاملة في مجال تصدير الغاز كخام أو تصدير الدعم في شكل غاز مصنع أي سماد ومسيل, فإذا حصلت مصر علي السعر العالمي العادل في تصدير الغاز والغاز المصنع خصوصا كثيف استخدام الطاقة مثل السماد الذي يتكلف الطن منه30 دولارا في مصر ويصدر بنحو650 دولارا مع العلم أن أكثر من90% من خام السماد هو الغاز الطبيعي ومصر تعاني من أزمة في السماد, فسيتم إلغاء دعم الطاقة في مصر ونبدأ تنفيذ خطط التنمية وفقا لأصول سليمة ودراسات علمية مستفيضة ومحاسبة القائمين علي الدراسات والخطط حتي يعرف كل واحد دوره الصحيح ولا يخضع لضغط سياسي, ولايمكن أن يكون الإصلاح بأدوات الماضي, فكل من شارك في الاتفاقات المشبوهة في الغاز والبترول يجب أن يستبعد من خطة الإصلاح لما أحدثوه من فساد وإهدار لثروات مصر, ويجب محاسبتهم, ولن يأتي مستثمر جاد في قطاع البترول إلا إذا شعر بأن هناك شفافية ومحاسبة علي كل شئ ويجب ألا تكون هناك جوانب سرية في الاتفاقات لأنها السبب في تخريب الثروات, فكل اتفاق جعلوه في نظام مبارك صندوق اسود وتحول لأسرار مع أن أنها ثروات طبيعية ملك الشعب ويجب أن يكون علي علم بها وبما يدور من اتفاقات, فكل العلاقات الغامضة في الغاز والبترول يجب أن تطرح للرأي العام.
وينبه الدكتور زهران إلي أن فتح إعادة تصدير الغاز لإسرائيل بأي شكل أو شرط أو ظروف معينة هو تحد للإرادة الشعبية وإشعال فتيل ثورة جديدة بعد الفرحة الغامرة بوقف التصدير, فكان ملف تصدير الغاز لخدمة توريث الحكم وإرضاء اسرائيل عن مبارك الذي كان يدعم أبنه والآن وقد أغلقت القصة فلحساب من يتم إعادة التصدير بعد وقفه قانونا, وللعلم قام الدكتور إبراهيم بتقديم16 قضية في مجال تصدير الغاز في بلاغ واحد يوم16 فبراير العام الماضي والمتهم فيها سامح فهمي.
الحسبة الصعبة
كما قلنا إلغاء اتفاق تصدير الغاز المصري لإسرائيل عن طريق شركة شرق المتوسط لايعد أن يكون مجرد نزاع بين شركتين والحديث هنا للدكتور أيمن جاهين خبير اقتصادات البترول ومدير عام بالشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية, ويوضح أنه حدثت فرحة مصرية في الشارع بوقف تصدير الغاز ورحبت كل الأحزاب والقوي السياسية بهذا القرار, ولعل تصريح وزير الكهرباء الدكتور حسن يونس يعكس أهمية هذا القرار ومدي احتياج مصر لهذا الغاز عندما قال نحن أولي بهذا الغاز, خاصة مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع الحرارة حيث يزيد الطلب علي الكهرباء وكذلك لمقابلة الاستهلاك المتنامي في شهور الصيف الملتهبة ولايوجد عملة لاستيراد الوقود البديل لتشغيل المحطات, وبالفعل نحن في أشد الحاجة للغاز الآن, فالكميات المتوافرة من اسرائيل نوجهها محليا بدلا من الضغط علي حقول الغاز خاصة في الصيف لاستخراج كميات إضافية من الغاز كما حدث في السنوات السابقة وكان هناك أزمة بين وزيري الكهرباء والبترول من عامين وتدخل فيها الرئيس المخلوع, وتسبب ذلك في تناقص الانتاج في الحقول مثل حقل البرولس ومن ثم نقص الانتاج بنسبة30% حيث كان ينتج ملياري قدم مكعب يوميا ووصل إلي1.4 مليار قدم, وسببه سياسات انتهاج خاطئة.
لكن ما هو سعر الغاز المصري وكيفية تسعيره؟
يقول الدكتور أيمن جاهين: للأسف التسعير في مصر ليس له قاعدة, وأسلوب تسعير الغاز الصحيح المستقبلي, إذا أردنا تغيير العقود الظالمية يجب أن يخضع للقاعدة التالية: وهي التكلفة أي سعر شراء الغاز من الشريك الأجنبي بالإضافة للضرائب التي تدفعها مصر عن الشريك الأجنبي والاتاوة التي تحصل عليها الهيئة العامة للبترول ونسبتها10% تضاف تكلفة النقل عليها وعائد مقابل النضوب, وهذا إذا كانت مصر ليست في حاجة للغاز لكن للأسف يتم استيراد كثير من المنتجات البترولية التي وصل دعمها في الميزانية إلي115 مليار جنيه سنويا, في حين أصدر1.7 مليار متر مكعب لاسرائيل سنويا والمتر يساوي أكثر من35.3 قدم مكعب أي أكثر من60 مليار قدم مكعب سنويا, ونصدر كل ألف قدم لاسرائيل بأقل من دولار.
والاسعار المناسبة في حالة وجود فائض وهذا غير ممكن لكن نضرب مثلا بتصدير روسيا لأوكرانيا الغاز وبينهما مصالح متعددة لأنهما متجاورتنا ويمر الغاز الروسي المصدر لأوروبا عبر الأراضي الأوكرانية وبالتالي لابد أن أوكرانيا لها مميزات خاصة و علي رغم ذلك تصدر روسيا الغاز لأوكرانيا بأسعار تفضيلية وينص اتفاقهما في عام2009 وهو ليس سرا مثلما فعل النظام السابق في مصر أن تستورد أوكرانيا52 مليار متر مربع سنويا من روسيا بسعر يتراوح بين330 و450 دولار لكل ألف متر مكعب, أي ما يوازي من9.35 إلي12.75 دولار لكل ألف قدم مكعب وهذه أسعار تفضيلية تحكمها خدمات وروسيا تتمني رضا أوكرانيا.
ويوضح الدكتور أيمن جاهين الفروق التي ستعود علي مصر من استخدام الغاز بديلا لمصادر الطاقة الأخري, فالوحدة الحرارية للمازوت سعرها10 دولارات والسولار16 دولارا والبوتجاز18 دولارا, وللأسف نصدر الوحدة الحرارية للغاز الطبيعي بأسعار متدنية لاتذكر حول الدولار الواحد, فكلما استخدمنا وحدة حرارية من الغاز نوفر نحو10 دولارات, وللعلم أسعار الطاقة في تزايد, ولابد من الحفاظ علي ثرواتنا لعدم وجود البديل لعدة سنوات مقبلة.
الخلط المرفوض
والأمر كذلك في رأي الدكتور أسامه الغزالي حرب أستاذ العلوم السياسية والرئيس الشرفي لحزب الجبهة الديمقراطية, حيث يري أن تصدير الغاز لإسرائيل هو في قضية اقتصادية يفصل فيها الخبراء, وعليهم مسئولية تحديد مدي احتياجه للسوق المحلية, فإذا كنا نحتاجه فليمتنعوا عن تصديره, وإذا لم نكن في حاجة إليه فإنه يمكن تصديره سواء لإسرائيل او لغيرها, وإذا كنا نرتبط مع إسرائيل باتفاق سلام, فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أسعار تصدير الغاز المصري لها عادلة أم لا؟.. وهل تتوافق مع السعر العالمي أم لا؟.. وإذا لم تكن تتفق مع السعر العالمي فنحن أمام جريمة يجب أن يحاسب كل من ارتكبوها, وبالتالي يجب إعادة النظر في أسعار تصدير الغاز عند عقد اتفاق جديد. وفي كل الأحوال, والكلام مازال للدكتور أسامه الغزالي حرب- فإننا يجب أن نتسق مع أنفسنا في شأن اتفاقية السلام مع اسرائيل, وهل نرفضها أم نقبلها بعد تعديلها؟.. ومن حق الشعب المصري كله أن يقرر ذلك.. وإذا قبلنا اتفاقية السلام تبقي القضية ليست تصدير الغاز لاسرائيل أو لأي دولة أخري من عدمه, ولكن القضية المحورية هي أننا يجب أن نقرر مدي احتياجنا للغاز من عدمه, وهل اسعر الذي نصدر به يتوافق مع السعر العالمي أم لا, وكلها قرارات يجب أن يتخذها الخبراء والمسئولوين المعنيون بالامر, ذلك أن التصدير قرار اقتصادي فني, أما خلط القضايا السياسية والاقتصادية فهو أمر غير مطلوب, كما أن اتفاق السلام يجب أن يخدم الاقتصاد المصري كما يخدم الفكرة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.