أوضح الدكتور وليد زيدان نائب رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المنسق الوطنى أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى استطاعت الخروج بالحلم النووى إلى النور بعد الإعلان عن فوز شركة «روز أتوم» الروسية بإنشاء محطة الضبعة التى تشمل أربعة مفاعلات لإنتاج 4800 ميجا وات من الطاقة الكهربائية. وشهد الرئيس توقيع اتفاقيتين ومذكرة تفاهم بشأن ذلك. وقال إن مصر اختارت مبدأ التعامل فى إنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء على أرض الضبعة من خلال نموذج الشريك الإستراتيجى لما لذلك من مزايا والتى تتمثل فى أنه يتيح للحكومة المصرية تخفيض زمن الإنشاء وتشغيل المحطة، وايضا ضمان استدامة توريد الوقود النووى اللازم للتشغيل الآمن والمستمر، إلى جانب تعزيز الصناعة المحلية وتوطين ونقل التكنولوجيا النووية وبناء عليه قامت الحكومة المصرية بتشكيل فريق عمل تفاوضى يغطى جميع الجوانب الفنية والقانونية والمالية والتعاقدية والسياسية والأمنية ويتكون الفريق من خبراء مصريين على أعلى مستوى من الكفاءة ممثلين عن كافة الوزارات والأجهزة المعنية فى الدولة، وقد بدأ الفريق عمله منذ نوفمبر من العام الماضى بالتفاوض الكامل مع جميع الشركات الدولية التى تمتلك خبرات توريد وإنشاء محطات القوى النووية من نوع الماء العادى المضغوط، وهو أكثر الأنواع شيوعا فى العالم، حيث يمثل هذا النوع أكثر من 65% من مفاعلات القوى النووية العاملة حاليا فى العالم، وتلقت الحكومة عروضا فنية وتمويلية من روسيا الاتحادية وجمهوية الصين وكوريا الجنوبية، وخضعت العروض الثلاثة للآليات من التقييم الفنى والمالى والتمويلي، ومنحت الشركات المقدمة ذات الفرص من زيارة موقع الضبعة والتفاوض المباشر مع اللجنة الوطنية المشكلة لهذا الغرض وتبادل الزيارات المتخصصة فى الخارج للتعرف عن قرب على قدرات هذه الشركات والمرور على مواقع إنشاء محطات نووية من النوع نفسه المقدم لمصر فى كل عرض، كما قامت مجموعة التفاوض المصرية بمخاطبة الشركات المقدمة للعروض بحزمة من الاستفسارات الدقيقة لعدد من الأمور الفنية والمالية والتعاقدية، وقامت الشركات المقدمة بالرد على الاستفسارات الحكومية بهذا الشأن وانتهت المفاوضات مع كل من الشركات المقدمة للعروض إلى أفضلية العرض الروسى لعدد من الأسباب. مميزات العرض الروسى أولاها: أن روسيا الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى لم تتوقف عن إنشاء وتشغيل المحطات النووية لتوليد الكهرباء على أراضيها وخارجها لأكثر من 30 عاما مستمرة مما يؤكد الثقة من قدرات المحطات النووية الروسية وتوافقها مع معايير الأمان النووى الدولية . ثانيها: قدم العرض الروسى حزمة متكاملة من برامج وآليات تدريب وتأهيل الكوادر المصرية سواء على مستوى الجهة المشغلة أو الجهة الرقابية النووية فى جميع مراحل المشروع وأتاح للجانب المصرى فرصة حقيقية للمشاركة فى التصميم والإنشاء وتجارب بدء التشغيل للمحطة ونقل التكنولوجيا اللازمة فى هذا المجال، فضلا عن أفضل الشروط التمويلية من خلال قرض حكومى لانشاء أربع وحدات نووية بأرض الضبعة بأسعار تقل بشكل ملحوظ عن متوسطات السعر العالمى المتعارف عليه لمثل هذا النوع من المحطات، وكذا تسهيلات غير مسبوقة فى سداد قيمة القرض والبدء فى ذلك بعد 13 عاما من التوقيع ولمدة 22 عاما أخرى بعد تشغيل المحطة، وهو ما يعنى 35 سنة من بدء التنفيذ بما يعنى ان المحطة النووية الاولى سوف يتم سداد قيمتها من عائدات بيع الكهرباء المستخرجة منها بعد التشغيل ودون إضافة أى أعباء مالية على الموازنة العامة للدولة، أو تحميل الاجيال القادمة أى منها، وكذا نسبة فائدة ضئيلة مقارنة بتلك النسب المعمول بها فى عقود إنشاء المحطات النووية على مستوى العالم، فضلا عن ان العرض الروسى المقدم يلتزم بشكل واضح ومحدد بالتزامات مصر الدولية فى ظل ما صدقت عليه المعاهدات أو الاتفاقيات ذات الصلة بالشأن النووي، فضلا عن تخفيض المدة الزمنية الإجمالية لإنشاء المحطة النووية لمدة تصل إلى ثلاث سنوات عن باقى العروض الأخري، وهى أقل مما هو مطبق عالميا بالنسبة للدول التى تطور برامج لإنشاء وتشغيل محطات نووية سلمية لتوليد الكهرباء على أراضيها لأول مرة، وذلك استجابة للمطلب المصرى فى هذا الشأن وتعزيز السرعة سد الفجوة بين إجمالى إنتاج الطاقة المولدة فى مصر والاستهلاك المتزايد دعما لخطط التنمية المطلوبة وتلبية متطلبات المشروعات التنموية الكبرى فى جميع المجالات. ثالثا: الاتفاقية الحكومية للتعاون فى مجال إنشاء وتشغيل المحطات النووية لمحطات الكهرباء على أرض مصر، وهى تعتبر الإطار الحكومى الحاكم بين الدولتين فى مجال إنشاء وتشغيل المحطات النووية، تجسد التزامات الطرف الروسى السياسية والقانونية والفنية وفيما يتعلق بهذا المجال بموجب هذا الاتفاق تم تدشين علاقة استراتيجية طويلة المدى بين البلدين تتعدى نطاق التعاقدات النمطية والتى لها الطابع التجارى بالأساس بحيث تضمن مصر من خلال العلاقة الاستراتيجية ضمان استدامة التشغيل الآمن والمستمر للمحطات وتوريد الوقود النووى اللازم طيلة عمر المحطة الافتراضى (60عاما)، وايضا الإمداد المستمر لجميع أنواع قطع الغيار والمستهلكات اللازمة لتشغيل المحطة وصيانتها ،كما تضمن الاتفاقية قيام الجانب الروسى بتدريب وتأهيل الكوادر المصرية ومشاركتها فى جميع المراحل، بدءا من التصميم مرورا بالإنشاء وحتى التشغيل التجارى مما يؤدى بالضرورة الى نقل وتوطين التكنولوجيا النووية بالقدر الكافى لأمان تشغيل وصيانة المحطة، كما تتضمن الاتفاقية ايضا تعظيم دور الصناعة المحلية فى مراحل المحطة بنسبة لا تقل عن 20% من قيمة التعاقد ويمكن زيادتها تدريجيا وصولا إلى تشغيل الوحدة الرابعة من المحطة بنهاية عام 2025 . وعلى الجانب الآخر، تلتزم الحكومة المصرية بتوفير الإجراءات والتدابير الضرورية لتمكين الجانب الروسى من البدء فى تنفيذ المشروع وتهيئة البنية التحتية اللازمة على أرض الضبعة وإتاحة كل السبل المطلوبة لاستقدام الخبراء الروس وإعاشتهم خلال مدة تنفيذ المشروع، وذلك كله بما يتوافق والقوانين والتشريعات المصرية القائمة، كما تلتزم الحكومة المصرية بأنشطة التنظيم والرقابة النووية، بدءا من استصدار إذن قبول الموقع ومراجعة التصميم الهندسى للمحطة مروار بمنح إذن الإنشاء ،ثم إذن البدء فى تحليل الوقود النووى وإجراءات ما قبل التشغيل وصولا لمنح رخصة التشغيل للمحطة فى التوقيتات المنصوص عليها بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية، أخذا فى الاعتبار المعايير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذا المعايير والأكواد المطبقة بدولة روسيا الاتحادية، مما يضمن تحقيق أعلى معدلات الامان النووى والاشعاعى والأمن النووى والضمانات النووية المعمول بها دوليا. وقد تم إبرام هذه الاتفاقية بما لا يتعارض والقوانين والتشريعات والصكوك الدولية الملزمة لكل من البلدين كون كل منهما طرفا فى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية . القانون رقم 7 لعام 2010 بشأن تنظيم الانشطة النووية والاشعاعية فى اللائحة التشريعية ينص على تطوير وإصدار المعايير والتنظيمات واللوائح بأنواعها المختلفة ذات الصلة بالأنشطة النووية والاشعاعية، ومن بينها تلك المطبقة على محطات القوى النووية لتوليد الكهرباء، كما أتاح ذات القانون التعاون مع الجهات النووية والرقابة المماثلة على مستوى العالم وخاصة الدولة الموردة للتكنولوجيا النووية، وفى هذا الإطار وضمن حزمة الاجراءات الحكومية التى اتخذتها مصر خلال الفترة الماضية للبدء فى انشاء برنامجها النووى السلمى لتنفيذ عدد من المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وأولاها بالضبعة، فقد قامت الهيئة منذ شهر يوليو الماضى بعقد سلسلة من الاجتماعات الفنية مع الجهاز الفيدرالى للرقابة البيئية والصناعية والنووية الروسي، حيث تم تطوير برنامج للمساعدة وتقديم الدعم الفنى فى مجال التنظيم والرقابة بمحطات القوى النووية انبثق عنه تطوير خريطة طريق، موضحا بها الأنشطة والتوقيتات والجهة القائمة على التنفيذ بما يتواكب مع البرنامج الزمنى لإنشاء محطة الضبعة النووية حتى عام 2026 بتكلفة مالية تمت تغطيتها من خلال القرض الحكومى المقدم من دولة روسيا الاتحادية، وقد قام 5 من خبراء هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بالسفر إلى مرسكو للاتفاق على الملامح النهائية لتنفيذ خريطة الطريق المشار إليها، والتدقيق فى بنودها بما يضمن نقل الخبرة والمشاركة فى جميع بنودها بين الخبراء المصريين والروس.