هو مؤلف غريب فى فكرته.. مثير فى عرضه.. متمكن فى ترجمته. انه كتاب حمل عنوان الطب الامبريالى والمجتمعات المحلية, قام بتأليفه د. رافيد أرنولد مدرس التاريخ بجامعة لانكستر البريطانية وترجمه د.مصطفى ابراهيم فهمى. تناول الكتاب فى مقدمته محاولة تجميل وجه الاستعمار القديم، وشرح كيف كان الاستعمار فى الدول العربية والافريقية مفعما بالفوائد الجمة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وعرض كيف كان للطب الغربى دور مهم فى مستعمراته التى لاتغيب عنها الشمس. ويعترف الكاتب بان الطب الغربى له انجازات تعد من حسناته رغم قسوة وجود الاستعمار الجاثم على اراضى الشعوب ينهل من خيراتها، وعرض وربط بين التوسع الاستعمارى والتقدم الطبى. وأخذ يطنطن بأنه اقتلع جذور الكوليرا والسل من الدول الفقيرة الواقعة تحت نير الاستعمار وكانت تسبح فى الفقر والجهل, وبصفة خاصة الدول التى كانت تقطن حزام المناطق الحارة والمدارية. وابتكر الاستعمار علم الامراض (الباثولوجى) وعلم الادوية (القربازين)وعلم المناعة. وعلى مدى 300 صفحة حملت عشرة فصول وقام بالاشتراك فى تحريرها عشرة من كبار أطباء انجلترا، طرحوا كيف كافحوا مرض الجدرى وطب المستعمرات فى الهند، ونيوزيلاند، ومرض الكوليرا فى الفلبين, والطاعون فى الهند، والانفلونزا فى رودبسيا الجنوبية, ومرض البلهارسيا فى مصر وجنوب افريقيا, وامراض فقر الدم وسوء التغذية فى كافة المستعمرات. وعن مصر طرح الكتاب احصائية تقول إن 47فى المائة من المصريين كانوا مصابين بمرض البلهارسيا سنة 1937 (أى منذ 78 عاما). وقدر عدد المصابين ب 20 مليون مريض فى السبعينيات وشرح انه بين اطفال مدرسة الاقصر الابتدائية بلغت نسبة الاصابة 80 فى المائة من الاطفال. المؤلفون العشرة حاولوا فى هذا الكتاب ان يجملوا ادارة بلادهم لمستعمراتها ويؤسسوا شرعية للاستعمار بإرتداء البالطو الابيض لحماية الشعوب من وباء كان ليحصد الملايين لولا معامل المستعمر وعلومه.. ولم يذكر المؤلفون حرص المستعمر على بقاء البلاد متخلفة، ونهبه خيراتها، ونفى كل من يحاول رفع شعار الحرية وطرد المستعمر، فكم من رجال عظماء تم نفيهم خارج البلاد، وكم من شباب قتلهم رصاص المستعمر لأنه طالب بالحرية، وكم من موارد طبيعية تم نهبها من ذهب والماس ونحاس واقطان وبترول وموارد بشرية وسرقة العقول العلمية الواعدة واغرائها بالمال والمعامل المجهزة والنشر العلمى.
الكتاب : الطب الامبريالي والمجتمعات المحلية المؤلف: دافيد ارنولد وآخرين الترجمه: د. مصطفى ابراهيم فهمي الناشر: المركز القومى للترجمة الطبعة الثانية