مساعد رئيس حزب حماة الوطن الدكتور محمد أسعد: خدمة الوطن شرف والتزام ومسؤولية    مؤشرات الأسهم الأمريكية ترتفع مدعومة بأسهم قطاع التكنولوجيا    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات جهاز رعاية وتشغيل الشباب    بوتين: نسخ منتجات الآخرين يهدد السيادة وروسيا ستعتمد على ثقافتها في تطوير الذكاء الاصطناعي    الخارجية الروسية: الكرملين سيصدر تعليقا على تصريحات ترامب بشأن إلغاء لقائه مع بوتين    سكولز: صلاح أسوأ أفضل لاعب في العالم    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    غانا تتقدم على مصر بهدف في الشوط الأول بتصفيات أمم إفريقيا للسيدات    الخطيب: الأهلي صاحب الفضل على الجميع.. وحققنا نجاحات كبيرة على كل المستويات    ضبط 600 كيلوجرام جبنة بيضاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالخصوص    «جريمة المنشار».. المتهم بقتل صديقه في الإسماعيلية: أبويا ملوش ذنب.. وحطيت جزءًا منه تحت سرير أختي    حبس الملاكم المتهم بضرب زميل شقيقه ووالده في مشاجرة بالشيخ زايد    مهرجان الجونة السينمائي يستضيف ندوة صناعة الأغاني للسينما والدراما    لجنة الثقافة والفنون بالمجلس القومي للمرأة تنظم ندوة "رسائل نساء أكتوبر"    النيابة الإدارية تختتم دورة تدريبية حول آليات التحقيق والتصرف لأعضائها بالمنيا    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    انفجار داخل مصنع وسط روسيا يسقط 10 قتلى    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    لجنة "السياسات الإعلامية" تعقد أولى اجتماعاتها برئاسة خالد عبد العزيز    25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية    الرقابة المالية تلزم الشركات والجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتعزيز بنيتها التكنولوجية والأمن السيبراني لديها    حكم نهائي.. استبعاد هيثم الحريري من انتخابات مجلس النواب بسبب موقفه التجنيدي    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟| أمين الفتوى يجيب    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    عبد المنعم سعيد: الحزب الجمهوري يرفض إرسال جنود أمريكيين لمناطق نزاع جديدة    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    لقاء حول نظام البكالوريا الجديد خلال زيارة مدير الرقابة والتفتيش ب«التعليم» لمدارس بورسعيد    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    البنك الأهلي يحصل على شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية رجل غلب «المقريزى»!
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 11 - 2015

يبدأ زمن هذه الحكاية ...فى عام 1940 ويمتد لخمس سنوات، أما الأحداث فتدور فى منطقة العتبة الخضراء الشهيرة بوسط البلد، وتحديدا فى مقر إحدى دور النشر بمصر المحروسة.
ولكن قبل أن نتعرف على ما حدث، يكون سؤالنا..أين هذا الذى لم يحب القاهرة ويقع فى هواها؟ فهى الوريثة لكل حكايات بر مصر، مدينة بلا بداية أو نهاية، أيامها ممتدة وعمرها موصول. فكل من عاش فيها، هو قصة من قصصها، فلا هى وطن لأولاد البلد وحدهم ولا المتمصرين، ولا المعممين فحسب أوالمطربشين، ولا هى مدينة الأحياء الراقية بشوارعها المتسعة، ولا الحوارى الشعبية التى تضيق عند كل عطفة وزقاق....فهى كيان متعدد متنوع يعرف القصر والبيت و الحارة والشارع.
ولهذا يبدو لى أن كل من جلس على مقهى فى ساعة عصارى ، لابد وأن يكون قد دارت فى رأسه نفس الخواطر التى دارت فى رأس حسن قاسم.
أما من يكون حسن قاسم؟ فهو واحد من ملايين البشر الذين جاءوا إلى بر مصر، وإن كان لم يتوقف عند حدود الخواطر التى يمكن أن تشغله فى ساعة عصارى. هو أحد المغاربة المنتمين لعائلة عريقة، لكنه وجد أن ما عرفه ودرسه فى بلاده لا يقارن بأى حال بما رآه فى القاهرة. فهذا الكيان الرحب والجميل تجاوز كل ما قرأه ورآه، ولهذااختار أن يكتب ويرصد ويتابع كل تفاصيل القاهرة التى غزت قلبه وعقله.
نذكركم اننا فى بدايات القرن العشرين، وأن القاهرة التاريخية التى رآها حسن قاسم كانت لاتزال حاضنة لبيوت ذات مشربيات تحار العيون فى جمالها، ومدارس وتكايا وخانقاوات ومساجد كان الناس يأتون إليها ليتعلموا. كانت المياه تجرى فى الأسبلة، ورائحة الريحان والنعناع والياسمين تسيطر على المكان.
ظهر كل هذا الود فى متابعة حسن قاسم للقاهرة المتحضرة، وبعد زمن على اشرافه على مجلة «هدى الاسلام»، وجد أنه، بعد مضى هذه السنوات من البحث وراء معالمها التاريخية وخططها القديمة و تراجم علمائها وأنساب أسرها، يمكنه التصدى لكتابة موسوعة كاملة تحمل اسم «المزارات الإسلامية والآثار العربية فى مصر والقاهرة المعزية».
فالمعروف أنه كان نسابا يحاول اقتفاء أثر الأسر ومعرفة أنسابها، إلا أنه، فى هذا العمل الذى صدر فى ست أجزاء فى الفترة ما بين عامى 1940و 1945،كان نسابا للقاهرة، بكل عصورها ، وإن حالت الحرب العالمية الثانية بينه وبين وجود ورق للطباعة، فأصبح الحصول على نسخ وافية من هذه الموسوعة عزيزا.
ومع هذا لم يتوقف، فإصدار موسوعة متكاملة عن آثار المحروسة ظل الهدف، وهو ما يمكن أن يلحظه القارئ للأجزاء الأولى من موسوعته، التى أعتبرها أوفى مصدر لتاريخ مساجد القاهرة والقطر المصرى، ونتيجة لبحث ومشاهدات وتحقيقات دُونت على مدى أعوام وسنوات طوال.
الموسوعة فى بدايتها تستعرض فقه العمران، وأفكار العمارة الإسلامية فى مصر، والطفرة الكبيرة التى شهدتها عمارة المساجد فى القرنين الثامن والتاسع الهجرى.
يحدد حسن قاسم عدد الآثار الاسلامية الموجودة بالقاهرة، و يبدو واثقا من وجود ما يزيد عن 600 أثر من بينها نحو 400 جامع و مسجد وقبة أثرية، والبقية موزعة بين قصور وأسبلة و فنادق وحمامات، ليضيف إليها مساجد آل البيت وآثار المسلمين الأوائل والصالحين، وعدداً من المساجد التى أنشئت فى عهد أسرة محمد على.
كما يؤكد أيضا وجود 300 أثر إسلامى مهم اندثر مع مرور الزمن، بداية من القرن الأول وحتى القرن الثانى عشر الهجرى، مع تحديد أماكنها و بيان موقعها. ولا يكتفى بهذا، فالتاريخ بشر ورجال ومواقف، ولهذا يذكر تاريخ كل دولة مع بيان ملوكها ووزرائها وعلمائها وصالحيها.
ولهذا فأنت عندما تقرأ والكلمة لحسن قاسم-عن القاهرة المعزية، ترى ماضيها وحاضرها وعابرها وغابرها، والكلام على تأسيسها وخططها ومسالكها وشوارعها وحاراتها وأزقتها، ودروبها وخلجانها وقناطرها وأبوابها كاملة، وحماماتها وأسواقها، ومساجدها الجامعة، ومزاراتها ومشاهدها وسقاياتها ومدارسها ومعاهدها العلمية، مستدركين ما فات العلامة صاحب الخطط تقى الدين المقريزى، الذى يرجع إليه الفضل الأكبر فى تمكيننا من هذا العلم، مصححين بعض ما وقع من أغلاط فى خطط الوزير على مبارك باشا.
مرة أخرى يؤكد المؤلف قدراته، فيذكر كل الجوامع والمساجد، ومنها جامع عمرو، الذى يحمل رقم الأثر 319، مبيناً مساحته وبدء البناء فى عام 21 من الهجرة ، ثم يشير إلى أسماء كل من زادوا فى مساحته وأولهم عمرو بن العاص ثم مسلمة بن مخلد والى مصر فى عهد معاوية بن سفيان، وكل من أضاف إليه فى عصر الدولة الأموية ومنهم عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز، وحتى صالح بن على أول أمير لمصر فى عهد الدولة العباسية، ثم عمارة الاخشيديين والفاطميين وصلاح الدين الأيوبى وبيبرس وقلاوون، ومحمد على باشا والخديو عباس حلمى الثانى والملك فؤاد، ليصل إلى مشروع تجديده الذى طرح فى الأربعينيات.
وليست المساجد وحدها هى كل ما يشغله، فهناك الأبواب والمسالك والطرق، وأطول شوارع القاهرة العتيقة المار من الحسنية وحتى مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها والذى قدر طوله بنحو 460 مترا ويضم 1200 حانوت.
أما القصور، فيكفى أن نعرف أن القصر الواحد بلغت مساحته ما يماثل جميع الأرض التى يوجد عليها بيت القاضى و مسجد الحسين ، وخان جعفر، والباب الأخضر، وبيت المال، والمدرسة الظاهرية القديمة، والمدارس الصالحية، وشارع القمصانجية، وجميع الأرض التي يقوم عليها خان جركس الخليلي، ومدخل السكة الجديدة أو القائد جوهر الآن، والربع الأخير من شارع الصنادقية إلى بعض ميدان الأزهر فشارع الحلوجي، فرأس شارع الشنواني، فشارع فريد ، فقصر الشوك، فسبيل عبد الرحمن كتخدا وقصر بشتاك، ومدرسة النحاسين. ويحكى قاسم أن بيوت القاهرة كانت من خمس أو ست طبقات فى عهدها الأول، كما لا ينسى ذكر تخريب الحملة الفرنسية لبعض الدور عند بركة الرطلى وجامع الرويعى وخاير بك المقابل لباب الفتوح، ويتحدث عن قصة أم الخير زينب- من سكان حارة الباطلية بالجمالية- التى تحملت عن طيب خاطر نفقة فتح الطريق من باب البرقية من مالها الخاص.
وينتقل إلى القاهرة فى زمن الملك فاروق، فينتقد اطلاق اسم الشيخ جمال الدين الأفغانى على شارع القشاشين، وكان الأولى به - فى رأيه - شارع البيطار لتلاقيه بشارع تلميذه الإمام محمد عبده.
أما تاريخ السرايات القديمة، مثل سراى أيتميش بشارع باب الوزير، فيحكى قاسم قصة المكان الذى يعكس «لعبة السلطان»، فيشتريه الملك الاشرف برسباى المملوكى، ومن بعده خاير بك أول حاكم عثمانى على مصر ثم يسكنه الأمير إبراهيم أغا مستحفظان.
تواريخ و أسماء وحكايات لشخصيات كادت أن تضيع سيرتها لولا هذه الموسوعة، التى أضاف إليها الكاتب تعديلات وتنقيحات ليصل عدد المجلدات إلى 10 أجزاء، والتى تصدرها قريبا مكتبة الاسكندرية بعد الحصول على نسخة أصلية بمبادرة كريمة من الشيخ على جمعة، ليتم تحقيق هذا العمل الكبير بالاشتراك مع المجلس الأعلى للآثار.
يكفى أن هذه الموسوعة الأم وصفت الفسطاط ومدينة القطائع ومنطقة الحمراء القصوى التى عاش بها المسلمون الأوائل وجبل المقطم وصحراء المماليك، و أنها أوصلت الماضى بالحاضر عندما ضمت المساجد التى أنشأتها هيئة الأوقاف فى الأربعينيات.. ويبقى أن نقول ... أليس من الواجب الالتفات أيضا إلى نشر أعمال أخرى تكاد تندثر،قدمها كبار الأثريين المصريين، بداية من أحمد كمال باشا الذى لم تنشر موسوعته إلى الآن، ومرورا بحسن عبد الوهاب وعبد العزيز صالح وسيدة الكاشف وغيرهم..فمتى نقرأ هذه الأعمال الجليلة والعلم الذى ينتفع به؟! مجرد سؤال!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.