بعد انخفاضها عالميا، تعرف على أسعار البن في السوق المحلي    تشكيل تشيلسي.. 8 تغييرات.. وبالمر على مقاعد البدلاء أمام الترجي    نيمار: جددت مع سانتوس لأنه جذوري وتاريخي وليس فريقي فقط    فلوباتير عماد.. الطالب الوحيد الحاصل على 280 درجة بالشهادة الإعدادية بالقليوبية    السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن بالفيوم دون إصابات    تعرف على شخصية دينا ماهر بفيلم "السادة الأفاضل"    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى صدر المنصورة    سعيد إيرواني: مجلس الأمن فشل في إدانة الهجوم غير القانوني على إيران    إعلام فلسطيني: قصف مدفعي عنيف يستهدف جباليا البلد شمال قطاع غزة    وظائف بنك مصر 2025.. بدون خبرة وفي مختلف المجالات (رابط التقديم)    عصام سالم: الأهلي صرف فلوس كتير وودع المونديال مبكرًا    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مهيب عبد الهادي ل محمد شريف: «انت خلصت كل حاجة مع الزمالك».. ورد مفاجئ من اللاعب    «قولت الأهلي هيلعب 3 مباريات ويرجع».. محمد عمارة ردًا على منتقديه: «أنا مش كفتجي»    موعد مباراة منتخب الشباب المقبلة في ربع نهائي بطولة العالم لليد    جدول ترتيب مجموعة الترجي في كأس العالم للأندية قبل مباريات اليوم    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    مُعلم يصنع التاريخ.. جراى نجم أوكلاند الأفضل فى مواجهة بوكا جونيورز    «الطقس× أسبوع».. حار إلى شديد الحرارة رطب نهارا يصاحبه رطوبة وشبورة ورياح بالمحافظات    مصرع وإصابة 8 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري الأوسطي في حلوان    بالأسماء.. ننشر أوائل الشهادة الإعدادية بالقليوبية 2025 بعد اعتماد النتيجة رسميًا    إعلام فلسطيني: قصف مدفعي عنيف يستهدف جباليا البلد شمال قطاع غزة    الأعلى للثقافة يصدر بيانًا بشأن موعد التصويت على جوائز الدولة لعام 2025    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    أمين الفتوى: الإشباع العاطفي حق أصيل للزوجة    خالد الجندي: النبي عبر عن حب الوطن في لحظات الهجرة    الأردن: أولويتنا هي غزة وفلسطين بعد حماية المملكة والأردنيين    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    أبرزها اللب الأبيض.. 4 مصادر ل «البروتين» أوفر وأكثر جودة من الفراخ    مطروح تدرس تشغيل خط طيران مباشر إلى القاهرة لتيسير حركة المواطنين    بؤر تفجير في قلب العالم العربي ..قصف إيران للقواعد الأميركية يفضح هشاشة السيادة لدول الخليج    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    وزير الخارجية الإيراني: برنامج النووي مستمر    البنتاجون: إيران ما زالت تتمتع بقدرات تكتيكية ملموسة    حسام بدراوي: أرفع القبعة لوزير المالية على شجاعته.. المنظومة تعاني من بيروقراطية مرعبة    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    كان بيعوم.. مصرع طالب ثانوي غرقا بنهر النيل في حلوان    أب ينهي حياة ابنه وابنته في قويسنا بالمنوفية.. والأمن يكثف جهوده لكشف غموض الواقعة    اقتراب الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها وتراجع أسعار النفط    الشاعر: 1410 منشأة سياحية غير مرخصة.. ولجنة مشتركة لمواجهة الكيانات غير الشرعية    حفل غنائي ناجح للنجم تامر عاشور فى مهرجان موازين بالمغرب    فرصة مثالية لاتخاذ قرارات حاسمة.. توقعات برج الحمل اليوم 25 يونيو    التسرع سيأتي بنتائج عكسية.. برج الجدي اليوم 25 يونيو    معطيات جديدة تحتاج التحليل.. حظ برج القوس اليوم 25 يونيو    زوج ضحية حادث الدهس بحديقة التجمع عبر تليفزيون اليوم السابع: بنتي مش بتتكلم من الخضة وعايز حق عيالي    سفارتنا في بوليفيا تشارك في عدد من المعارض للترويج للمتحف المصري الكبير    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    رسميا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    حسام بدراوي: الانتخابات كانت تُزور في عهد الرئيس الأسبق مبارك    رسالة أم لابنها فى الحرب    "إسرائيل وإيران أرادتا وقف الحرب بنفس القدر".. أخر تصريحات ترامب (فيديو)    «يعقوب» و«أبوالسعد» و«المراغي» يقتنصون مقاعد الأوراق المالية بانتخابات البورصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مواجهة حرب الهويات...
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 11 - 2015

تطرح قضية الهوية نفسها، بقوة، فى أوقات الأزمات التاريخية الكبري. ويقينا فإن الهوية التى كنا نتصورها محصنة تجاه أية تغيرات، لم تستطع أن تقاوم ما حل بالمنطقة من رياح تغيير عارمة. كذلك الهوية التى فهمنا أنها تمتلك إجابة نهائية تاريخية تمكنها من أن تعبر بها اختبارات التاريخ بما تحمل من وقائع جدية وجادة لم تستطع أن تجيب على أى من الأسئلة التى حملتها الوقائع الجديدة ذات الطبيعة المركبة.
وأن أسطورة الهوية الساكنة: غير القابلة للمراجعة، ذات المرجعية الحاكمة والقدرة على الضبط والتسيير لإرادات الأفراد، قد أصيبت بالعطب. فلم تستطع إدراك المستجدات ومن ثم فإن مرجعيتها باتت فى غير سياق. فلقد حل بالمنطقة تحولات غير مسبوقة فى تاريخها. تحولات متعددة ومتداخلة تجسدت فى العديد من التجليات منها: الحركات العربية، والإقصاءات الثقافية، والتفاوتات المجتمعية، والممارسات العُنفية، وحروب متعددة المستويات، ومطالبات تغيير مجتمعية متنوعة، وضغوط شبابية، وتجاوزات حقوقية،...،إلخ، ما أدى إلى إحداث انقسامات عميقة فى بنى المجتمعات العربية وانتشار ما أطلقت عليه مبكرا: «فيروس التفكيك»؛ من جهة.
ومن جهة أخري، كشفت عن سوء أداء الدولة الوطنية وبخاصة دولة ما بعد الاستقلال فى «تطوير الوسائل الفاعلة لاستيعاب الأقليات القومية والدينية والإثنية». والنتيجة النهائية هى ما نشهده فى مواضع كثيرة من تزايد الاختلافات بين أعضاء مجموعة قومية وأخري،كذلك بين أعضاء مجموعة دينية وأخري،وبين أعضاء المجموعات القومية والدينية، وبين المجموعات الإثنية وكلما سبق،...،إلخ.وفى المحصلة،تنامى غياب الاستقرار السياسى وإطلاق استخدام العنف بغير ضوابط. وبلغة أخرى انفجرت الهويات الكبري، و«تشظت» إلى هويات صغرى تمترس بعضها فى مكانه وبعضها اجتاح مساحات من الأرض اجتزأها لصالح هويته الصغيرة الجديدة التى نتجت عن الانفجار. والأخطر هو «تحارب» هذه الهويات.
وما يجب تسجيله هنا، هو أن الهويات الصغيرة التى تنطلق فى ربوع «الجغرافيا العربية» تكون لنفسها أطرا بعيدة عن الإطارات التاريخية الكلاسيكية السياسية المتعارف عليها: الإمبراطورية الجامعة، أو القومية الدولتية (نسبة للدولة)،...،إلخ.حيث تنتزع شرعيتها «بالإكراه»، وتبلور «هوية مقاومة» Resistance Identity (بتعبير مانويل كاستلز). ويقصد بها الهوية التى يتبناها الفاعلون السياسيون والاجتماعيون والدينيون الذين قرروا أن يمارسوا دورهم بمعزل عما هو قائم بل ومحاربته وإسقاط الدولة بمعناها التاريخي. أو اضعف الإيمان إقامة البديل الموازي، أو الانصراف كليا عما هو قائم والاكتفاء بالحياة على قاعدة الخصوصية المختلفة، أو الخصوصية النقيض لخصوصية الأغلبية،...،إلخ.
وهنا بالضبط تكمن الخطورة، فالتجربة التاريخية سواء العربية أو الأوروبية (مع الأخذ فى الاعتبار الاختلاف فى مسار التطور التاريخى بينهما وأسبقية تبلور الدولة قبل القومية أو العكس) تقول: «بارتباط التقدم بالهوية القومية الجامعة والموحدة. والقادرة على استيعاب التنوع فى أُطرٍ عصرية ديمقراطية على قاعدة المواطنة.وعلى النقيض تماما فإن ضرب الدولة وإسقاطها، وفرض الإيمان بهوية بعينها، أو ما يعرف «بالهوية المنفردة» و«ذات ارتباط أحادي»، والتعامل مع الفرد باعتباره تابعا تحت الولاية، والتحارب مع كل الهويات المختلفة، فإنه سوف يصل بنا الى التهلكة لا محالة.
إن الحروب والخصومات والتحرشات، التى تتزايد فى المنطقة والتى تنطلق وفق منطلقات الهوية والخصوصية تنذر بخطر داهم. وعليه فإن المهمة الملحة التى يجب أن نلتف حولها هى الاهتمام بتجديد «الهوية الجامعة». ومن يتابع القارة الأوروبية بما تتضمن من هويات وخصوصيات وإثنيات تعيش على أرضها. عليه أن يقف متأملا كيف استطاعت القارة العتيقة أن تُدمج دول القارة بعد عديد الانقسامات(بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي، والتدخل فى يوجوسلافيا التى جرت فى تسعينيات القرن الماضي) ونتج عنها ميلاد دول مستقلة مثل: مولدافيا، وليتوانيا، وإستونيا، والتشيك والسلوفاك،وكرواتيا، والجبل الأسود،...،إلخ، من جانب. وكيف تعايشت المنطقة العربية بكل خصوصياتها على مدى قرون، بدرجة أو اخري، من جانب آخر.
إذن، الفهم التاريخى من جهة، ودراسة الآليات المعاصرة الضامنة لمواجهة «تشظى الهويات» وعدم تركها «لحالها» «كهويات مقاومة»، من جهة أخري، مهمتان عاجلتان لتجديد «الهوية الجامعة» المركبة عل قاعدة المواطنة الثقافية. هذا سبيلنا لإيقاف حرب الهويات. وأظن هذا ما تحمله حملة حق الشهيد.
وهو أمر لن يتأتى إلا بالعمل الجماعى العربي. عمل جماعى يعيد النظر فى نظم التنشئة، ومراجعة مناهج التعليم، والمواد الإعلامية،..،إلخ...وممارسة ديمقراطية آمنة وصحية ومفتوحة تحول دون اختطاف الأفراد كأتباع للأمير، أو لتنظيم، حسب فوكو، أو لجماعة أولية أو دينية، حيث تفرض الهوية قسرا عليهم واستعبادهم لحسابها بالتالي. ومن ثم التوقف عن حروب الهويات المدمرة لصالح الشراكة لبناء الأوطان فى إطار نموذج تنموى جديد(ليس ريعيا أو تابعا)...ولايفتنا أن نشير إلى أنه فى ظل حرب الهويات تنشط الروح الاستعمارية لتجدد هيمنتها التاريخية على مقدرات المنطقة وتعمق الإلحاق والتجزئة...ونتابع...
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.