ثمة قصة إنسانية أبكت العالم فى 25 نوفمبر 1960، عندما قتل دكتاتور جمهورية الدومينكان الجنرال رفائيل تروخيللو 3 شقيقات معارضات لحكمه القمعي، وكانت المناضلة الأكثر جرأة هى الشقيقة الوسطى «منيرفا» التى تحملت جميع أنواع التعذيب، وهى التى سبق وأنقذته من الموت وهى تلميذة بمدرسة الراهبات عندما حضر حفلة آخر العام وهمت زميلتها الممثلة بتوجيه السهم الى رأسه انتقاما لقتله أسرتها لولا شجاعة «منيرفا» البريئة آنذاك لينتهى المشهد ولينجو تروخيللو ليحفر وجه منيرفا فى مخيلته، لا ليكافأها وإنما ليغتصبها، فهكذا تكون أخلاق الطغاة. فى زمن الفراشات أو الشقيقات ميرابال، تلك القصة الإنسانية، كبرت منيرفا لتفاجأ وعائلتها بدعوة من الدكتاتور لحضور حفل عام ، ثم يدعوها لمراقصته وعندما يهم بملامستها صفعته على خده، ولكنه كان متبلد الأحاسيس ولم ير فيها سوى فريسة يريد اقتناصها. دفع والد منيرفا الثمن، اعتقلوه ، فكانت الصفقة بين الدكتاتور والمناضلة التى رضيت بمقابلته من أجل اطلاق سراح والدها المريض، وعندما كسبت «لعبة الزهر» تحقق لها ما راهنت عليه بالالتحاق فى كلية الحقوق لتتعرف على زميلها المناضل، لتشاركه رحلة الكفاح ضد الظلم، وتواصل معه وشقيقاتها العمل السياسى السرى لخلع تروخيللو الذى يتحالف مع الشيطان للإمساك بالسلطة، فكان خلعه صعبا، لحين قتله منيرفا وشقيقاتها بدم بارد، فى فضيحة مدوية هزت العالم لتقرر بعدها الأممالمتحدة الاحتفال سنويا فى نفس الموعد بيوم مناهضة العنف ضد المرأة. تروى قصة «فى زمن الفراشات» أو «الشقيقات ميرابال» كيف تجرد الحاكم من إنسانيته ليكون جلادا ومغتصبا، فالطفلة التى أنقذته سعى لاغتصابها وليقتلها وعائلتها فى نهاية المطاف، ولم يكن يدرى أنه يلف الحبل حول رقبته. ربما نجح تروخيللو فى اغتيال أحلام منيرفا وشقيقاتها فى العيش فى وطن حر آمن فى زمانهن، ولكنهن أعدن للوطن حريته المسلوبة حتى بعد غيابهن. تخيل الطاغية أنه أصبح حرا من نضال منيرفا، ولكن الفراشات وإن كن فقدن أجنحتهن لم يفقدن شجاعتهن حتى وهن يموتن أحرارا، فضحين من أجل شعبهن الذى عاقب الجلاد بقتله، وليحتفلوا بالحرية على أنقاض الفراشات. لمزيد من مقالات محمد أمين المصري